الشرايبي: الأطباء خائفون وبدأوا يرفضون عمليات الإجهاض القانوني.. ونريد إضافة 3 كلمات للفصل 453 من القانون الجنائي

العرائش نيوز:

عبد الرحيم سموكني

أعادت قضية اعتقال صحافية بتهمة الإجهاض والفساد موضوع تقنين التخلص من الحمل غير المرغوب فيه إلى الواجهة من جديد، فبين من يرى أن للمرأة وحدها الحق في اتخاذ قرار يتعلق بجسدها ومستقبلها، يرى المعارضون أن لا قرار لها في سلب الحياة من كائن لا سلطة له، وبين مناصري تقنين الإجهاض والمعارضين، لا يكف الإجهاض السري عن النمو، ليلبس اليوم حلة تقليدية أكثر فتكا بالحوامل، بسبب الخوف المتنامي لدى الأطباء من دخول السجن.

في هذا الحوار مع “تيلكيل عربي” يتحدث البروفيسور شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، عن واقع الإجهاض بالمغرب، وعن مخاطر منعه، وكيف أصبح الأطباء متوجسين من إجرائه رغم كونه ناجما عن اغتصاب أو يحمل تشوهات خلقية.

توالت مؤخرا عمليات توقيف أطباء بسبب إشرافهم على عمليات إجهاض، في مراكش وبني ملال ثم الصويرة ومؤخرا في الرباط، هل لهذا تأثير على الأطباء خاصة المتخصصين في التوليد وطب النساء؟

صار الجميع اليوم متخوفا من القيام بعمليات الإجهاض، وهناك أطباء كثر يرفضون اليوم القيام بها، رغم أنها قانونية، وقد حضرت حالات أطباء رفضوا ذلك رغم أن الوالدين أرادا التخلص من الحمل بعد أن تبين لهما أنه يحمل تشوهات خلقية، وهناك مستشفيات رفضت إجراء إجهاض لحالات حمل ناتجة عن اغتصاب. هذا الخوف أدى إلى نتيجة عكسية تتجلى في العودة إلى الأساليب التقليدية لإنزال الجنين، عبر تناول الأعشاب أو إيلاج مواد عن طريق المهبل للإجهاض، وهذا ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحة المرأة قد تؤدي إلى وفاتها، وتصلنا حالات إلى المستشفيات لحالات نساء حاولن إجهاض أنفسهن بوسائل بدائية وتقليدية، وغالبا ما يلجأن إلى المستشفيات عندما يصلن إلى أوضاع متدهورة.

وما أود أن أشير إليه هنا هو أن التخلص من الحمل غير المرغوب فيه سيتواصل هنا، وفي كل مكان وزمان، وهو موجود عبر التاريخ، وهو حل لإنقاذ الحياة والحفاظ عليها.

“التغاضي عن تقنين الإجهاض يسقطنا في مشاكل أخطر، ويفرز لنا آفات اجتماعية كالانتحار وجرائم القتل باسم الشرف، وينتج لنا أمهات عازبات تخلى عنهن الجميع”

كيف يمكن للإجهاض أن يكون حلا لإنقاذ حياة ما؟

علينا أن نعلم أن الإجهاض ليس مقرونا دائما بالفتيات العازبات أو المغتصبات، هناك أمهات وربات أسر متزوجات، ممن يستعملن موانع العمل، لكن حدث لهن حمل غير مرغوب فيه، فمثلا أم لها أربعة أطفال، وتجد نفسها غير قادرة على الإنجاب بسبب وضعها المادي أو الاجتماعي، وتكون على اتفاق مع الزوج على ضرورة الإجهاض، ومع ذلك تجدها ممنوعة من الإجهاض.

هناك حالات لفتيات حبلن خارج إطار الزواج، وفضلن الانتحار على تحمل تبعات الاحتفاظ بحملهن، وهناك أيضا “جرائم شرف” ارتكبت أيضا بسبب الحمل، هذا دون الحديث عن لجوء بعضهن إلى التخلص من أجنتهن عبر رميهن في حاويات القمامة أو التخلص من صغارهن أمام أبواب الخيريات في أحسن الأحوال.

من هذا المنطلق، أرى أن الإجهاض يبقى حلا لإنقاذ مصائر أشخاص كثر، ثم إن الخطير في الأمر هو أن يتحول منع الإجهاض إلى تأزيم للوضع بشكل أكثر، وتلجأ النساء إلى السرية وتبني الطرق البدائية التي تشكل خطرا كبيرا على صحتهن.

