الجمعية المغربية لحقوق الانسان تسرد التراجعات الخطيرة لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب..

العرائش نيوز:

رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي المتعلق بوضعية حقوق الإنسان لسنة 2017 والذي إمتد في بعض محاوره إلى غاية السنة الجارية، صورة قاتمة، حيث وصفتها أنها تتسم بـ”العديد من الإحباطات والخيبات، وبتراجعات كبيرة وملموسة عن الكثير من المكتسبات، التي حققتها الحركة الحقوقية والقوى الديمقراطية والحركات الاحتجاجية والمطلبية عبر نضالات مريرة، كلفت الكثير من المجهودات والتضحيات الجسام”.

وتأسفت الجمعية عن كون هذه “التراجعات شملت وهمت جميع مجالات حقوق الإنسان”، وذلك خلال ندوة صحفية عقدتها اليوم الخميس بمقرها بالرباط.

وتابع البلاغ الصحفي الذي تضمن أبرز ما جاء به تقرير الجمعية، “المخيب للآمال أيضا أن المنحى التراجعي والانتكاسة التي ميزت سنة 2017، تواصلت واستمر تأثيرها خلال العشرة أشهر الأخيرة من سنة 2018، ولعل أبرز مثال على ذلك هي الانتهاكات المرتبطة بملف “حراك الريف”، والتي بلغت مدى لم يكن أحد يتوقعه”.

وانقسم تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2017 إلى ثلاث محاور أساسية أولها محور الحقوق المدنية والسياسية، ومحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي ما يخص المحور الأول المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، جاء في التقرير أنه، “في ما يخص مجال الحق في الحياة كحق تعتبره الحركة الحقوقية حقا مقدسا، فلقد عرف انتهاكات عديدة بالمغرب خلال سنة 2017؛ سجلت الجمعية منها ما لا يقل عن ستين حالة وفاة. فقد خلف التدخل العنيف للقوات العمومية بمدينة الحسيمة يوم 20 يوليوز حالتين لمواطنين توفيا فيما بعد؛ كما عرفت السجون 9 حالات من الوفيات في ظروف لا زالت عائلات الضحايا تطالب بالكشف عن الأسباب الحقيقة وراءها وتقديم المسؤولين عن السهر على سلامة السجناء وصيانة حقوقهم وحقهم في الحياة للمساءلة”.

مضيفاً، “أما الوفيات أثناء التوقيف والتحقيق داخل مخافر الشرطة والدرك فلقد بلغ عددها أربعة. فيما بلغ عدد الوفيات بسبب غياب شروط السلامة في أماكن العمل وأثناء التنقل إليها أو بالشارع العام 17 حالة. وسجل التقرير خمس وفيات ناتجة عن الإهمال الطبي وغياب الإمكانات والأطر الطبية بالمستشفيات العمومية. وخمس حالات بسبب الشطط في استعمال السلطة والإحساس بالغبن والحكرة… و17 حالة وفاة وسط النساء، 15 منها بسبب التدافع في عملية لتوزيع مواد غذائية ومعونات بإقليم آسفي، واثنتان بمعبر باب سبتة لسيدتين تمتهنان التهريب المعيشي من الثغر المغربي المستعمر. وخلفت مشاركة المغرب في قوات القبعات الزرق بإفريقيا الوسطى سبع وفيات لجنود مغاربة”.

