إطلالة على مؤسسة الزاوية في العرائش خلال القرن العشرين

.   العرائش نيوز: 

شكيب الانجري: ارشيف العرائش

  الزاوية بمدينة العرائش،إشكالية التأريخ

تجمع كافة الدراسات التاريخية  التي اتخذت من مدينة العرائش وتاريخها موضوعا للدراسة ، أن هذه الحاضرة كانت من أهم الثغور الساحلية المغربية ونقطة إستراتيجية جد هامة لصد مختلف الأطماع  الإبيرية التي توالت على المغرب[1][1] و أدت إلى السيطرة على عدد من الثغور الساحلية على طول الواجهة الأطلسية . وبقيت مدينة العرائش صامدة ترد حصونها ومدفعية بطارياتها  تلكم المحاولات للسيطرة عليها ، ويكفي دليلا على ذلك شهادة الملك الاسباني فليب الثاني  على أهمية المدينة، حين صرح في بلاطه قائلا:”مرسى العرائش يعادل أهمية سائر مراسي المعمور، أو كما ترجم في هذا المعنى[2][2].

إن محاولات  النيل من وحدة المغرب المتكررة التي ارتفعت وتيرثها بشكل مضطرد عقب سقوط غرناطة سنة 1495 م [3][3]. ونزوح ما عرف في تاريخ حرب الاسترداد “بالمورسكيين” وإستطانهم بالثغور الساحلية الشمالية خاصة  تطوان ، طنجة ، العرائش، وتخوف بلاط الملكين الاسبانيين فرناندو و إيزابيلا من تجمع فلول الأندلسيين، دفعهم إلى مطاردتهم في النقاط التي نزحوا إليها[4][4] من خلال محاولة السيطرة عليها وتكثيف الجهود العسكرية لمنع كل تدخل من شأنه أن يعيد المسلمين للأندلس. وتبعا لذلك نشطت الحركات الجهادية بهذه الثغور بغية الوقوف في وجه المد الأيبيري الجارف [5][5]ومن الذين اطلعوا بمهمة استنهاض الهمم وتحفيز النفوس على الجهاد وبذل المال والسلاح في سبيل صون حرمة البلاد والحفاظ على كرامة العباد مؤسسة الزاوية، التي برزت أمام تراجع وتدهور السلطة المركزية كبديل ذو شرعية دينية ليلعب هذا دور المقدس [6][6]، خاصة أن محاولات احتلال الثغور الساحلية كانت في العمق مدفوعة من قبل البابا بالفاتيكان في إطار ضمان استمرارية الحروب الصليبية على العالم الإسلامي . فظهرت تباعا لذلك مجموعة من الرباطات الجهادية بهذه الثغور ومن جملتها ثغر العرائش .لا تسعفنا المصادر التاريخية في الرصد ،و بشكل دقيق في الصيرورة التاريخية لظهور وتطور التمثيليات الصوفية بالعرائش لمختلف الزوايا بالمغرب والعالم الإسلامي ، إلا أننا سنحاول في هذا المحور أن نتطرق بدراسة والتحليل إلى الزاوية بثغر العرائش لمختلف الأدوار التربوية ، السياسية ، الاجتماعية ، السلوكية وغيرها التي لعبتها . مركزين على فترة القرن العشرين الميلادي ، وهي الفترة الذي عرفت بناء مجموع مقرات الزوايا الصوفية سواء بالمدينة العتيقة أو بالحي الكولونيالي .

