العرائش نيوز:
عبد السلام التدلاوي
إذا كان لا بد من إنشاء نصب تذكاري لشخصية سياسية طبعت الفترة المعاصرة لمدينة العرائش، سأختار شخصية رئيس المجلس السابق، ونائب الرئيس المقال في المجلس الحالي. ذلك ان النصب التذكاري يقام لتخليد ذاكرة للأجيال القادمة يستعيدون بها ذكريات مجيدة ورائعة أحيانا، وأحيانا أخرى ذكريات سيئة حزينة.
لكل منا ممن عاصر ولايات تسيير احسيسن، له انطباعات خاصة، هناك من يتمنى عودته، هذه الفئة تضم جميع الطبقات الاجتماعية، من مواطنين لم يستفيدوا بعد عن حق أو عن باطل من بقع برامج القضاء على دور الصفيح، إلى أعوان ومستشارين جماعيين ممن استفادوا خلال فتره وتعلقوا به ايما تعلق إلى درجة أن ورثوا عنه طريقة تفكيره، فأصبح منظرا بالنسبة لهم، إلى أ صحاب عقارات وطوابق خارج تصميم التهيئة. هؤلاء إذا أقيم النصب التذكاري، سيحجون إليه ويشعلون الشموع ، كما يقام الطقس بجانب أضرحة السادات والأولياء.
الفئة الثانية من السكان تضم مواطنين لم ينالوا من فترة تسييرها سوى التطاول في البنيان، وأمراض الربو الناتجة عنه، و كثير من الحسرة والألم كلما سافروا خارج المدينة، فمروا بحدائق وملاعب تؤثت المدن المزارة، بالنسبة لهؤلاء سيكون النصب بمثابة تذكار محرقة الهولوكوست كما يتمثلها يهود العالم.
لقد تشكل الوعي المحلي بأن احسيسن رمز الفساد الاول بالمدينة بقوة مع بدايات التواصل الرقمي، بالتحديد مع ظهور الفايسبوك. تزامن الأمر مع تواجد حزب العدالة والتنمية في معارضة مجلس يتراسه صاحب مشروع النصب التذكاري. ترسخت في اذهاننا صورة الرئيس رمز الفساد، سبب معاناة العرائشيين، وما زاد تأكيد هذه الصورة، تحالف حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال مع البيجيدي، ووصف الرئيس بالفساد.
تشكل مجلس 2009 برئاسة البيجيدي، انقلب السحر على الساحر، وعاد حزبا الاتحاد والاستقلال إلى حضن ما وصفاه بالفساد، ثم جاءت انتخابات 2015 ومنحاه الرئاسة ، فرسم لنا مشهد حزبي جديد، جبهة الفساد وجبهة محاربة الفساد، إلى درجة أنه بدأ يتشكل داخل الحزب الواحد، جناح احسيسن، وجناح محاربة جناح احسيسن.
أتت الانتخابات الاخيرة، فتشكلت جبهة تجمع خليطا من جناح الفساد وجناح محاربة الفساد مع التبرير بأنه يجوز التحالف مع الفساد، شريطة أن لايكون في موقع الرئاسة. هذا الطرح الجديد قوبل بمعارضة جديدة تنتقذ الفساد وفي نفس الوقت تتفاوض معه في سيدي علال التازي، وتطالب بتنفيذ تحالف وطني. من سخرية الأقدار أن طرفي مفاوضات سيدي علال التازي سيغيران موقعيهما، من كان معارضة سيصبح مسيرا، ومن كان مشيرا سيصبح معارضا، ثم مقالا بحكم قضائي، في انتظار ما ستسفر عنه الايام القادمة.
إن التموقع بالنسبة لاحسيسن هو التموقع السياسي المحلي الحقيقي الوحيد، فلا وجود ليمين ولا ليسار، ولا لأفكار تنموية او حزبية، عدا عدد الطوابق المخصصة للبناء لكل رصيف من أرصفة المدينة. فقط يوجد من يتموقع على يسار احسيسن، او على يمين احسيسن، وهذا التموقع ذاته ليس ثابتا، يتغير باستمرار حسب الظرفية والحاجة. لكن من المؤكد أن هذا التلخبط يؤدي إلى ما يشبه التمثيل بجثة السياسة في شقها الانتخابي، في مرحلة ما بعد موت السياسة حسب وصف علي أنوزلا.
في النهاية، على طريقة مقدم سلسلة موروكان هيستوري: وأنت؟ قل لي…شنو بان لك؟ احسيسن مزيان ولا قبيح؟
حماة الفساد:
جاء بالمقال:”…لقد تشكل الوعي المحلي بأن احسيسن رمز الفساد الاول بالمدينة…”…بغض النظر عن فساد المنتخبين الذي يعلمه الجميع تقريبا بحيث لا يمكن أن تجد مواطنا يعتبر كل منتخب شخصا نزيها…لكنني اتساءل دائما في أي حوار مع الاصدقاء او غيرهم عن دور الناخب في ايصال هؤلاء الفاسدين الى مناصب التسيير…كما اتساءل أيضا عن دور سلطة الرقابة الإدارية ومعها أيضا السلطة القضائية:لماذا لا تتحركان قصد اتخاذ المتعين ضد من يثبت ضده الفساد خاصة وأن تقارير مجالس الحسابات تتضمن المخالفات التي يرتكبها المسيرون…أين تكون السلطة من ممارسات الرؤساء؟من الغباء القول بأنها”تجهل” ما يقوم به الرؤساء لان القانون التنظيمي للجماعات يمنحها فرصة ردع الرؤساء الذين يخالفون القانون…لكن هذه السلطة تتحرك بنوع من الانتقائية لاعتبارات لا تخفى على المتابعين لتدبير الشأن الجماعي…أين كان:”المجتمع المدني”اثناء ولاية السيد احسيسن؟اين كانت: “المعارضة”؟أين كانت”المنابر”الاعلامية التي تدعي الدفاع عن المدينة؟اين كان كاتب المقال نفسه؟لقد احسن الكاتب عندما عدد الجهات التي يهمها احداث نصب تذكاري للسيد احسيسن لانه طبع فترة مهمة من حياة المدينة التي قد نختلف حولها،لكن السؤال المؤرق حقا هو أين كانت السلطات المختصة بالرقابة اذا اعتبرها تدبير السيد احسيسن مطبوعا بالفساد؟اظن ان الرئيس السابق ينطبق عليه المثل القائل: “طاحت الصمعة علقو الحجام”،والمثل الآخر: “حينما تسقط البقرة اكثر السكاكين”،وانا هنا لا أدافع عن احد،ولكن أتوجه بالسؤال الدائم:أين السلطات:العامل والوالي والوزير والمفتشية العامة للإدارة الترابية وقضاة مجلس الحسابات وغير ذلك من الهيآت الرقابية؟