وتابع التقرير “وبخصوص عقوبة الإعدام، فالمغرب يضم في سجونه 95 محكوما بالإعدام، وهو أكبر عدد في المنطقة، من بينهم 3 نساء. ولقد تم العفو في شهر يوليوز الأخير على 1178 سجينا، من ضمنهم 4 محكومين بالإعدام تم تحويل عقوبتهم من الإعدام إلى السجن المؤبد. فيما استمرت المحاكم في إصدار الأحكام بالإعدام ضدا على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى مطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية بالمغرب؛ وتم إصدار 15 حكما بالإعدام خلال سنة 2017 مقابل 6 سنة 2016؛ منها الحالات التالية:
– أبريل 2017: تأييد غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمكناس القرار القاضي بإدانة متهم ع بالإعدام، بعد مؤاخذته من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، في حق شقيقه الأكبر وابن عمه.
– 29 ماي 2017: تأييد محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الحكم بالإعدام لقاتل زوجين بالبيضاء كان يشتغل لديهما كبستاني؛
– شهر شتنبر 2017: حكم صادر عن محكمة الاستئناف بالناظور بالإعدام في حق شاب على خلفية جريمة قتل ارتكبها في حق زوجين بجماعة؛
– شهر أكتوبر 2017: حكم بالإعدام في تطوان في حق شاب قتل والدته وأخا له واثنين من أبناء أخته.
– شهر أكتوبر 2017: حكم بالإعدام في حق مواطن ضواحي الجديدة جماعة أولاد غانم قتل زوجته…
– 9 نونبر 2017: حكم صادر عن الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف في الجديدة، بالحكم بالإعدام في حق شخص قتل طفلا قاصرا، يبلغ من العمر 14 سنة، وأكل قلبه، وشرب دمه”.

كما جاء في ذات المحور من التقرير أن الجمعية “سجلت اتساع دائرة الاعتقال السياسي والتعسفي لتشمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، ونشطاء الحراك الشعبي بكل من الريف، وجرادة، وعين تاوجطاط، وزاكورة، وتنغير، وبني ملال، والصويرة، وبوعرفة، واوطاط الحاج…. وغيرها من المناطق التي عرفت احتجاجات سلمية للمطالبة بتحقيق حاجياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ كما شمل الاعتقال التعسفي مناضلي/ات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والحاملين/ات لمعتقدات مخالفة للدين الرسمي للدولة، والنشطاء الحقوقيين الصحراويين، ونشطاء حركة المعطلين حاملي الشهادات، ونشطاء الحركات النقابية كالعمال النقابيين وغيرهم؛ فيما طالت الاعتقالات والاستدعاءات البوليسية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة النشطاء الحقوقيين والسياسيين”.

مضيفاً “ولقد فاق العدد الإجمالي للمتابعين والمعتقلين على مستوى كل المناطق بما فيها أقاليم الريف 1020 معتقلا ومتابعا، بسبب أنشطتهم داخل الحراكات الشعبية أو تدويناتهم الداعمة للاحتجاج السلمي أو المعبرة عن آرائهم والمنتقدة للسياسات العمومية، إضافة إلى مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونشطاء حركة 20 فبراير، والمعتقلين الصحراويين ومعتقلي ملف بلعيرج والسلفيين”.

مشيراً إلى أنه “يمكن اعتبار محاكمة نشطاء حراك الريف، عنوانا لتطور وضعية حقوق الإنسان في المغرب، ومؤشرا لقياسها خلال السنة الماضية. فقد أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم 26 يونيو2018، أحكاما ب308 سنة نافذة في حق 52 معتقلا و 81000 درهم غرامة نافذة على 39 منهم، وأصدرت محكمة الحسيمة العديد من الأحكام في حق العشرات الآخرين ضمنهم قاصرون وعددهم 158، توبع 117 منهم في حالة سراح و41 في حالة اعتقال. ولقد بلغ عدد المعتقلين والمتابعين بسبب انخراطهم في الاحتجاجات السلمية بالريف ما لا يقل عن 800 ناشط وناشطة، وأكثر من 1400 حالة استدعاء واستماع لدى الشرطة وتوقيع محاضر لم يطّلع أغلبهم على مضمونها، تم اعتقالهم على خلفية احتجاجات عارمة إثر مقتل بائع السمك الشهيد محسن فكري يوم 26 أكتوبر 2016، مطحونا داخل حاوية الأزبال بمدينة الحسيمة، وهو يحاول منع السلطات من إتلاف سلعته. لتنطلق مظاهرات عمت المدينة ونواحيها وعموم مدن الريف رافعة مطالب اجتماعية واقتصادية، تطالب برفع التهميش عن المنطقة”.