لقد ارتبطت العقلية الدينية المغربية ارتباط وثيقا بمؤسسة الزاوية باعتبارها الفضاء المقدس المرتبط شيوخه بالنسب الشريف والانتماء لبيت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن تم تعلق المغاربة بهم تبركا وتقربا إلى الله عز وجل فكانت كل فئة تتبع طريقة شيخ أو منهج عبادة في زاوية من الزوايا . لقد كان لهؤلاء الشيوخ المتصوفة دور أساسي ومحوري في مجموعة من المحطات التاريخية المصيرية للمغرب [7][7]، من ذلك دور الشيخ أبي المحاسن يوسف الفاسي في معركة وادي المخازن في غشت  سنة 1578. حسبما ما ورد في ترجمته المعروفة ب:”مرآة المحاسن في أخبار الشيخ أبي المحاسن” [8][8]، وخلال معركة تحرير العرائش نونبر سنة 1689 م على عهد السلطان مولاي إسماعيل حيث جاء ذكر لعدد من المتصوفة الذين شاركوا في عملية التحرير في قائمة  من وثيقة تقسيم الغنائم على المشاركين[9][9] . وغيرها من المواقف الجهادية للزاوية في هذا الاتجاه. كما تزودنا الوثائق المخزنية وخصوصا ظهائر توقير التي ينعم بها السلطان على شيوخ الزوايا الموالية للمخزن، عددا من أسماء المتصوفة من علماء ورجال الدولة والشرفاء بمدينة العرائش[10][10] . كما ارتبط رياس الجهاد البحري في مرسى العرائش بالطرق الصوفية وشيوخها ملتمسين بركاتهم وصلح دعائهم نظرا لما يقومون به من مغامرات في عرض البحر ضد السفن الأجنبية أو ما يعرف  بسفن دار الكفر[11][11]. ومن تم يمكن أن نستنبط أن الزوايا بمدينة العرائش ظهرت  في وقت مبكر و إن لم تشر إليها المصادر التاريخية بصريح العبارة ذلك أن أتباع الطرق الصوفية بشتى المدن بالمغرب وبواديه كانت لهم دون شك فضاءات يتجمعون فيها للذكر والمذاكرة في الأحوال الدينية والدنيوية فهي بذلك زوايا صوفية. خلال فترة القرن20م. حاولت سلطات الحماية الاسبانية استمالة مقدمي الطرق الصوفية بالعرائش لوعيها بالدور التأثيري لهؤلاء على الساكنة بمختلف شرائحها الاجتماعية وذلك عن طريق الامتيازات ، الأعطيات ،الحماية …وغيرها[12][12]. من ذلك نجد أن كل الزوايا قد تم إصلاحها وتهيئتها نهاية الثلاثينات من القرن 20 عقب انتصار قوات الجنرال فرانسيسكو فرانكو في الحرب الأهلية الاسبانية (1936-1939)، لدرجة أن ساكنة المناطق الشمالية للمغرب الخاضعة لنفوذ الحماية الِإسبانية،أصبحت تنعت الجنرال المذكور ب:”فرانكو المقدس” (Franco  El Santo) نظرا لتقديسهم للزوايا  و الأضرحة ولكل من يهتم بها[13][13].

 

 

 

2.      أدوار الزاوية في مدينة العرائش خلال القرن العشرين:

شأنها شأن باقي الزوايا بالمغرب ، لعبت الزوايا الصوفية بمدينة العرائش أدوارا متعددة خلال فترة القرن 20 ، وأثرت في المجتمع بالغ الأثر في فترة جد حرجة من تاريخه ، فترة تميزت بمحاولة السلطات الاستعمارية الإجهاز على الثقافة المغربية وخاصة قتل روح الاعتقاد الديني لدى المغاربة وإبعادهم عن التشبث بالقومية العربية الإسلامية  بدعوى عصرنة المجتمع وتحديثه وفقا للمعايير الأوربية التي تقوم على أساس مادي إلحادي صرف[14][14] . فتصدت مؤسسة الزاوية بمدينة العرائش لهذه المحاولات إذ كانت إلى جانب المساجد الفضاءات التي تلقن فيها مختلف العلوم والمعارف . وسنحاول في هذا المحور التطرق للحديث عن أربعة أدوار أساسية لمؤسسة الزاوية  خلال فترة الحماية الاسبانية على مدينة العرائش ويتعلق الأمر بالدور التربوي، الجهادي- الوطني، الاجتماعي والطرقي.

