قبل عام لم يكن لديهم ممثل واحد.. كيف حاز اليمين المتطرف في إسبانيا أغلب المقاعد؟

العرائش نيوز: 

تأكّد ما تنبأت به استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة في إسبانيا؛ إذ حاز اليمين المتطرف، بقيادة سانتياغو أباسكال، 52 مقعداً في البرلمان في انتخابات 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 العامة (بزيادة 28 مقعداً عن انتخابات 28 أبريل/نيسان العامّة)، متقدّماً على كلٍّ من حزب المواطنين الذي تهاوى في هذه الانتخابات، وكذلك تحالف يونيداس بوديموس الانتخابي اليساري، مما أدى إلى تدهور نتائجهما؛ إذ حصل حزب فوكس اليميني المتطرف على 3،627،305 صوتاً، أي ما يمثّل 15.09٪ من الأصوات.

اليمين نفسه لم يكن يتوقع ما جرى! 

فجّر حزب فوكس، الذي وصل مؤخّراً إلى البرلمان منذ سبعة أشهر فقط، المفاجأة الكبرى بتحوّله إلى القوة السياسية الثالثة في إسبانيا. كان يُتوقع أن يحصل الحزب اليمينيّ على 35 مقعداً، لذا عندما علموا بهذه النتيجة المذهلة، لم يعد بوسع أعضاء الحزب إخفاء سعادتهم وتعانقوا جميعاً في مقر الحزب، بحسب تقرير لموقع قناة La sexta الإسبانية.

كان أول مَن ظهر من قادة الحزب هو خورخي بوكادي، العضو في البرلمان الأوروبي، الذي احتفل بالنتائج قائلاً إنّه «يبدو أن إسبانيا الصامتة تنهض».

زعيم الحزب الخاسر في الانتخابات/ رويترز

وقال: «كان هناك مطلب اجتماعي. أظهرت النتائج أن ملايين الإسبان شعروا بكتم أصواتهم ولم يشعروا أن أحداً يمثلهم، إسبانيا هذه قد طواها النسيان»، مذكّرا أنه «منذ عام مضى، لم يكن لديهم ممثل واحد» و «منذ ستة أشهر» كان لديهم 24 نائباً فقط.

بالإضافة إلى ذلك، حذّر النائب بالبرلمان الأوروبي من أنه مع حزبهم «سيكون لدى المحكمة الدستورية الكثير من العمل»؛ إذ سيعمل الحزب على مراجعة جميع «القوانين التي تتعارض مع الأمة» في الدستور.

بعد معرفة النتائج المنشورة بعد إغلاق مراكز الاقتراع، والتي جعلت حزب فوكس ثالث قوة سياسية في إسبانيا، طالب بوكادي الجماهير بالهدوء على الرغم من الأرقام الجيدة، وعلى الرغم من أن الحزب قد طالب، بعد الثامنة والنصف مساء الأحد الماضي، جميع أنصاره بأن يتجمعوا «عاجلاً» أمام مقر الحزب في شارع بامبو في مدريد للاحتفال بالنتيجة.

انتشاء واحتفال غير مسبوق

بعد هذا النداء، سادت الفرحة الغامرة في الحزب، مع تجمُّع العشرات من النشطاء والمؤيدين في شارع بامبو في مدريد، وهتفوا بنداءات مثل: «ضعوا  بوتشدمون في السجن» و «ضعوا تورا في الزنزانة»، ولوحوا بأعلام إسبانيا وكذلك بأعلام الحزب، وكانت هناك لحظات جنونية عندما أطلّ زعماء مثل إسبينوزا دي لوس مونتيروس أو سانتياغو أباسكال من النوافذ.

بالإضافة إلى ذلك، قام الحزب بتشغيل أغنية El Novio de la Muerte، (أغنية لوحدة التدخل السريع الإسبانية رغم أنها ليست النشيد الرسمي).

هتف أباسكال: «لن تمنعنا الإهانات من إنشاء وطن من الإسبان المتساوين والأحرار».

بعد قليل، ظهر أباسكال أخيراً على سقالة كبيرة مثبّتة أمام مقر الحزب في مدريد في مشهد يُذكِّر بتلك الحقبة الذهبية للأغلبية المطلقة لحزب الشعب. مؤكّد أن أعضاء فوكس قد شعروا بهذا المذاق المختلف بعد تلك النتائج.

صاح أباسكال وهو يبدأ خطابه: «مساء الخير وتحيا إسبانيا!» ليهتف العشرات من المؤيدين: «تحيا إسبانيا!».. نعم، أصبح اليمين المتطرف هو القوة السياسية الثالثة في إسبانيا، واحتفل أباسكال بهذا.

