ضريبة “الهروب” من التعليم العمومي

العرائش نيوز:

كان المعتاد في الدخول المدرسي أنه يقض بالدرجة الأولى مضجع التلاميذ فقط، الذي كانوا يتخوفون من تفاصيل لا يتحكمون فيها، من قبيل طبيعة الأساتذة والمعلمين الذين سيدرسونهم، أو الأقسام والمؤسسات التي سيدرسون فيها، وماذا تخبئ لهم البرامج التعليمية من مفاجآت؟ وهل تنطوي على قدر من الصعوبة بشكل سيجعلهم يمضون موسما دراسيا في الجحيم؟.
أما اليوم فقد صار بعبع الدخول المدرسي هاجس الآباء وأولياء التلاميذ. كثير منهم صاروا يضعون أيديهم على قلوبهم، ويتحسسون جيوبهم إن كان فيها ما يناسب حجم هذا “البعبع” ويليق به، أم أن الأمر سيكون بمثابة غرق إضافي لهم أمام توالي ضربات المصاريف الطارئة، بسبب تقارب مواعيد نهاية العطلة الصيفية وعيد الأضحى والدخول المدرسي.
وقع “الضربات المتجاورة” يكون أشد وقعا على أرباب الأسر الذين اختاروا لأبنائهم، سبيل التمدرس في القطاع الخاص، هربا من سمعة التعليم العمومي التي صارت في الحضيض، وصار الجميع يتخوف من الزج بفلذات كبدهم في براثن تعليم أريد له أن يظل أسير مشاكل لم تعد تشجع أحدا على الانتساب إليه.
وترسخ اعتقاد لدى العديد من آباء وأولياء التلاميذ، على أن لا حل لديهم لإنقاذ مستقبل أبنائهم الدراسي، سوى الارتماء في أحضان التعليم الخاص، مع ما يرافق ذلك من إرهاق جيوبهم بمصاريف إضافية، يجتهد أرباب المؤسسات الخاصة في رفعها مستغلين الإقبال المتزايد على تسجيل التلاميذ ونقلهم من المدرسة العمومية إلى نظيرتها الخاصة.
هاته المدارس الخاص تتوزع بين بعدين، الأول بيداغوجي وتعليمي، تتحمل مسؤوليته الوزارة الوصية على القطاع، أما الثاني تجاري تنصلت من مسؤوليته الوزارة، لأسباب تشريعية بحكم أن القانون المغربي لا يمنحها حق التصرف في هذا الباب.
والنتيجة أن الباب ترك مفتوحا على مصراعيه، وجعل هذه المدارس الخاصة تبحث عن الربح بالدرجة الأولى، إذ أن هذه المؤسسات ترفع كل سنة أسعارها على الآباء، في ضرب صارخ لرسالتها التربوية، وتتحول إلى مقاولة أو “سوق ممتاز” همه الوحيد مراكمة الأموال على حساب جيوب المواطنين.
ومما زاد في استفحال الوضع، أنه ليست هناك معايير تحدد أسعار مدارس التعليم الخصوصي، والعديد من المدارس تستغل رغبة الآباء في توفير تعليم جيد لأبنائهم وبناتهم، وتزعزع ثقتهم في المدرسة العمومية، لكي يفرضوا الأسعار التي يريدون، بما فيها التعليم واقتناء كتب بعينها فضلا عن الأنشطة الموازية، وما على الآباء إلا الرضوخ مرغمين لشروط عصابات القطاع.
الصباح: عزيز المجدوب


شاهد أيضا
تعليقات
تعليق 1
  1. محمد أيوب يقول

    عن التعليم:
    المسؤول عن تدهور التعليم العمومي يتمثل في الدولة اولا وقبل كل شيء،فخطتها واحدة في قطاعين اجتماعيين وهما:التعليم والصحة…فهي تعمل على التخلص منهما بأي طريقة كانت،ولهذا فهي تشجع المدارس الخصوصية عبر تقديم اعفاءات ضريبية لها… كما أنها تتعمد اهمال القطاع الصحي العمومي لارغام المواطن على التوجه نحو القطاع الخاص…ولجوء المواطن الى القطاع الخاص في التعليم والصحة يفرح الدولة ومافيا التدبير العمومي التي تستغل الفرصة من أجل الاستثمار في القطاعين…إن كل عاقل لا تعوزه الحكمة ليتأكد من أن سوء خدمات قطاعي التعليم والصحة هو فعل كمنهج ومدروس…ثم ياتي دور الأساتذة الذين يحملون نصيبا من المسؤولية في تدهور التعليم العمومي،ونفس الامر ينطبق على العاملين بقطاع الصحة العمومي…ومن يرى غير ذلك فهو يجامل او ينافق او يستفيد…استقراء الواقع يفضح خطاب الانتهازيين والوصوليين الذين يراكمون ألثروات بشعارات فارغة عن التنمية والتقدم والازدهار والمساواة امام القانون وفي الاستفادة من المرافق العمومية على حساب ابناء الشعب الذين يصدق اغلبهم تفاهات اعلامنا العمومي البئيس…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.