وتابع التقرير في نفس المحور أن “على الرغم من مصادقة الدولة المغربية، على الاتفاقية الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، و إقرار دستور يوليوز 2011، خصوصا في المواد 20-21- 22 في الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، ما يفيد منع وتجريم التعذيب بكافة أشكاله، فقد تميزت سنة 2017، والنصف الأول من سنة 2018،بضعف التزامات الدولة ومؤسساتها في مكافحة التعذيب، خصوصا بعد تقرير الخبرة التي أُنْجِزت لفائدة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول ما تعرض له معتقلو حراك الريف من تعذيب ومعاملات أو عقوبات قاسية أو لاإنسانية أو مهينة؛ وهو التقرير الذي ظل مصيره في حكم المجهول بعد أن أقبر، وتم استبعاده في جميع مراحل متابعة ومحاكمة هؤلاء المعتقلين رغم أنه صادر عن عمل مؤسسة رسمية. بل لقد عملت، الدولة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على التهجم على معدي التقارير حول التعذيب، واعتبار عملهم يندرج في إطار تشويه صورة المغرب لخدمة أجندات أجنبية، وكان حريا بها إجراء تحريات وفتح تحقيق في كل مزاعم التعذيب وغيره، حتى ولو كانت غير مثبتة، كما تلزمها الاتفاقية والقانون بذلك، وتطلع الرأي العام على النتائج المتوصل إليها.”

وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقريرها أن “هذه السنة عرفت كذلك، تصعيدا كبيرا وممنهجا لانتهاك الحق في حرية التنظيم وتأسيس الجمعيات والتظاهر السلمي، التي تجسدت أساسا، وبصفة ملحوظة، في مظهرين بارزين:
التدخلات العنيفة وغير المبررة للقوات العمومية، في حق مجموعة من المسيرات والوقفات والتظاهرات السلمية – تناقلتها الكثير من وسائل الإعلام- ومست مختلف الحراكات الاجتماعية، التي عرفتها بلادنا وخاصة حراك الريف والحراكات الشعبية الداعمة له في عدة مناطق؛ حيث وصلت حد اقتحام المنازل بمنطقة الريف، خارج المساطر القانونية، وترويع عائلات نشطاء الحراك والاعتداء على العديد من أفرادها وخاصة أمهات النشطاء، والقيام بحملات اعتقال عشوائية طالت العديد من الشياب في ظرف وجيز لم يسلم منها حتى الأطفال، و توجت بمحاكمات صورية انتفت فيها ضمانات المحاكمات العادلة وصدرت على إثرها أحكام جائرة وانتقامية، بلغت مدة الحكم في بعضها عشرين سنة نافذة، كما استهدفت هذه التدخلات المفرطة فئات المعطلين حاملي الشهادات، بمن فيهم حاملو الإعاقة، والأساتذة المتدربون المرسبون، ومجموعة 10 آلاف إطار والأساتذة المجازون، ونشطاء حركة 20 فبراير، ونشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والاحتجاجات السلمية الاجتماعية للمواطنين والمواطنات المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تلك التي شهدتها مدن الصحراء”.

بالإضافة إلى “التضييق على الحق في التنظيم وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وعلى حرية التجمع والتظاهر السلمي، وعلى حق الجمعيات والنقابات والأحزاب في تجديد مكاتبها والاستفادة من الدعم المالي العمومي، وعقد اجتماعاتها وتنظيم أنشطتها الإشعاعية والثقافية في القاعات العمومية”.

وأكد التقرير على أنه في ما يتعبق بحرية الإعلام والصحافة والأنترنيت، “شهدت نفس السنة، تراجعا كبيرا على مستوى حرية الصحافة والتعبير، ومحاكمة الصحفيين والمدونين ومديري بعض المواقع الإلكترونية، ومن أمثلة ذلك على سبيل الذكر، اعتقال ومحاكمة حميد المهداوي مدير موقع بديل، ربيع الأبلق مراسل موقع بديل، عادل لبداحي مراسل موقع/جريدة ملفات تادلة، عبد العالي حود عن موقع أراغي تفي، جواد الصابري ومحمد الأصريحي عن موقع ريف 24، عبد الكبير الحر مدير موقع رصد المغربية؛ فيما جرت متابعة الصحفي عبد الله البقالي، والمعطي منجب ورفاقه الستة في جلسات صورية ماراطونية، ومجموعة من الصحفيين والنشطاء الرقميين بتهم خطيرة، من قبيل المس بسلامة أمن الدولة الداخلي، والتمويل الأجنبي غير القانوني، وزعزعة النظام العام، والإشادة بالإرهاب. أما وضعية حرية الأنترنيت فقد ازدادت سوء خلال سنة 2017، وهو ما أكدت عليه عدد من تقارير منظمات دولية؛ وهكذا، سجل المغرب تراجعا في الترتيب الذي تنجزه منظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة، إذ احتل المرتبة 135 من بين 180 بلدا، متراجعا بمركزين عن سنة 2016، كما اعتبرت منظمة “فريدوم هاوس” وضعية حرية الصحافة بالمغرب خلال سنة 2017 “بغير الحرة” وأن حرية الأنترنيت “حرة نسبياً”.

