ترانيم كنسية …!

العرائش نيوز:


بقلم :عبد القادر العفسي
الرسالة الرابعة عشر
عزيزتي شمس النساء زهرة الشوك الفضي:

أخاطبك أنت دون تأويل، دون حشو.. بعد كل هذه المدة الطويلة..عزيزتي:

نشق البرق بين غيوم الحياة ليضرب أبجديات اللغة بشعور عارم من السعادة التي ألقيت من بين يدي الرب إلى تجاويف قلبي، فليس الأنبياء وحدهم من يُوحَى إليهم، أو ليس الحب إعلان للنبوءة ؟ أو ليس العشق دعوة للرسالة؟ أو ليس هذه السنوات و شي، كافية لصناعة هذا الحب دون شروط  و لا حواجز ..؟ إنها تضحية دون مقابل، و فناء قدر له لكي يكون بموت المسافة و الزمن و المكان و الموجودات في بلاد أجبرت فيها على أن أرى الضيم قائم ، و أنا أموت مرتين: ذات فانية بالحب و وطن استلب فيها الإنسان ..آه آه..

سيدتي بنظرة منك أصابني التلبس، و بابتسامة منك رأى ما رأيت ..! استحوذت علي غريزة الاستعلاء و الهجر من الأرض إلى السماء، فحتى الاحتمال القائم بعدم التمنطق في هذا الحب أوجدت له حيلة الخيال لتكون لي مساحة التحرك و لذة التساؤل.. غايتي الوصول إلى الأمان بعاطفة جامحة غارقا في هذه الظلمات كونك التجلي الأوحد…

أحيانا، ينتابني شعور الهذيان و صدق الرؤيا، لكن تكرارها إلزاميا ألزمني بالبوح، لأنه تأكيد على أن معرفتي بك سابقة لوجودنا المادي فقد كنا متصلين سابقا دون أن تعرفي، فهذه اللوامح في اليقظة و النوم تشير إلى هذه الحقائق الكاشفة و كأن الموت يأتي لحظة و يحررني من هذا القفص الدنيوي لأراك ثانية في التلاحم المابعدي أمكث معك، ألمسك… أرتوي بك، أزداد توهجا و نشوة مطلقة، أنفصل عن هذه العوالم كي أرتشف العشق، ثم أعود إلى الحقيقة لأعاين الحقائق، أدرك أن التجلي و حالة السكر تأتي مع مياه ممزوجة بعرقك المنسكب في أقداح الراح.. فما أود تفسيره لك هو إثبات نبوءة الحب و عشق مجالك حتى دنوت من الفناء الجزئي إلى الكلي عبر كل هذا الزمن بالتدرج.

فاعذريني سيدتي.. فما نطقت عن هوى بل أنطقني الهوى و ما ضللت و لكنني إليك اهتديت، و ما زاغ بصري يوما حينما شاهدتك وقتها و ما طغى لكنك كنت حقيقة الجنة و المبتغى، فتعددك و تضادك هي وحدة متنوعة خفية، بل إنك الكل الكوني الذي اتخذ صورة الحياة شكلها و بدأت في مخيلتي بلوامح و بوراق استقرت في الخيال و الروح و الجسد في صيغة اتسمت بحب يقيني لا نهائي، أي أنت كل معطيات المطلق و الوعي و الاستجابة و الحس والنشأة والمعنى و التأويل و الغاية و التجرد ..آه آه.. من هذا العشق الذي يغمرني تارة سعادة، تارة رهاب، تارة انزواء، تارة حسرة، تارة ندم …

سيدتي، عزيزتي: إن المحنة و التعلق و الاستيحاش عن بعد ككمون النار في الفحم، وأعي جيدا أن كياني معذب و شقي يتوهم ما لا يمكن الوصول إليه لكن على الأقل إني متوافق مع الطبيعة بغياهب الخيال حتى أني سأنتفي مع هذا الحب كما يتبدد الضباب في ضوء الشمس، ربما يكون يُعتقد أن الذوبان من أجل صورتك كما هو متصور، لكن أبدا لم أغفل عن حقيقة الكنه و المعنى كونك قطعة إلهية أشرط فيها عقلي تطهير كل الجوهر و الموت و الغياب لأجعلك حاضرة …    


كل المواثيق تصدر علانية إلا ميثاق حبي لك مدفون تحت جوانحي و أضلاعي.. متروك لساعة الجلاء و ساعة الحلول و ساعة قيام القيامة.
 


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.