أيتها الشرفة

العرائش نيوز:

‏Balcon Atlantico
محمد بنقدور الوهراني

1-
أيتها الشرفة
ها أنا أجيئ إليك،
آتيك بقلب سليم،
كلما أشرقت شمس
وكلما لاح بين جوانبك
شمس أو بدر أو قمر،
وكلما مَسَّت سقائفَك
زخات أو رذاذ أو مطر،
وكلما فاضت من قلبي
آهات أنين وحنين
للبحر وللمدينة.

2-
أيتها الشرفة،
كلما آتيك
أرى الممرّات إليك،
صعودا أو نزولا،
حكاية،
أرى الخطوات إليك،
ذهابا أو رواحا،
حكاية،
أرى الزرقة فيك،
برا أو بحرا، حكاية،
أرى الجرح فيك،
حالا ومآلا،
حكاية،
أرى الدمعة فيك
تطيل المقام في القلب
تهفو قليلا
ولكنها تظل في الروح
لها ألف حكاية وحكاية.

3-
أيتها الشرفة،
كلما آتيك
على مهل أو على عجل
أراك دالية عناقيدها
من نبض ومن ذهب،
أراك حسناء أهوى غوايتَها
أبني لها قصرا في الهواء
من رَمْل أو من صخر
يذكرها بالمجد والحبق
والزخرف وبالمواويل،
ويذكرني بالضباب، بالريح
بالشيح وبوجع المدينة.

4-
أيتها الشرفة،
تعلمت منك
أن مواعيد العشاق
وثرثرات المحبين
يسجلها البحر
بمداد من دمع الراحلين،
وأن وشوشات النوارس
أنشودة تليق بها السعادة،
وأن  الغيمة، بخيرها وبجلالها،
تمسك السماء بخيط من وهن
وتضم البحر إلى صدرها
تهبه يدا بيضاء تسنده
وتسند المدينة.

5-
أيتها الشرفة،
تعلمت منك
أن السيدة الجميلة (لـلّا زوينة)
تنام كل ليلة في حضن قصيدة،
وأنها تعرف، بفطرة العرائشيات،
كيف تسقط النجوم في البحر
وكيف تخبئ أسرار الجميلات
بين العين والكحل والنظر،
وأنها، عندما تحاصرها الأحزان،
تغزل من صوف المرارة جمرا،
وترتق من الليالي الباردة فجرا،
وتحيك من خيوط الصباح صبرا وصبرا
وبالحناء ترسم على صخرة العمر
أحلاما تشبه الصباح.

6-
أيتها الشرفة،
منك تعلمت
أن ما بين زهرة الأقحوان
وأنامل الصبايا
أحاسيس مشتركة،
وأن مابين شقائق النعمان
والشاردات من النحل والفراشات
حريق ورحيق ورضاب وندى
وقبلات مسروقة،
وأن زهرة الفوتوغراف الحمراء
لم تذبل بين أحضانك
إلا لأن شهوة الغناء
كان لها رنينٌ يشبه العويل
ونحيبٌ يحيط بالمدينة.

7-
أيتها الشرفة،
منك تعلمت
كيف تصارع الريح
موج الخريف،
وكيف تصير الصخرة
من هول البكاء
في وزن فراشة،
وكيف يلين الماء
بجراح الأشرعة
ودمع العناق،
وكيف يتحول نزيف المجادف
إلى حياة أخرى
مسكونة بسكرة موت أخرى،
وكيف يمكن للطحالب
أن تصير، بقدرة قادر،
ورودا في مقابر المدينة.

8-
أيتها الشرفة،
منك تعلمت
أن المنارة عمياء
لا تعلم متى ينتهي النهار
وأن قبس النور
الذي تراه المراكب
ليسعفها على التحديق
طويلا في الشمس
والتحليق بعيدا في المدى،
يدلها على الماء
ويدلنا على السراب،
إذ لا ضوء هنا
يبدد عتمة المدينة.

9-
أيتها الشرفة،
منك تعلمت
أن الضباب رداءُ الماء
وأن المساء، كل ظهيرة،
يلوح للشمس وللمحبين
يستعير منهم شيئا من الشفق
وبعضا من القلق
وكثيرا من هيبة الظلام
ثم يخبرهم بسر الانْطِفاءات،
وأن الزمن كلما انحدر
تتعدد خيباتُه
وتتنوع فصول الانحناءات.
منك تعلمت،
أن البحر يجدّد دمه
كل مدٍّ وكل جزر،
وأن الموت الذي يهزمنا
يزف إلينا إغراءاته بِغُنْجٍ
يأتي، يرحل
يجيئ، يذهب
يأخذ معه زرقة الماء
ويترك لنا ملوحة المكان
ودمع المدينة.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليق 1
  1. جميلة يقول

    و لم كل هذا التعب؟ صور و كلام متناثر هنا و هناك ليس بينه روابط . هل هذا شعر ام خواطر ام..؟ لقد نسيت ان تكتب لنا ماهيته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.