العرائش نيوز:
بقلم: عزيز قنجاع
IIتاثير هزيمة حرب تطوان على العرائش
1/ النتائج الاجتماعية:
لقد كان لحرب تطوان نتائج جد عميقة على المجتمع العرائشي، فبدأ الانقسام يغزو طوائفه، حيث عززت هزيمة حرب تطوان أو ما يعرف في الأدبيات التاريخية الاسبانية بـ “حرب إفريقيا” اتفاقيات تجارية وديبلوماسية فتحت المغرب على مصراعيه لتجنيس المغاربة اليهود والمسلمين الذين أصبحوا يشكلون عنصر اضطراب دفع المخزن على إثرها إلى تقليص حرية المغاربة في التوجه إلى الخارج حيث كان في وسعهم التجنس والاحتماء بالأجنبي بسهولة. وقد دفعت الهزيمة الدول المتربصة بالمغرب إلى إعادة تضمين اتفاقياتها السابقة مع الأيالة المغربية بنودا مجحفة مست مسألة المحميين حيث أصبح من خلالهم الأجانب يتدخلون في الحياة اليومية للسكان المغاربية وأصبحوا مثيرين اضطرابات مفتعلة لم يكن للمخزن أمامها حول ولا قوة وأصبحوا عامل إضعاف مضاعف للمخزن المغربي.
وقد عرفت العرائش بهذا الخصوص بروز جماعة محميين بالمدينة ارتبطت مصالحهم مع محمييهم ففي قائمة موقعة من طرف عامل العرائش العربي ولد أبا محمد الشرقي مؤرخة في 10 ربيع الثاني 1297هـ الموافق للاثنين 22 مارس سنة 1880 م “مسجلة بمديرية الوثائق الملكية سجل رقم 13.133 “، تتضمن قائمة بأسماء 29 مغربيا من سكان مدينة العرائش يحتمون بدول أجنبية: وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء المحميين كما جاء في الرسالة كلهم يهود وليس بينهم مسلم واحد، تقول الرسالة: ” الحمد لله وحده: فالذين من أيالتي في الحماية هم من اليهود فقط ولا من المسلمين، فليس أحد منهم من أيالتي فيها. وأسماء اليهود الذين فيها في علمي بالزمام أسفله مع بيان الجنس الذي احتمى به كل يهودي منهم وقيد في 10 ربيع الثاني عام 1297.
العربي ولد أبا محمد لطف الله به:
- ففي حماية جنس الفرانسيس16 وهم. 1- اليهودي دبيد بن حجوط2- واليهودي سعدية بن مرسينو 3- ووالده حيم 4- اليهودي اليهو بن عمرو 5- واليهودي مخلوف بن المسلم 6- وابوه المذكور 7- اليهودي يعقوب الليبي 8- واليهودي شوبيل بن شطريت 9- اليهودي ميمون بن مامان 10- اليهودي ميمون بن سوسان 11- اليهودي بن يامين بن زازون 12- والحزان يعقوب كويهن 13- والحزان يمين كويهن 14- واليهو بيطون 15- واخوه مسعود16- واليهودي إسحاق بن ميمران.
- في حماية المركان 8 وهم 1- شلوم بن الصراف 2- ومسعود بن سمحون 3- واخوه اشمويل 4- ويهوده 5- واليهودي موشي بن عمرو 6- إبراهيم بن شمون صهر هليل.7- ويوسف الازرع شريك هليل المذكور 8- واليهودي اسير الليبي
- وفي حماية جنس النجليز اليهودي يعقوب بن زمرة
- وفي حماية جنس البرطقيز اليهودي مسعود بن البحر
- وفي حماية اصطريكو اليهودي إسحاق يعقوب
- وفي حماية حماية جنس برجكو اليهودي يوسف بن سمحون
- وفي حمايوة جنس الصبنيول اليهودي ايراهيم بن النايم
الجميع 29″
ويبدو أن عامل العرائش العربي ولد أبا محمد من خلال هذا الإحصاء الرسمي الموجه إلى السلطات العليا قد غالط السلطات المركزية في تقريره هذا بسبب كون القضاء و العدول بمدينة العرائش لم يكونوا يحصون المسلمين ضمن المحميين وهو ما سبب العديد من المشاكل الكارثية بالعرائش وصلت إحداها إلى مقر الحكومة الفرنسية بباريس.
ففي رسالة من القنصل الفرنسي بالعرائش السيد: “كامي دي لاروش” إلى السيد “فيرنْويي، وزير فرنسا بطنجة”. مؤرخة في الخامس من ماي 1880 موجودة ضمن نسخ مصورة مطابقة للأصل محفوظة بمديرية الوثائق الملكية سجل (21.746) جاء فيها: “سيدي الوزير منذ حوالي خمسة عشر يوما وقع حادث جد مؤسف، وذلك أن شقيق سمساري الحاج بنمنصور كان يبيع بالسوق قلوشات الزبد فاشترى منه الجنود البواخر المكلفون بحراسة عدير السلطان واحدة ثم رفضوا تسديد ثمنها: ومن ثم كانت مطالبة البائع الذي كان اشتكى اشتكاء مرا، فشتمه الجنود وضربوه. فلما علم سمساري بأنهم يضربون اخاه بادر مسرعا ليرى ما حدث، فشٌتم وضُرب بدوره وانتُشلت منه أثناء المشاجرة 1500 قطعة ذات خمسة فرنكات ذهبية كانت معه بقصد اشتراء الصوف لي. وقد وقع ذلك في واضحة النهار أمام المسلمين واليهود الحاضرين اثناء الشجار. ودون ضياع وقت استدعى سمساري الشهود إلى عدلين وجعل موجبا (وهما الرسمان اللذان تشرفت بتسليمهما إليكم) لكن لما قدم هاتين الوثيقتين إلى القاضي للخطاب عليهما رفض قائلا أنه لا يقدر على وضع علامته أسفل شهادة لصالح محمي فرنسي ضد جنود السلطان الذي يخشى منه على نفسه.
ولما أطلعني سمساري الحاج بنمنصور على كل ما حدث التمست من الخليفة أن يكتب إلى قائد تاطوفت التي عدولها وقاضيها تابع للعرائش لكي يتلقى شهادة الأُناس الذين كانوا حاضرين في الشجار والانتشال، وقد أخبرني السيد الحاج بنمنصور مؤخرا أن جواب زميله هذا القاضي كان رفضا قاطعا مثل جواب زميله بالسوق الذي وقعت فيه الواقعة.
فهذا إذن امتناع حقيقي من الفصل بين المتقاضين، وليس لي، سيدي الوزير، إلا أن ألتجئ إلى كامل تأييدكم العطوف لكي يُسترجع المال المنهوب ولكي تفهم حكومة السلطان أنه يحرم ضرب المحميين الفرنسيين ونهبهم وأن تشل بعد ذلك – برفض قاطع لا مبرر له – مطالبه العادلة لأجل أن يقيموا الحجة على صدقها”.
وقد عزز هذا الحادث حجة فرنسا في مطالبها المغربي في مؤتمر الجزيرة الخضراء فبتاريخ 11 ماي 1880 و بناء على طلب من وزير الخارجية الفرنسي , دو فريسيني Freycinet de , يطلب من خلاله من الوزير الفرنسي المفوض بالمغرب، ان يمده بمعلومات حول سوء تدبير الأقاليم المغربية من قبل السلطات المحلية من شأنها أن تساعد ممثل فرنسا في مؤتمر مدريد في الدفاع عن الموقف الفرنسي اتجاه مسألة الحماية القنصلية بالمغرب.
Charles de Freycinet