إن التغاضي عن تقنين الإجهاض يسقطنا في مشاكل أخطر، ويفرز لنا آفات اجتماعية كالانتحار وجرائم القتل باسم الشرف، وينتج لنا أمهات عازبات تخلى عنهن الجميع، تضطر بعضهن إلى التخلص من حملها بشتى الطرق، أو الاختباء لغاية وضعه ثم التخلص منه، إن ما نراه اليوم من أطفال متخلى عنهم في شوارع المدن ما هو إلى أحد النتائج لسياسة دفن الرؤوس في رمال اللامبالاة، وللإشارة فمعظم الدول المتقدمة تقنن الإجهاض وهي دول تحترم ديانتها وللكنيسة فيها تأثير، ومع ذلك قننت الإجهاض، ومنحت المرأة، لوحدها، قرار بالاحتفاظ بالحمل من غيره، لأن هذا الحق في صالح المرأة وصالح المجتمع وصالح الدولة أيضا.

تواصل حركات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ضغطها على الحكومة من أجل الحصول على قانون مرن يقنن الإجهاض، أو بالأحرى يوسع الحالات التي تسمح به، هل لديكم تصور حول الحالات التي يمكن إضافتها للسماح بالإجهاض؟

يسمح القانون بالإجهاض في حالات التشوهات الخلقية للجنين والحمل الناتج عن زنا المحارم والناتج عن الاغتصاب، ونطالب بأن تتسع قاعدة السماح بالقيام به، لتشمل مثلا الفتيات القاصرات، والنساء المتزوجات اللاتي يتوفرن على أربعة أطفال وما فوق ويعانين من الهشاشة الاجتماعية، حالات المتسولات بدون سقف…

وهنا أود أن أشير إلى أن القانون الجنائي في الفصل 453 يشير إلى أنه يسمح بالإجهاض ويقول إن الإجهاض مباح ولا يعاقب عليه إذا كانت صحة الأم في خطر.

لكن ما هو تعريف مفهوم الصحة حسب المنظمة العالمية للصحة والتي نعترف بها وبمواثيقها وأرقامها وتقاريرها، نجد أن الصحة هي الصحة البدنية والعقلية والاجتماعية، هذه العبارات الثلاث للصحة، هي ما نرغب إضافته في هذا الفصل، لا أقل ولا أكثر، ودون الخوض في السماح بالإجهاض إن كانوا يخشون الحرج.

هل هناك أرقام حديثة لدى جمعيتكم حول واقع الإجهاض اليوم؟

لم تعد الأرقام ذات دلالة كبيرة اليوم، لأن الوضع معروف، وهناك ما بين 600 إلى 800 عملية إجهاض تتم في اليوم في المغرب.

“نطالب بأن تتسع قاعدة السماح بالقيام به، لتشمل مثلا الفتيات القاصرات، والنساء المتزوجات اللاتي يتوفرن على أربعة أطفال وما فوق ويعانين من الهشاشة الاجتماعية”

الحديث عن الإجهاض والحمل غير المرغوب يقودنا إلى الحديث عن التربية الجنسية في المناهج التعليمية، هل هي ضرورية اليوم؟

بكل تأكيد هي ضرورية، على الأقل في المرحلة الإعدادية والثانوية، حتى لا نقول في المدارس، علينا أن نشرح للمراهقين كيف يعمل جسمهم وجهازهم التناسلي، أن نحسسهم بمخاطر الأمراض الجنسية المعدية وكيفية حماية أنفسهم، وأن نشرح للفتيات بالأخص أن مغامرة آنية مع شاب يمكن أن تقلب حياتها رأسا على عقب.

هل تعدد الحمل غير المرغوب سببه أيضا الجهل بوسائل منعه؟

أعتقد أن هناك ضعفا فيما يتعلق الجانب التحسيسي للصحة الجنسية عند المغاربة، فمثلا هناك وسيلة لمنع الحمل يجهلها الكثير من النساء، وهي الحبة الاستعجالية، وهو دواء آني يمكن تناوله مباشرة بعد العلاقة الجنسية بالنسبة للنساء أو الفتيات غير المحميات مسبقا بوسيلة منع حمل.

وهناك نوعان من هذه الحبة، نوع صالح لثلاثة أيام وأخرى لخمسة أيام، وهي توقف عملية الإباضة.

عن “تيل كيل”


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.