1-     2 :الدور التربوي:

منذ ظهور الزوايا بالمغرب كفضاءات للعبادة وملاجئ لعابري السبيل ، وهي تهدف إلى لعب دور تربوي بين مختلف فئات المجتمع المغربي[15][15] . ولم تحد تمثيليات الطرق الصوفية بمدينة العرائش عن هذا المنهاج، فقد كانت الزاوية تمارس دور المدرسة القرآنية في تعليم الناشئة مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القران الكريم بالإضافة للحساب ودروس في العقيدة وتلقين للحديث النبوي الشريف، إذ كان شيوخها ومقدميها ممن اجتمعت لديهم معرفة بالعلوم الدينية والدنيوية[16][16]. فكانوا بتقواهم وحرصهم على الاتصاف بمكارم الأخلاق قدوة تقتدي بها الناشئة.كما حرصت الزاوية بمدينة العرائش على تأطير المجتمع أخلاقيا والرقي به بذلك مدارك الصفاء الروحي.و تميزت أيضا بعقدها لحلقات المديح النبوي السماع الصوفي، إذ شكلت مدارس لهذا الفن  تخرج منها العديد من المادحين والمنشدين لهذا اللون الفني بالمدينة  فضلا عن تلقين مبادئ العزف على الآلات الموسيقية من التي استحسنت الزاوية إدخالها لفضائها ولم تجد حرجا في دلك، فكانت معاهدة موسيقية سابقة لعصرها[17][17].

 

2-     2: الدور الجهادي – الوطني:

عبر تاريخها الطويل كانت الزاوية المنطلق لمختلف الحركات الجهادية في المغرب نظرا –كما أسلفنا – لدور شيوخها في استنهاض همم المغاربة لمدافعة الأخر الطامع في النيل من وحدة التراب المغربي والمساس بحرمة العقيدة الإسلامية[18][18]. وهنا يمكن أن نسجل خلال فترة القرن 20 الدور المحوري لمقدمي الزوايا بمدينة العرائش في حث ساكنة المدينة على أخد موقف معادي من الاحتلال الاسباني ،وانخراط عدد من المريدين للزوايا في الحركة الوطنية في فترة جد مبكرة ، ومن ذلك نذكر الحاج عبد السلام التدلاوي أحد مريدي الطريقة التيجانية يترأس التمثيلية الإقليمية لحزب الإصلاح الوطني ومعه ثلة من المريدين والمواظبين على أوراد الطرق الصوفية بالعرائش[19][19]. كما نذكر في هذا الاتجاه الحاج المهدي ابن الفقيه مقدم طلبة القران الكريم بالعرائش منتصف الثلاثينات من القرن العشرين سيدي عبد السلام بالمهدي مقدم الطريقة البدوية بالعرائش ودفين زاويتها[20][20]. وفي هذا السياق حاولت السلطات الاستعمارية بالمدينة إضعاف نفوذ الزاوية السياسي عبر استمالة مقدميها بالأعطيات والهبات لراسخ علمها لحساسية الزاوية في عملية  ضمان استقرار الحماية الاسبانية للمنطقة .  ومما تواثرته الرواية الشفوية لبعض مقدمي ومريدي الزاوية القادرية بمدينة العرائش.وهي من أقدم وأعرق الزوايا بالمدينة والتي كان لها أتباع كثر ، أن الإستعمار الاسباني كان يحرص على إبقاء زوايا الطرق الصوفية منشغلة بطقوسها الدينية وإحياء مواسمها الاحتفالية، وتسخير موارد مالية مهمة لهذا الغرض، حتى يبعدها عن العمل السياسي ليفرغها من القيم الجهادية التي ميزت الزاوية الصوفية المغربية[21][21]. وهو أمر لم يكن لينطلي على مريدي ومقدمي الزاوية ما دموا متشبعين بقيم حب الرسول صلى عليه وسلم، متشبثين بسنته و حريصين على اقتفاء أثره، حافظين لأحاديثه الشريفة ، ومن تم حصل لهم راسخ اعتقاد وتمام يقين بضرورة رد العدوان عن البلاد وحماية حرمة العقيدة والمعتقد . وإن كنا نلاحظ أن الزاوية بمدينة العرائش قد استكانت مرغمة أمام قوة إدارة الحماية العسكرية، لكنها كانت حاضرة في محطات الكفاح الوطني الذي بلغ أوجه نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن العشرين إثر عملية نفي السلطان محمد الخامس و قرب حصول المغرب على استقلاله[22][22]. كما لا ننسى خروج أهل العرائش قاطبة ومعهم مقدمي الزوايا الصوفية استنكارا واحتجاجا على محاولة خلق الفرقة بين المغاربة وتقسيم الجسم المغربي اثر صدور ألظهير البربري سنة 1930م [23][23]. ومباشرة عقب حصول المغرب على استقلاله ستعمل السلطات المغربية على تقزيم الدور السياسي والجهادي لمؤسسة الزاوية  وجعله مقتصرا على ما هو ديني وتربوي وفني ، ومع تطور المجتمع المغربي و انفتاحه على التأثيرات الغربية سوف يضمحل دور الزاوية في هذا الاتجاه وخصوصا في مدينة العرائش لتتحول إلى مزارات جنائزية إذ أصبحت تكتظ بقبور مقدميها وأبرز مريدها[24][24].

