قبيلتي الخلوط والطليق وإشكالية التأريخ

العرائش نيوز: 
بدر الدين الخمالي

للأسف الشديد تكاد خزانة الدراسات التاريخية والوثائقية المغربية تخلو تماما من الكتابات والدراسات التي تهتم بتاريخ قبيلتي الخلوط والطليق خاصة في فترة الدولة العلوية إلى حدود وفاة المولى الحسن الأول ثم في الفترة الممتدة من تولي المولى عبد العزيز إلى فرض الحماية الاسبانية على شمال المغرب وهي فترة غنية بالأحداث والمواقف ثم الفترة الممتدة من سنة 1912 إلى سنة 1956.
كما أكاد أجزم أنه على حد علمي لم يسبق إن تم إعداد أي بحث ماستر أو دكتوراه في شعبة التاريخ حول تاريخ قبيلتي الخلوط والطليق أو عن إحدى شخصياتها السياسية البارزة مثل القايد بوسلهام الرميقي أو القايد الخلخالي كما هو الحال مع بحوث ودراسات عديدة في التاريخ وعلم الاجتماع تناولت بالبحث والتحليل قبائل مغربية أو القبائل الجبلية القريبة مثل قبائل غمارة و بني عروس.
وغاية من تناولوا تاريخ القبيلتين إنما تم على سبيل الإشارة العابرة أو اعتمادا على مصادر متقادمة كمقدمة ابن خلدون التي تحدث فيها عن أصول قبيلتي الخلوط والطليق مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن لأبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي والناصري في الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى.
أما الدراسات الحديثة فلا نكاد نجد أي شيء حتى إن المكتبة الوطنية بالرباط تخلو من أي مرجع حديث يمكن أن يفيد في إحياء الذاكرة الجماعية لهاتين القبيلتين اللتان تتواجدان على مساحة شاسعة تمتد من مولاي بوسلهام إلى اثنين سيدي اليماني وتوجد بترابها مدينتين عريقتين هما العرائش والقصر الكبير، ووقعت بترابها أعظم معركة في تاريخ المغرب وهي معركة وادي المخازن.
ورغم أنه لا ينبغي التهويل من مسالة عدم الاهتمام بالتاريخ الحديث لقبيلتي الخلوط والطليق لكون المصيبة إذا عمت هانت كما يقول المثل خاصة وأن تاريخ مدن عريقة قريبة لمجال القبيلتين مثل العرائش والقصر الكبير وأصيلا ظل مهملا لمدة طويلة من قبل مؤرخي العصور الوسيطة، وتعرض للإهمال الفظيع من قبل مؤرخي العصور الحديثة، لولا بعض المحاولات الجادة والغيورة من الباحثين من أبناء هذه المدن ممن تولوا مهام إماطة اللثام عن تاريخها واستعادة ذاكرتها المنسية.
واذكر هنا أستاذنا المرحوم عبد الرحيم الجباري الأصيلي الذي بدل جهدا محمودا في إعادة كتابة تاريخ أصيلا، والأستاذ المرحوم المفضل التدلاوي الذي عمل على استعادة تاريخ أعلام العرائش وعلمائها من خلال كتابه أضواء على ذاكرة العرائش ، وأستاذنا الجليل محمد عبد الرحمن بنخليفة القصري الذي قدم لمدينة القصر الكبير أولى الأعمال التاريخية التي تهتم بأعلامها وعلمائها وسيرهم العطرة، والأستاذ الجليل محمد اخريف الذي يشهد له بما بذله عبر سنوات طويلة رفقة جمعية البحث التاريخي بمدنية القصر الكبير في كتابة تاريخ المدينة و إحياء رموزها.
لقد حان الوقت من أجل إحياء الذاكرة التاريخية والاجتماعية والسياسية لقبيلتي الخلوط والطليق دونما أي خوف أو ريبة، لأنه لا ينبغي أن نخاف من التاريخ ولا من إحياء الذاكرة الجماعية ولا أن نتراجع عن الدعوة لاحترام الحق في المعرفة وكتابة تاريخ المغرب الجزئي والشامل بكثير من الثقة في المستقبل، متصالحين مع التاريخ ومع ذواتنا ومع ذاكرتنا.

ارشيف العرائش 


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.