وأشار محاولاً توضيح نواياه المتعلقة بـ «الاستعانة بجميع القوانين» التي أطلق عليها «مقيّدة للحريات»: «أريد أن أبعث برسالة امتنان إلى 3.5 مليون إسباني وثقوا بنا. وفوق كل شيء أريد أن أقطع لهم وعداً، لن نخذلهم، ولن نتراجع، وسندافع عما وعدنا به في البرلمان».

أصبح حزب فوكس القوة السياسية الأولى في مورسيا

قال أباسكال مخاطباً الجماهير المحتشدة التي كان يتوق إلى مثلها في انتخابات 28 أبريل/نيسان عندما لم تكن نتائجه عالية كما كان متوقعاً: «لقد كنتم أبطال أكبر لفتة سياسية، تلك الأسرع والأكثر إبهاراً، في الديمقراطية الإسبانية لتمثيل ملايين الإسبان الذين لم يشعروا بأن هناك مَن يمثّلهم».

كانت نتائج حزب فوكس في الانتخابات العامة في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني في منطقة مورسيا مذهلة لدرجة لا يمكن تخيّلها؛ إذ أصبح القوة السياسية الأولى بحصوله على 27.99 ٪ من الأصوات. 

على الرغم من فوزه بالانتخابات في مورسيا، تعادل فوكس مع حزب الشعب وحزب العمال الاشتراكي اللذين حصلا على ثلاثة مقاعد في البرلمان عن تلك المنطقة. حصل فوكس في هذه المنطقة على أكثر من 194 ألف صوت.

حملة تتميّز بـ «الحكمة»

تميزت حملة الحزب اليميني المتطرف بهذه الكلمة؛ «الحكمة»، ولم يرغبوا في حدوث ما حدث في الانتخابات السابقة، فعلى الرغم من أنهم تمكنوا من اقتحام المؤسسات، إلا أنهم فعلوا ذلك باستخدام قوة أقل بكثير مما توقعه قادة الحزب أنفسهم.

رئيس الوزراء بالإنابة في إسبانيا/ رويترز

 قالوا في نوفمبر/تشرين الثاني، إنهم سيكونون راضين إذا تمكنوا من ترسيخ النتيجة السابقة وتخطي حزب المواطنين.

اتّسمت رسائلهم الانتخابية بوحدة إسبانيا والصراع الكاتالوني، وعرّفوا أنفسهم على أنهم «البديل الوطني ضد حركة الاستقلال كتالونيا».

كما استندت استراتيجية الحزب على التجول في المقاطعات التي حصل فيها حزب المواطنين على تمثيل في أبريل/نيسان وأيضاً في المناطق التي تقل فيها أصوات الناخبين عن 5 آلاف ناخب.

تلقى حزب فوكس أكثر من مليونَي يورو في شكل منح بعد انتخابات  28 أبريل/نيسان

توقعت آخر استطلاعات الرأي التي نُشرت قبل موعد الانتخابات طفرة كبيرة لحزب فوكس ووضعته العديد منها كقوة سياسية ثالثة متقدمة على حزب المواطنين وبوديموس مع توقعات حصوله على ما بين  37 و53 مقعداً. وفي الوقت نفسه، لم يتنبأ مركز الدراسات السوسيولوجية بهذا الارتفاع، بل في الواقع، توقع انخفاضاً يمنح الحزب ما بين 14 و21 مقعداً.

اقتحم حزب فوكس البرلمان في الانتخابات العامة السابقة في 28 أبريل/نيسان بحصوله على 24 مقعداً وأكثر من 260 ألف صوت، أي ما يعادل 10.26٪ من الأصوات.

تحوّل الحزب الذي يقوده أباسكال بالفعل إلى قوة برلمانية، وجزّأ في ذلك الوقت صوت اليمين الإسباني.

دخل الحزب اليميني المتطرف هذه الانتخابات بقوة اقتصادية كبيرة، وبالنسبة لمقاعده الـ24 التي حصل عليها في انتخابات 28 أبريل/نيسان، حصل الحزب على دعم مالي بأكثر من 2.6 مليون يورو، أي بمعدل 21،167.64 يورو لكل نائب.

في الواقع، هو الحزب الوحيد من بين الأطراف الرئيسية الذي زادت استثماراته في هذه الحملة؛ إذ انتقل من إنفاق مليون يورو إلى أكثر من الضعف، وذلك بإنفاق 2.4 مليون يورو.

نظراً لكونها انتخابات مكررة، فإن نواب الحزب في انتخابات العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني سيحصلون على دعم أقل بنسبة 30٪، وذلك بمعدل 14،1717.35 يورو لكل مقعد يتم الحصول عليه.

العربي الجديد 


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.