وادي الضباع …!

العرائش نيوز:

  16:54:44

بقلم : عبد القادر العفسي

لعلهم في كل ما يقع بمحيطنا الجيو استراتيجي أذان بعودة النفس الإمبراطوري، فكل الدول (التاريخية) تبحث لها عن تحصين مجالها الاستراتجي القديم و تحاول الخروج من حدودها الوطنية لكسب وجود اقتصادي سياسي توسعي …و نفوذ تُحصن المجال الوطني الأصلي.

فتوجه ” تركيا ” نحو واجهتها الشرقية ليس عبثيا بعدما اصطدمت بالجدران الأوربية ، لأن المجال العربي هو المجال الرخو و المتوفر على مواد اولية استراتجية و مصادر للطاقة اضافة لكونه سوق استهلاكية يمكن فتحه أمام المنتجات و الاستثمارات التركية ،  و لو اقتدى الحال إضفاء مُسوحات دينية لذالك.

فالسياسة هي سياسة النتائج لا سياسية اللغو و الفراغ و الخسارة ، و المغرب كدالك بحكم تجربته التاريخية و تراكمه المديد عبر قرون يَعْلم جيدا على أنّ مجال الجنوب هو المتاح له حاليا لتحصين ذاته ، وأنّ استقرار حدوده الشرقية مرتبطة بأمنه القومي و أن المشكلة ليس فقط مع النخبة الفرانكفونية العسكرية الجزائرية ، بل هي كذالك مع فكر الحذر و المراقبة التي تنهجه “اسبانيا” اتجاه المغرب ، فهي تعلم جيدا أنه كلما اطمئن المغرب في الجنوب و أمّن شرقه تُصبح المملكة القشتالية بدون أدوات تأثير كبيرة على المغرب .

انها دورة تاريخية قد ابتدأت مع ما سمي بثورات الألوان ” بأوروبا الشرقية و ثورات “الربيع ” في الدول العربية ، فروسيا حتى هي تقود لبناء مجالها الاستراتجي يبتدئ من مطار دمشق الدولي ، و الصين تقود لبناء طريق الحرير برا و بحرا العابر لأسيا من الهادي الى المتوسط …وهكذا .
كلها متغيرات تطرح على المغرب الجهوزية القصوى على كافة الأصعدة على المستوى الاقتصادي و السياسي و الثقافي  و الديني و المدني و العسكري و ألاستخباراتي  ، لأننا في موقع عرضة لكل مجهودات الاختراق سواء بالأيديولوجية أو بالسياسة أو بالضغط الاقتصادي أو النفخ في المشاكل و فرقعتها اعلاميا كأنّ البلاد في سيبة .

إنّ هذا الاختراق و الذي يتفاعل معه البعض بحسن نية أو بقصد مقبوض الأجر ، لا يخفى على عين المتفحص لبعض الممارسات السياسية أو ممارسي السياسية ، الذين من أجل الوصول أو الحفاظ على زعاماتهم لا يجدون غضا الاستفادة من تمويلات أجنبية تحت غطاء دورات تكوينية أو دعم تنموي أو قوافل اجتماعية … أو الاستنجاد بقطاع الطريق و مهربي المخدرات و تبوئهم مكانة في لوائحهم الانتخابية أو غيرها … وهذا ما جعل معظم شباب المغرب بأكثر من 95 في المائة خارج العملية السياسية ، لأنه يجد نفسه أمام مقاربتين خطيرتين :
واحدة تشحنه و تهيئه بكل السبل الايديولوجية ليخرب الحياة الدنيا ليفوز بالحياة الأخرى .
و المقاربة الثانية تدعوه الى الانغماس في الأموال القذرة و التوفر على مدخول سهل و ركوب المغامرة، وصل حد التخلي عن كل قيمنا الاخلاقية.

أنه بين مطرقتي السندان، مطرقة إيديولوجية و بين تدابير متطلبات الواقع ، و هنا يبرز دور الضباع التي تعمل على نهش المغرب و كذا سعيها الحثيث على اختراق كل المجالات المجتمعية إما بالمال الأسود او الإيديولوجية الظلامية  المستوردة.
ومن أجل أجندة غريبة عنا تلتقي المقاربتين ، فلا ضرر بالاستعانة بعائدات المخدرات لتمول الدعوة الى ماذا … لا نعلم ..! و تصدير المخدرات يُبحث له عن تأصيل فقهي هو مادام يوجه إلى (الكفار) فلا ضرر ..! و كما يقول العامة ” حْنَا معدناش الكِيماوي و لكن كنصدروا الكِيفَاوي “.

و الخطر الكبير هو أن يصل اختراق هذه المقاربتين الى حد تهديد كل من يقف في طريقهم سواء كان رجل سياسية أو رجل سلطة أو موظف … حتى أضحى البعض تحت رحمة هذه اللوبيات التي تمازجت و تتآزر للدفاع عن مصالحها بل العمل على تسريب عناصرها الى داخل مفاصل الدولة من أجل تحوير كل القرارات أو سياسات  لا تخدمها أو أن تكون عيونها على مصادر القرار.

عندما دعى أحد الأئمة بإيطاليا قائلا : ” اللهم اجعل هذا البلد أمناَ ”  اتهموه بالخروج عن الشريعة ، فهل سيتهموننا عندما ندعو : “اللهم اجعل هذه الدولة امنة مستقرة  متعافية  سليمة ”  ، إنّ ” عمر ابن الخطاب ” رضي الله عنه كان يعلم أنّ السياسية تدبير و أن الدين إيمان و عقيدة، أما بعض سياسيونا الذين تجلببوا باسم الدين فيعتبرون أن السياسة تدبير الدين مقتصر على ما يمكن أن تغتنمه العائلة أو الطائفة أو الحزب من مكاسب و امتيازات و اعادة ربط العلاقات مع تجار المخدرات و ارسال الوفود الى العمرة او الحج أو تقديم ” أردوغان ” كفاتح عظيم و مبشر بالجنة لمن دخل تحت عباءته، و لما لا خليفة المسلمين …!

نتساءل هنا و نتمنى الاجابة : ما هي جنسية الشركة التي فازت  بغطاء ..!  لبناء السفارة الأمريكية في القدس ..؟
إنه زمن وادي الضباع


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.