وأضاف التقرير “كما اتسمت سنة 2017 كذلك باستمرار حملات التشهير والهجوم من قبل مجموعة من المنابر الإعلامية الإلكترونية والورقية على منظمات المجتمع المدني والنشطاء؛ هذا فيما يستمر غياب الرقابة البرلمانية أو القضائية على أجهزة المخابرات، وعدم وجود ضمانات واضحة لكيفية استعمال أجهزة المراقبة في جمع معطيات المواطنين وتحليلها، وكذا حدود استعمال هذه المعطيات.
ولقد أشار تقرير لمنظمة فريدوم هاوس شمل 65 دولة، إلى أن المغرب يوجد ضمن لائحة تضم 30 دولة تتوفر على جيوش إلكترونية تكون مهمتها توجيه الرأي العام عبر صفحات وحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو إلى مهاجمة وتشويه نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين وقيادة حملات من أجل التشهير بهم، مما قد يمس بسمعتهم أو يصل حتى إلى تشكيل خطر على سلامتهم البدنية”.

ومن بين ما أشار إليه ذات التقرير هو وضعية السجون، حيث قال التقرير إنه “بالانتقال إلى الحديث عن وضعية السجون بالمغرب، فإن الشكايات الواردة على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية وعلى الخصوص المرصد المغربي للسجون، تؤكد أن انتهاك حقوق السجناء والسجينات في كل المجالات هو نهج قار تعرفه جل المؤسسات السجنية وليس حالات معزولة، الأمر الذي يتوجب معه على جميع القطاعات الحكومية المعنية بالسجون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أن تعيد النظر في سياساتها، وتساهم في أنسنة السجون، وذلك عبر القيام بإصلاح فعلي، يشترك فيه جميع الفاعلين، بمن فيهم ممثلو المجتمع المدني مع الحرص على تأهيل العنصر البشري وتحسين شروطه المادية”.

تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أوضح بخصوص موضوع استقلال السلطة القضائية، أنه “عرفت الساحة الحقوقية بالمغرب حركة نضالية للقضاة وجمعياتهم المهنية، إلى جانب الجمعيات المدنية والحقوقية، من أجل استقلال السلطة القضائية والدفاع عن حماية حقوق وحريات المواطنين. وهي الحركة التي ووجهت بتعسف الدولة على قضاة الحراك القضائي لنادي قضاة المغرب ونهجها أسلوب التشنج والصراع والمساس بحقوق القضاة في الترقية والتنظيم، وإقصاء روح التعاون والتشارك في تدبير الشأن القضائي وصناعة التشريع. ولقد مس هذا السلوك للوزارة الوصية على القطاع جمعيات القضاة، وبات سلوكا عاما ينطبق على مختلف أطراف العملية القضائية من محامين وعدول وغيرهم”.

أما المحور الثاني المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن الجمعية سجلت في تقريرها السنوي أنه قد “سجل الرقم الاستدلالي السنوي للأثمان عند الاستهلاك خلال سنة 2017 ارتفاعا قدره 0,7 % بالمقارنة مع سنة 2016. وتعود هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ب 0,1% والمواد غير الغذائية ب 1,4%. وعلى هذا الأساس، يكون مؤشر التضخم الأساسي، قد عرف ارتفاعا قدره 1,0% خلال سنة2017 مقارنة بسنة 2016، وعرفت عدة مناطق ومدن سنة 2017 احتجاجات على خصاص الماء الصالح للشرب الضروري للحياة، قوبلت غالبا بالقمع واعتقالات ترتب عنها الحكم بالسجن في حق عدد من المواطنين. كان أبرزها ثورة العطش بمدينة زاكور”.

