البلوكيس من صنع الألمان

العرائش نيوز: 

محمد عزلي

الصورة على الأرجح التقطت سنة 1911 وهي وثيقة تؤرخ لمرحلة متقدمة من عملية بناء حاجز الأمواج الشمالي الشهير تداولا بين سكان العرائش ب “البلوكيس” والذي يبلغ طوله 750م على الضفة اليمنى لمصب وادي لوكوس بالمحيط الأطلسي، حيث تكفلت الحكومة الألمانية ببنائه مستخدمة خبرتها الكبيرة ومعداتها الجبارة في مثل هكذا مشاريع كبرى، عن طريق شركة متخصصة فوض لها العمل بناءً على ترخيص مباشر من سلطان البلاد آنذاك مولاي عبد الحفيظ بن الحسن عام 1910، بدليل الوثيقة المخزنية التي استخرجها ذ.هشام الشكدالي من مديرية الوثائق المخزنية بالرباط، ونشرت في بعض المواقع الإلكترونية والصفحات الفيسبوكية، وقد جاء ترخيص السلطان في سياق وفاء المغرب بتنفيذ الاتفاقية الموقعة سنة 1908، وهي من تبعات معاهدة الجزيرة الخضراء 1906 والتي نسقت فيها القوى الإمبريالية توجهاتها الاستعمارية واقتسمت الكعكة المغربية، فكان الاتفاق على تقسيم مشاريع الأشغال العمومية الكبرى بالمغرب وعلى رأسها الموانئ، فتكفلت ألمانيا بمينائي طنجة والعرائش، بينما انبرت فرنسا لمينائي الدار البيضاء وآسفي.

إن أهمية بناء هذا الحاجز تمثلت أساسا في تأمين عملية الملاحة، وتخفيف وطأة خطورة مدخل مرسى العرائش، خصوصا أن المدينة تحمل أهمية تجارية وعسكرية كبيرة مما جعلها مستهدفة بقوة للاحتلال، وهو الأمر الذي سيحدث بالفعل في يونو 1911 من قبل البحرية العسكرية الإسبانية، وقد كانت عملية العبور إلى مرسى العرائش بالبواخر المتوسطة والكبيرة قبل هذا التاريخ شبه مستحيلة، الشيء الذي شكل تاريخيا مناعة طبيعية لثغر العرائش المحروسة ومقبرة للغزاة على اختلاف دمائهم  وألسنتهم.

يذكر أن هضبة تشمس حيث يوجد موقع ليكسوس الأثري شكلت مقلع الصخور التي استعملت في تشييد حواجز الأمواج ثم الميناء بعد ذلك، الشيء الذي يحيلنا على بعض الاستفهامات المقلقة أهمها: ألم يكن الحفر داخل المجال الأثري لمدينة ليكسوس الضاربة في عمق التاريخ – تاريخ التأسيس 1180 قبل الميلاد – ؟ ألم تسفر العملية برمتها إلى إتلاف معالم حضارية وبنيات إنشائية كانت تحتاج لحفريات علمية أركيولوجية وليس الإضرار بالتراث الإنساني بعشوائية منعدمي الضمير ؟ أليس من المرجح أن المقاولة الألمانية وعمالها وجدوا خلال فترة الأشغال لقى تاريخية مهمة وثمينة فاستولوا عليها وهربوها لموطنهم ؟


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.