 

3.      2: الدور الطرقي – السلوكي

    مجموع الزوايا بمدينة العرائش هي في الأصل تمثيليات فرعية الطرق الصوفية  المركزية المعروفة في المغرب وهي كلها مؤسسة من قبل مريديها ممن لهم مكانة اجتماعية متميزة أو علمية مشهودة لهم بها أو ذوي جاه ومال من تجار المدينة . وعندما نقول تمثيليات لطرق صوفية فإننا نكون بصدد إسقاط جميع الوظائف المتعلقة بسلوك الشيخ والمردي بالزاوية الأم على الزاوية الفرعية . وبتالي حرصت الزوايا بمدينة العرائش على استقطاب المريدين لها من ساكنة المدينة  وتلقينهم منهاج الشيخ لتعبدي القائمة على أوراد يومية وتحفيظ الأحزاب المتوارثة  عن كبار شيوخ التصوف في المغرب من قبيل حزب البر للإمام الشاذلي ، والدعاء الناصري ، الصلاة المشيشية للقطب مولاي عبد السلام بن مشيش، ودلائل الخيرات للإمام أبو سليمان الجزولي وجوهرة الكمال ومعها الصلاة الفاتحية لمولاي سيدي احمد ألتيجاني . وهي أوراد كانت ساكنة المدينة تحرص على أن يكون أبنائهم  حافظين لمتونها ملمين بمعانيها عارفين بشروحها، وعبر هؤلاء احتفظ لنا التاريخ بهذا التراث الثقافي اللامادي للزاوية وإن كان اليوم قد اضمحل و أفل نجمه بكل زوايا مدينة العرائش الإثنى عشر. و لم يبقى منه إلا تشبث الزاوية التيجانية لحي القصبة بالمدينة العتيقة التي لا زال مريدوها والذين لا يتعدون بضعة أفراد حريصين على تلاوة الورد التيجاني عصر كل جمعة[25][25] . مع تنظيم بعض الليالي الاحتفالية لمناسبات المولد النبوي الشريف التي اضمحلت هي الأخرى وانقرضت بشكل نهائي نهاية القرن20 وبداية القرن21

 

