عاشوراء في العرائش بطعم الفرح و الفرجة و بنفحة الوثنية

العرائش نيوز:

بقلم: فتحية اليعقوبي

عاشوراء في المغرب، حسب عدد من الباحثين المختصين، يعود إلى تيارات إسلامية شيعية و سنية مع بعض التأثيرات الأموية و التي اختلطت بالتأثيرات الوثنية القديمة بشمال إفريقيا.

 ما لاحظته و عشته لمدة طويلة نسبيا بمدينة العرائش، بحكم إقامتي بها بشكل دائم منذ بداية القرن الحالي، فهذه المناسبة، و هي يوم عاشوراء الذي من يصادف اليوم العاشر من شهر محرم بالنسبة لأهل العرائش، هو مناسبة يختلط فيها الاحتفال بالتدين، حيث تقام فيه طقوس و أهازيج و غناء و معتقدات كذلك، و التي سنأتي على سردها و وصفها كما عاينا،  ذلك و عشناه مع عدد من العائلات بمدينة العرائش من أصدقاء و جيران.

عاشوراء في العرائش طقوس متنوعة تبدأ بالاحتفالات بدخول شهر محرم و تنتهي بعد العشر منه. و يمكن تقسيم هذه الاحتفالات إلى محاور منها الديني و العقائدي و الاحتفالي و عاشوراء في العرائش بطعم الفرح و الفرجة و بنفحة الوثنية.

عاشوراء  في المغرب حسب عدد من الباحثين المختصين يعود إلى تيارات إسلامية شيعية و سنية مع بعض التأثيرات الأموية و التي اختلطت بالتأثيرات الوثنية القديمة بشمال إفريقيا.الاجتماعي و الاقتصادي كذلك.

فعلى المستوى الديني، نجد شريحة مهمة من المواطنين و المواطنات يحرصون (ن) على صيام يوم عاشوراء بل و حتى اليوم الذي يسبقه، و اليوم الذي يليه تيمنا و طمعا في المغفرة من الذنوب لسنة كاملة، كما جاء على لسان بعض الفقهاء. و ترافق الصيام الصدقات و زيارة الأهل و الأحباب (صلة الرحم)، كما يرتبط هذا الطقس بالمعتقدات الإسلامية و عملا بوصية الرسول بالابتهاج و التيمن بالنبي موسى و انتصاره على الفرعون في نفس اليوم من العاشر من محرم.

على مستوى الابتهاج و الاحتفال، تعمل النساء و الفتيات على التجمع في بعض الأحياء القديمة و الشعبية بالخصوص في شبه حفلات للغناء و الرقص و إشعال النار. و هذه العادات تتميز بالتداخل بين  عادات و ممارسات و طقوس، بعضها مستوحى من الثقافة الدينية و بعضها من الذاكرة الشعبية الموروثة عن الأسلاف، باعتبار أن إدخال الفرحة على النفوس هي جزء من المعتقدات الإسلامية.

على المستوى الاجتماعي، تجتمع العائلات و الأحباب و الأصدقاء و الجيران ليلة عاشوراء على وجبة الكسكس بالقديد الذي يتم إعداده من لحم خروف عيد الأضحى المجفف، و خاصة ذيل الخروف أو ما يسمى(بالذيالة) مع إعداد الشاي، و أكل “الفاكية” ليلا بعد شراءها من سوق عاشوراء.

يتزامن هذا الطقس الاجتماعي مع زيارة سوق عاشوراء الذي يقام في إحدى أجزاء المدينة، حيث يشتري الأطفال اللعب و الدفوف و “البنادر”،  و ما إلى ذلك حسب المستوى المادي الأسر، و كذلك الحلويات و الفواكه الجافة و المعروفة (بالفاكية).

على مستوى بعض الطقوس و الممارسات العقائدية الشعبية، تقوم النساء خاصة بزيارة المقابر مصحوبات بالأطفال في غالب الأحيان، حيث يزرن أطفالهن الرضع المتوفين، و يتصدقن بقوارير الماء الطينية التي يشترينها من سوق عاشوراء. كما تقوم الأمهات بقطع خصلات من شعر بناتهن اعتقادا منهن أن هذه العملية تمكن بناتهن من الحصول على شعر حريري طويل.

و هناك تقليد آخر يصاحب الاحتفال بعاشوراء، و هو التراشق بالماء البارد و يسمى “بيوم زمزم”. و هذه الطقس بالذات، يعود إلى طقوس الديانة اليهودية حسب بعض الباحثين، كان يتمسك بها اليهود المغاربة منذ عدة قرون، حيث كانوا يعتقدون أن الماء كان سببا في نجاة النبي موسى من بطش فرعون  و جنوده.

على المستوى الاقتصادي، يحدث نوع من الرواج التجاري المرتبط ببيع  اللعب و الملابس و الحلويات و الفاكية، و يتم كذلك إخراج الزكاة و تسمى( العْشُور).

من بين بعض العادات التي عايناها يوم عاشوراء بالعرائش، و هي إشعال النار في بعض الأزقة و خاصة في المدينة القديمة و بعض الأحياء.

و ارتباطا بذلك، تنتشر يوم عاشوراء في بعض الأوساط طقوس السحر و الشعوذة، حيث يختلط الديني بالوثني و يسمونها “ليلة المجمار”، خاصة “الشوافات” و بعض المشعوذين و المشعوذات، و من النساء اللواتي ضاقت بهن الحياة، و ذلك بهدف جلب الحظ السعيد و ترويض الزوج و جلب الحبيب و التفريق بين الأحبة في اعتقادهن، و هذه المسألة مرتبطة بجميع الشرائح الاجتماعية من موظفين كبار و رؤساء مصالح و مثقفين و أميين.

كما تنتشر في هذا اليوم بعض الممارسات السيئة و الخطيرة منها،   إطلاق المفرقعات حيث تتحول بعض الأحياء و الشوارع إلى ساحات للحروب، و تتحول الاحتفالات إلى فوضى و شبه  تبادل لإطلاق النار، مما يهدد حياة المواطنين و المواطنات و خاصة الأطفال.

هذه بعض من مظاهر الاحتفال بعاشوراء بالعرائش، و ربما هناك طقوس أخرى لم استطع الاطلاع عليها أو أغفلتها سهوا و يمكن إضافتها أو التنبيه لها.


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.