ممالح العرائش، أكثر من 20 قرنا من العطاء

العرائش نيوز: 

محمد عزلي

الممالح بالعرائش قديمة قدم التاريخ، ففي بداية القرن الأول قبل الميلاد، شيدت بحاضرة ليكسوس معامل لتمليح السمك والتي تعتبر من أهم المنشآت الصناعية تاريخيا في غرب البحر الأبيض المتوسط وأول مصانع تصبير الأسماك عرفتها المنطقة، ومن الطبيعي أن تعرف صناعة الملح من خلال تبخير مياه البحر بضفة النهر المقابلة لمجمع الصناعة السمكية هذا نشاطا وازدهارا موازيا استمر إلى يومنا باستمرار النشاط الصناعي والتجاري المرتبط بالسمك، فحتى بعد انتقال المدَنِيّة في العصر الوسيط من الضفة اليمنى لمصب وادي لوكوس حيث موقع ليكسوس إلى ضفته اليسرى حيث تتواجد مدينة العرائش ظلت (الملاحات أو الممالح أو الملالح كما ينطقها أبناء المدينة) محافظة على تواجدها الحيوي وموقعها بجانب الوادي كما توضحه العديد من التصاميم التي وصلتنا ومن بينها تصميم بيرناردو ألديريت لمدينة العرائش سنة 1614 إبان الاحتلال الإسباني الأول.
يعتقد الكثير من الباحثين المهتمين بتاريخ المدينة أن مكان الممالح بين الموقع الأثري ليكسوس ومدينة العرائش يخفي الكثير من الأسرار التي قد تكشفها الأبحاث الأركيولوجية، خاصة تلك المتعلقة بالمرسى الذي عرف ازدهارا تجاريا خلال حقب التاريخ القديم، حيث ارتبط ذكره ودوره الهام بمختلف الأقوام والثقافات التي نسجت خيوط الحضارة الإنسانية (أمازيغ، فينيقيين، موريين، قرطاجيين، نوميديين، رومان..)، ثم الحبقة الإسلامية في العصر الوسيط والدول التي عاصرتها؛ المرفأ التجاري الذي لم يحسم الباحثون أمر توطينه إلى اليوم.
تحمل ممالح العرائش صورة نمطية راسخة في وجدان أبناء المدينة والكثير من زوارها من كل الأجيال، إنها جزء أصيل من الذاكرة المحلية المشتركة، فموقعها بالمدخل الشمالي للمدينة على الطريق الوطنية رقم 1 وسحر منظرها الفريد بخلفيتها الرائعة عند مصب وادي لوكوس في المحيط الأطلسي، يجعلك تحس بشعور رائع تمتزج فيه فرحة الوصول إلى الديار والاندهاش المتكرر في كل مرة تنظر فيها لجبال الملح وتلك المربعات والمستطيلات المائية المتناسقة التي ترافقك إلى مدخل المدينة كواحدة من أمتع لوحات الجمال المغربي والكوني.
[صورة المنشور بعدسة محمد أبودزاز الفضالي]


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.