مضيفةً “ما يتعلق بالفقر متعدد الأبعاد، وبحسب “النتائج الرئيسية لخريطة الفقر متعدد الأبعاد لسنة 2014″ الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، فهو يسجل معدل انتشار يبلغ 8,2% على المستوى الوطني، ليصل بذلك عدد المواطنين/ات الذين يعانون من وطأته إلى 2,8 مليون نسمة، من بينهم، 400 ألف بالوسط الحضري بمعدل 2%، و2,4 مليون بالوسط القروي؛ حيث معدل انتشار الفقر، كما هو معلوم، يرتفع إلى 17,7%. وبذلك تتأكد حقيقة أن الفقر يصعب تحمله في جميع الحالات وجميع الأوساط، لكنه يبقى بالمغرب ظاهرة قروية بامتياز”.

و “إن انتشار الفقر بنوعيه، متعدد الأبعاد والنقدي، يطال 11,7٪ من المواطنين/ات، ليرتفع بذلك عددهم إلى حوالي 4 ملايين نسمة. من بين هؤلاء حوالي 480 ألف شخص يمكن اعتبارهم يعيشون في وضعية فقر حاد حيث يجمعون الفقر بنوعيه النقدي ومتعدد الأبعاد ويمثلون بذلك 1,4٪ من سكان المغرب”.

كما أكد التقرير على أن “العديد من المؤشرات تؤكد على استمرار وتعمق واقع البطالة، وهشاشة الشغل وتدهور جودة العمل؛ حيث بلغ حجم البطالة حسب الأرقام الرسمية والبعيدة عن رصد الواقع الحقيقي للعطالة (1.216.000 معطل) بنسبة 10.2% أي بزيادة 49000 معطل بين 2016 و2017. وتراوحت نسبة البطالة بين 9.3% و10.7% خلال فصول السنة”.

وأوضح التقرير أن” المعطيات عن الصحة في المغرب سنة 2017 أظهرت أن الوضع الصحي جد مزر من خلال نسبة تفشي مجموعة من الأمراض في أوساط المغاربة، ونوعية الأمراض التي تنتج عنها نسب مرتفعة من الوفيات حسب تقرير رسمي لوزارة الصحة سنة 2017. فقد أوضح التقرير ذاته، أن أمراض السرطان في ارتفاع مستمر، وأن حوالي ربع عدد المغاربة الذين يتجاوز سنهم 15 عاما مصابون بالاكتئاب، ونصف السكان يعانون بمستويات مختلفة من أعراض نفسية، و90 في المائة من أطفال المغرب يعانون من تسوس الأسنان، الأمر الذي يؤكد غياب إرادة سياسية من أجل تحقيق عدالة صحية وتغطية صحية شاملة. والتي تقتضي وضع سياسية صحية يؤطرها ميثاق وطني للصحة ويوجهها ويراقبها مجلس أعلى للصحة والدواء من أجل تحقيق نظام صحي عادل تضامني فعال ومميز يوفر الخدمات الصحية الأساسية لكافة المواطنين. مجانية أو مقبولة التكاليف، متوفرة، آمنة وذات نوعية ومعايير عالية للجودة. ترتكز على مبادئ وأهداف وقيم التغطية الصحية الشاملة وبيئة صحية سليمة، للوصول إلى مجتمع صحي معافى”.

مشيراً أنه “لا تختلف وضعية الحماية الاجتماعية في المغرب عن وضعية مثيلاتها من الخدمات الاجتماعية الأخرى، ويظهر ذلك من خلال ضعف التغطية الاجتماعية؛ حيث لا يتعدى عدد المستفيدين منها 12% من الساكنة، ولا يتجاوز ما تخصصه الدولة من اعتمادات مالية 5% من الدخل الوطني الخام، هذا بالإضافة إلى ما تخلفه حوادث الشغل من وفيات وإصابات، إذ أن حوالي 3000 شخص يموتون نتيجة لهاته الحوادث التي تسجل 43.153 حالة سنوي”.
وتابع التقرير “لم يتمكن المغرب من تحقيق هدف تعميم التعليم وتجويده، كما وعد بذلك في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج الاستعجالي 2009-2012، وكل المخططات الموالية. ولا زال يعاني من ضعف الولوج إلى التعليم بمختلف مستوياته، مع تفاقم مختلف أشكال التمييز مع تفشي الأمية بين الكبار وتزايد معدلات الهدر المدرسي، إضافة إلى تدني نوعية التعليم وجودته. ويعاني الحق في التعليم بالمغرب من مجموعة من الأعطاب. ويتمثل العطب الأول في انتشار الأمية وحرمان مئات الآلاف من الأطفال من الولوج إلى التعليم؛ وهو حرمان يمس أساسا الأطفال المنحدرين من شرائج اجتماعية فقيرة ومن المناطق القروية، ويشمل على الخصوص الإناث والأطفال ذوي الإعاقة أو في وضعيات صعبة أخرى”.