4.      2: الدور الاجتماعي لزوايا بمدينة العرائش

يجمع الدارسون من الذين اهتموا بسبر أغوار تاريخ الزاوية بالمغرب أن هذه المؤسسة الصوفية تأسست في بداية  عهدها بغرض اجتماعي متعلق لخدمت عابري السبيل خلال فترة الحكم المريني[26][26]، وإن تطور دورها بشكل مطرد إلا أنها حافظت على هذا الدور وطورته مع تطور المجتمع المغربي وتزايد مداخليها المالية  خصوصا الزوايا التي كانت موالية للسلطة المركزية التي أغدقت عليها الهبات والمنح[27][27]. ولم تحد الزوايا بمدينة العرائش عن هذا النهج فقد كانت تفتح أبوابها لعابر السبيل وكانت توفر لهم المأكل والمشرب والمبيت ، كما حرصت على العناية بالفئات اجتماعية الهشة من الفقراء والمحتاجين وممن ضاقت بهم السبل[28][28] . وخلال المواسم الدينية كانت الزوايا بمدينة العرائش تستقبل في خضم حفلات الذكر والمديح النبوي الفئات الاجتماعية المحرومة التي تستغلها فرصة للترويح عن النفس  والتبرك ببركة الشيخ وهو ما يساعدها ويخلف لديها ارتياحا نفسيا .بالإضافة إلى هذا تدخل مقدمي الزوايا بمدينة العرائش للفصل في عدد من المنازعات التي تقوم بين الساكنة[29][29] ، فكان الحكم فيها نهائيا لا رجعة فيه ويرضاه كلا الطرفين المتنازعين  لاعتقادهما  في قداسة الزاوية وارتباط أهلها بالصلاح والتقدير. كما تدخلت الزاوية في عدد من المرات  لدى السلطات الاستعمارية لإفتكاك مجموعة من أبناء المدينة ممن يلقى عليهم القبض بتهمة شبهة العمل ضد الحماية الاسبانية. وغيرها من التدخلات الاجتماعية التي كانت تقوم بها الزاوية مدفوعة تارة بالوازع الديني وتارة أخرى بواجبها تجاه مريديها وفقرائها من أبناء مدينة العرائش وهي أنشطة كانت لا محال تقلق سلطات الحماية الاسبانية ومعها المخزن المغربي لكونها تزيد من توثيق ارتباط الساكنة بالزاوية وولائها لها، لذلك نجد كلا السلطتين الاستعمارية والمغربية يتقربون من مؤسسة الزاوية لضمانهم كوسيط بينهم وبين الساكنة [30][30].

إن إسعراض أدوار مؤسسة الزاوية بالمغرب يحتاج منا لدراسة مستقلة قائمة بذاتها تعتمد منهج التحري الاستقصائي في الدراسة التاريخية ، نظرا لتغلغل الزاوية العميق في جسم المجتمع المغربي ، و ارتباطه الجدري بشيوخها ومقدميها . فلا يمكن التعرض لتاريخ المغرب أو إحدى حواضره دون أن نعرج لزاما على موضوع دور الزاوية في التأثير في المجتمع المغربي المتعلق بالمقدس الديني لمحبته في النسب الشريف. وقد اعتمدنا بالدرجة الأولى استقصاء أخبار دور الزاوية بمدينة العرائش خلال فترة القرن 20 على النبش في الذاكرة الشفوية لرجال و نساء عاصرو تلك الفترة ولا زالوا على قيد الحياة بين ظهرانينا . فصعوبة التأريخ للزوايا بمدينة العرائش تأتي من عدم توفر مصادر مغربية أو أجنبية يأتي فيها ذكر لها.لذلك اعتمدنا في هذا الاختصار إسقاط العام على الخاص ، إذ لن تحيد دون شك الزوايا بمدينة العرائش عن الزوايا بالمغرب ككل؛ خاصة المركزية منها باعتبارها في الأصل تمثيليات لها.  ولعل الزيارات المتكررة لشيوخ الطرق الصوفية لزوايا العرائش  دليل على أهمية هذه الأخيرة عندهم.

