من الريف الشامخ : بعض من انجازات ابناء العرائش البررة الدكتور مجيد النفيفخ

العرائش نيوز:

يعتبر الطبيب العرائشي الدكتور مجيد النفيفخ دكتور نساء وتوليدي بالمستشفى العمومي بالحسيمة مثال للطبيب المتشبع بأخلاق المهنة كما انه يحضى باحترام وتقدير كبيرين بين زملائه لما عرف به من تفاني ونكران الذات في سبيل انقاذ ارواح الناس ومساعدتهم، وهذه شهادة لزميل له تبين حجم التضحيات والتفاني الذي يقدمه ابن العرائش الدكتور مجيد النفيفخ

بعض من المعاناة و الامل

قدم صديقي الجينيكو الدكتور مجيد مهرولا، فلديه أم ل5 أطفال تنزف في آخر شهر من حملها السادس، علما أنها لم تتابع حملها عند أي طبيب، وبعد فحصه لها بالصدى تبين له أن لديها ما يسمى بال placenta praevia recouvrant بمعنى أن غشاء المشيمة يغطي فم الرحم وبالتالي لن يكون من الممكن خروج المولود عبر المعبر الطبيعي والعملية القيصرية تفرض نفسها.. ولكنه استشارني لأنه شك في مشكل أسوأ قد يعرض حياة الأم لخطر النزيف حتى الموت ولذلك طلب مني التأكد من التشخيص.. سألته إن كان من الممكن أن أتبعه بعد 5 دقائق لكي أفرغ من كتابة التقرير الذي كان بين يدي، ولكنه قال لي بنبرة حازمة: “ليست لدينا 5 دقائق”.

صعدت إلى مصلحته وأنا أقول في قرارة نفسي: لو قدم أحدهم وصور المكتب خلال غيابي فسيتحدث المغرب عن إهمال أطباء الأشعة وتغيبهم وستسبني ساكنة الحسيمة بحماس..

أثبت الفحص الذي أجريته بينما كانت المريضة تصرخ مخاوف الطبيب، يتعلق الأمر بإحدى مضاعفات العمليات القيصرية الخطيرة ألا وهي ال placenta accreta حيث تنغرز مشيمة الحمل الحالي عبر الجرح السابق وتحتل عضلة الرحم, مما يعرقل الخلاص وقذ يتسبب في النزف حتى الموت.. ليس ذلك فقط بل تبين لي أن الغشاء تخطى الرحم ليغزو جدار المثانة، حتى التحم العضوان تقريبا (p. percreta).. وهذا كان يعني عدة أمور.

يجب استئصال الرحم والتزود بالكثير من أكياس الدم واستدعاء طبيب المسالك البولية خلال العملية في حال لحقت أضرار بالمثانة.. في ظروف أخرى، فإن فحص IRM يكون مستحبا للتأكد من التشخيص ولكن المريضة تنزف ولايمكن إرسالها لمستشفى جامعي.. جلسنا نتناقش: يجب إطلاع الأسرة على الاحتمال الكبير لاستئصال الرحم، بل وإخبارهم بأن احتمال الوفاة يبقى واردا بسبب النزيف.. فبسبب المواقع الاجتماعية أصبح الجميع يحاكم الأطباء ويدلي بدلوه ويفتي عليهم ما يجب أن يفعلوه أم لا ويكيل لهم التهم الجاهزة ولو قاموا بما يلزم.. وتذكرنا حالة الطبيبة التي اضطرت لاستئصال رحم امرأة حسيمية لإنقاذها من الموت نزفا، فما كان من الصحف المحلية إلا أن كتبت: “طبيبة عاقر تستأصل أرحام نساء الريف”.. عنوان مدمر وخبيث يقطر سما، فيه من الأحكام المسبقة والقذف والتدخل في الحياة الشخصية للطبيبة ماهو كفيل بتحطيم نفسيتها, ومن الأكاذيب مايبعث على الغثيان، كل ذلك جزاء لها على إنقاذها لحياة مريضتها !!

لم تكن العائلة حاضرة، فالأقارب لايتواجدون عادة إلا عندما يتعلق الأمر بسب الأطباء في حال الوفاة أو من أجل متابعتهم قضائيا من دون سبب، ولذلك اكتفى الجراح بإخبار السيدة بتفاصيل حالتها والاستعداد للعملية التي كنا نعرف أنها ستكون جد مستعصية والتي تمكنتُ من حضور مجرياتها خاصة وأنني أحب الجراحة.

كان السائل السلوي متعفنا ولم يبك الطفل بعد إخراجه، ثم توقف نبضه وتنفسه ولكن الطاقم التمريضي تمكن من إنعاشه بنجاح, حيث اطلعت على حالته فيما بعد أنا وطبيب الإنعاش بقسم إنعاش المواليد ووجدنا أنه على مايرام في حاضنته الزجاجبة.

أما عن الأم فتبين أن التشخيص صحيح، وتم استئصال الرحم وتقشير جدار المثانة مما علق بها من أجزاء المشيمة في حضور طبيب المسالك البولية الذي لم يضطر للتدخل.. وتكللت العملية بالنجاح رغم صعوبتها وطولها وهكذا تم إنقاذ المريضة من موت محقق.

عندما كنت في طريقي لمصلحتي لقراءة السكانيرات المتبقية بعد العملية، كانت المريضات اللواتي ينتظرن الجينيكو أمام مكتبه الفارغ يغتبنه ويتهمنه بأبشع الصفات دون أن يدرين أنه قام بعملية أسطورية للتو وأنقذ أما ومولودا وأسرة بكاملها وأنه ينهي تقطيب الجرح في تلك الأثناء.

كل يوم يقوم الأطباء بالمعجزات ولايحصدون إلا مافحش من الكلام.. حيث لا نرى سوى فيديوهات لمريضات مصابات بالهستيريا ينتفضن على الأرض ويصرخن كالمجنونات للفت الأنظار وماأكثرهن, في الوقت الذي يدعو فيه الحاضرون على الأطباء بالهلاك علما أن الهستيريا لاتقتل وأننا نشخصها بسهولة كأطباء ونعلم إن كان الأمر يستدعي التدخل أو لا.. أو فيديو لمولود ميت يتحدث أبوه بانفعال عن إصابة في رأسه وعن قتل الأطباء له ويطلب تدخل الملك في الوقت الذي لايعتبر فيه الأمر سوى تمظهر عادي لاستخدام تقنية طبية ventouse تستعمل في الولادات المستعصية مما يؤدي لتجمع بعض الدم تحت الجلد bosse séro sanguine، مما يدل على أن الأطباء قاموا بما في وسعهم لإنقاذ الصغير.. وغيرها من الفيديوهات التي نراها يوميا والتي تُجمع على شتم الأسرة الصحية في ظل الجهل بالمعارف الطبية..

لقد “ذهب الطب في ستين داهية” في المغرب في زمن المواقع الاجتماعية والخصاص.. فحتى لو كنت سوبرمان سيلصق بك الناس كل صفات الشر بمجرد أن تكون طبيبا يحاول سد الشروخ المتزايدة في أرضية القطاع الصحي العام والتي تتسع يوما بعد يوم.. أظن أن خزانات الصبر لدينا ستنفذ قريبا..

رجاء لاتسقطوا علينا تجاوزات الاَخرين ممن نتبرأ منهم من زملائنا..


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.