مؤكداً “أما العطب الثاني فيرتبط بجودة النظام التعليمي، حيث ارتفاع نسب التكرار (908875 تلميذ سنة 2016/2017 بنسبة 15.3%: 43311 تلميذا بنسبة 12.3 في المئة للتعليم الابتدائي؛ 337660 تلميذا بنسبة 22.1 في المائة بالنسبة للإعدادي؛ 138186 تلميذا بنسبة 15 في المئة بالنسبة للتأهيلي) والانقطاع عن الدراسة (218141 تلميذا سنة 2016/2017 بنسبة 3.66%: 62476 تلميذا بنسبة 1.78 في المئة للتعليم الابتدائي؛ 111286 تلميذا بنسبة 7.3 في المئة بالنسبة للإعدادي؛ 44379 تلميذا بنسبة 4.83 في المئة بالنسبة للتأهيلي) والاكتظاظ، الذي بلغ مستويات غير مسبوقة في تاريخ المدرسة المغربية خلال الدخول المدرسي، 2016-2017، والخصاص المهول في الأطر التربوية والإدارية، واللجوء إلى التعاقد مع أطر دون تأهيلها للقيام بعملية التدريس، مع الإبقاء على نفس المناهج والبرامج الدراسية، التي لا تتلاءم وقيم حقوق الإنسان والنقص في البنيات التحية المدرسية”.

وأضاف التقرير في ما يخص البعض من المحور الثالث، المتعلق بحقوق المرأة، وحقوق الطفل، حقوق ذوي الإعاقة، قضايا البيئة والهجرة، أنه “لازال العنف القائم على النوع الاجتماعي ظاهرة مستفحلة ومتكلسة في بنية النظام الاجتماعي السائد على كافة المستويات إذ أصبحت النساء مستهدفات في سلامتهن البدنية وأمانهن الشخصي بل أصبحن مهددات في حقهن في الحياة خاصة في ظل عدم تحمل الدولة لمسؤولياتها في هذا المجال سواء على مستوى السياسات التشريعية أو على مستوى التدابير المرافقة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. فاستمرار الدولة في التنصل من مسؤولياتها في مجال ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، يعتبر أهم العوامل المنتجة للفقر والأمية والعطالة، حيث لازالت هذه الظواهر مؤنثة وحملت معها العنف الاقتصادي إلى مركز الصدارة والتي كان من نتائجها الأكثر مأساوية وعنفا، فاجعة نساء مدينة الصويرة التي أودت بحياة أزيد من 15 ضحية يوم 19 نونبر 2017 بجماعة ” سيدي بولعلام”.

وحول الهجرة واللجوء، اوضح التقرير أنه “خلافا للنفخ الإعلامي الرسمي الذي صاحب عملية تسوية الوضعية الإدارية لعدد من المهاجرين ببلادنا، والترويج لاعتبار المغرب رائدا إقليميا ودوليا بل ونموذجا في إفريقيا والعالم العربي في التعامل مع إشكالية الهجرة غير النظامية، بنهجه لما سمي بالسياسة الجديدة للهجرة من خلال إطلاق حملة لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين غير النظاميين على مرحلتين، سنة 2014 وسنة 2017 واعتماد استراتيجية وطنية سنة 2014 من أجل إدماج ناجح للمهاجرين؛ فإن الواقع يفند كل الادعاءات ويضع الدولة أمام فظاعة ممارسات السلطات تجاه المهاجرين المقيمين بالمغرب، خاصة الأفارقة من جنوب الصحراء”.

الاول


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.