 

 

قراءة تحليلية في البطائق التقنية المعدة من قبل أعضاء اللجنة العلمية لجمعية مؤسسة القصبة للنهوض بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة لزوايا مدينة العرائش

 

باستعراض ما ورد في البطائق التقنية المتعلقة بالزوايا والتمثيليات الصوفية بمدينة العرائش( تطلب من أرشيف جمعية مؤسسة القصبة للنهوض بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة: للاتصال، 0687823744)، والبالغ عددها حسبما حصرناه في الجرد الميداني ما مجموعه 11 زاوية. تتمركز نسبة %90 منها في النسيج العمراني العتيق وتتوزع بشكل منظم على أحيائه الستة الكبرى، حي القصبة، حي القبيبات، حب باب البحر، حي كاي ريال (02 مارس)، حي السوق الصغير وحي الغريسة. وهي بذلك تمثل على أرض الواقع قرب الزاوية من الحياة اليومية للساكنة بالمدينة عبر تاريخها، وبالتالي ضمان ارتباطها العضوي بالشيخ والمقدم والمريد. ومن خلال المعلومات التي استطعنا جمعها وتلخيصها في البطائق التقنية أعلاه – مع العلم أنها معطيات شحيحة اعتمادنا فيها على الاجتهاد في الوصف الميداني لحالة البنايات- يمكننا أن نسجل الملاحظات التالية:

1.      توفر مدينة العرائش على جل تمثيليات الزوايا بالمغرب وأشهر الطرق الصوفية والعالم العربي .

2.      تحول عدد من الزوايا بمدينة العرائش من مقرات لنشر الطرق الصوفية لشيوخها  و جلب المريدين والفقراء لحاضرتها ليقتصر وينحصر دورها في الدور الذي تقوم به المساجد اليوم المقتصر على إقامة الصلوات الخمس وصلاة الجمعة ، وتلاوة الحزب الراتب .

3.      اقتصار دور الغالبية العظمى لزوايا مدينة العرائش على احتضان حفلات المديح والسماع بمعدل ليلة لكل زاوية في السنة، أي 11 ليلة مدائحية سنوية.

4.      الزوايا بمدينة العرائش من حيث بنياتها الإنشائية المعمارية لا تتخذ تصميم هندسيا موحد، وفي غالبيتها تقتصر على قاعة أساسية للصلاة وذكر أوراد الصوفية ، وقاعة للوضوء. كما أنها تعتمد بعضا من مظاهر العمارة الأندلسية المغربية ، ولا نجد اهتمام كبيرا بإدماج عناصر زخرفية باذخة.

5.      خلو الزوايا بمدينة العرائش من الشيخ ومقدم الطرق الصوفية الشيء الذي ساهم بشكل سلبي في تراجع وانتشار الممارسة الطقوسية الصوفية بين ساكنة المدينة.[31][31]

6.      من حيث المساحة الإجمالية التي تقوم عليها بنايات الزوايا في العرائش فهي جد صغيرة إلا حد ما إذ لا تتعدى مساحة زاوية كبيرة 250 متر مربع، ربما مرد دلك إلى ضعف وعاء العقاري لنسيج العمراني العتيق. المحصور داخل الأسوار الدفاعية

7.      تتوفر الزوايا بمدينة العرائش على عدد مهم من الأوقاف في شكل عقارات سكنية ، ومحلات تجارية، و أراضي فلاحية ، إلا أنها لا تضمن الزاوية مداخل مالية مهمة لضعف الأجرة الكرائية لاستغلالها.وهذا يدل من جهة أخرى على ارتباط الساكنة بمؤسسة الزاوية عبر إقدامهم على تحبيس ممتلكاتهم عليها .

8.      اهتمام ساكنة المدينة بالمحافظة على مباني الزوايا لمدينة العرائش دليل على استمرارية مظاهر تقديسها واحترامها .

9.      على الرغم من القيمة التاريخية والتراثية لزوايا بمدينة العرائش التي تعتبر دليلا ماديا على تجدرها في عمق تاريخ المدينة وتأثيرها على مصيره العام ، لا نجد بادرة لمحاولة جردها وتوثيقها بشكل علمي في أفق تسجيلها ضمن قائمة التراث الوطني واستفادتها من القانون 22.80.

10.   صعوبة ضبط الحقبة التاريخية التي تعود إليها بناء مقرات الزوايا بمدينة العرائش، وإن كان بعضها معروفا عبر الروايات الشفوية لأشخاص عاصرو فترة تأسيسها خلال منتصف القرن20. أو باعتماد صور فوتوغرافية تاريخية للمدينة .

من خلال هذه الملاحظات يتبن لنا أن الزوايا بمدينة العرائش فقدت بشكل تدريجي قبيل فترة القرن 20 أدوارها الحساسة التي كانت تلعبها مند ظهورها ، سواء على المستوى التربوي، الجهادي، الاجتماعي، السياسي وغيرها. وأصبحت اليوم فضاءات ذات وظيفة تعبدية صرفة أو ثؤتت[32][32] المسارات السياحية لنسيج العمراني العتيق .

وهذه قائمة بأسماء الزوايا الموجودة بمدينة العرائش وعناوينها:

1) الزاوية الناصرية، درب الزاوية الناصرية، حي باب البحر، المدينة العتيقة.

2) الزاوية العيساوية، حي القبيبات المدينة العتيقة.

3) الزاوية الحمدوشية، درب المسيد بن عبد الكريم المدينة العتيقة.

4) الزاوية القادرية، شارع 2 مارس المدينة العتيقة.

5) الزاوية الحراقية، زنقة ابن سينا ، حي القصبة ، المدينة العتيقة.

6) الزاوية التيجانية، درب سدي عبد الكريم، حي القصبة، المدينة العتيقة.

7) الزاوية الصديقية، حي الغريسة، المدينة العتيقة.

8)  الزاوية ألمصباحية، درب الزاوية المصباحية، المدينة العتيقة.

9) الزاوية العسرية، درب الرماة، المدينة العتيقة.

10) الزاوية البدوية، شارع القاهرة قرب المحطة الطرقية.

11) الزاوية العليوية، شارع سور الإشارة.

     بيبلوغرافية:  

1.      إدريس شهبون ،العرائش في تاريخ المغرب قبل الحماية،منشورات أكاديمية المملكة المغربية، 2014

2.      إدريس شهبون، الحملة الفرنسية على العرائش يونيو 1765م، مجلة المليحة، العدد الأول، يوليوز 1997

3.      Maria Dolores Lopez Inamorado, LARACHE ATRAVER DE LOS TEXTOS, junta de Andalusia, 2004,         

4.      محمد عبد الله عنان،أندلسيات ،منشورات كتاب العربي، عدد 20، 15 يوليوز 1988، الكويت.

5.      محمد الفشتالي ،الموريسكيون ، مطبعة كريمادس، العرائش، 1975.

6.      إبراهيم حركات، التاريخ السياسي والاجتماعي للدولة السعدية مطبعة النجاح،1992 ، البيضاء

7.      إبراهيم القادري بوتشيش، التصوف السني في تاريخ المغرب،سلسلة شرفات،عدد27، منشورات الزمن،2010

8.      أبي المحاسن يوسف، مرآت المحاسن في أخبار الشيخ أبي المحاسن،نسخة من المطبعة الحجرية تعود لبداية القرن 20، خزانة جمعية القصبة، العرائش.

9.      مصطفى الشريف الطريبق، معركة تحرير العرائش من قبل السلطان مولاي إسماعيل وتداعياتها السياسية والأدبية ، منشورات المجلس العلمي المحلي ، العرائش، 2009،

10.  محمد المختار اليملاحي ، شرفاء اليملاحيون في العرائش ،مطبعة أوطوبريس، طنجة ،2003

11.  مجلة زمان، مقال حول فرانكو في المغرب، عدد 132، 2006

11. مجلة عوارف، ، التصوف، عدد 03، منشورات مطبعة ألطوبريس،طنجة

12.محمد حجي، تاريخ المغرب، مطبعة النجاح، الدار البيضاء،  1989،

13.محمد التهامي الحراق، موسيقى المواجيد، منشورات زمن، الدار البيضاء،2008،

14.مفضل التدلاوي، اضواء على ذاكرة العرائش، مطبعة الطوبريس، طنجة،2001،

15.نعيمة بوجيار ، مذكرات من التراث المغربي ،الجزء6

16.إبراهيم حركات، تاريخ المغرب، الجزء الثاني مطبعة النجاح،الدار البيضاء،1996

17.عبد الله العروي ، مجمل تاريخ المغرب ، الجزء2، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية،1999

18. وثيقة جرد وتوثيق الزوايا بمدينة العرائش أنجزتها الجنة العلمية والتقنية تابعة لمؤسسة القصبة سنة 2008

19. محمد اعبيدو، الشيخ مولاي عبد السلام بن مشيش قطب المغرب الأقصى، دار أبي رقراق، 2013، الرباط

20. لحسن السباعي الإدريسي،حول التصوف والمجتمع، منشورات الإشارة،دار أبي رقراق، الطبعة الأولى،الرباط، 2007

21. عبد الجليل الروسي الحسني، راعي الفضائل سيرة علم، الطبعة الأولى، ألطوبريس، طنجة، 2015

22. أبو خالد أحمد الناصري، الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، تحقيق محمد حجي،منشورات دار الفكر، 1982.

23. محمد داوود، تاريخ تطوان، المجلد الثاني،الجزء الخامس، المكتبة العامة والمحفوظات، تطوان

24. شاخت وبوزورت، تراث الإسلام، عالم المعرفة، الجزء الأول، الطبعة الثانية، الكويت، 1988

25. عبد الله العروي ، مجمل تاريخ المغرب ، الجزء 3، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية،1999

 

 

 

 

 

 



[1][1] – إدريس شهبون ،العرائش في تاريخ المغرب قبل الحماية،منشورات أكاديمية المملكة المغربية، 2014،ص:14

[2][2]  Maria Dolores Lopez Inamorado, LARACHE ATRAVER DE LOS TEXTOS, junta de Andalusia, 2004, P :33     

[3][3]  – محمد عبد الله عنان،أندلسيات،منشورات كتاب العربي، عدد 20، 05 يوليوز 1988، الكويت، ص:20

[4][4] -محمد الفشتالي ،الموريسكيون ، مطبعة كريمادس، العرائش،ص:12

[5][5] -إبراهيم حركات، التاريخ السياسي والإقتصادي للدولة السعدية مطبعة النجاح،1992 ، الدار البيضاء ،ض:240

[6][6] نفسه،ص:210

[7][7] إبراهيم القادري البودشيش، التصوف السني في تاريخ المغرب،،سلسلة شرفات، عدد 27، منشورات الزمن، الرباط، 2010، ص7

[8][8] أبي المحاسن يوسف، مرآت المحاسن في أخبار الشيخ أبي المحاسن،نسخة من المطبعة الحجرية تعود لبداية القرن 20، خزانة جمعية القصبة، العرائش.

[9][9] مصطفى الشريف اطريبق، معركة تحرير العرائش سنة1689 وتداعياتها السياسية والأدبية، منشورات المجلس العلمي المحلي ، العرائش، 2009، ص:102

[10][10] – محمد المختار اليملاحي ، شرفاء اليملاحيون في العرائش ،مطبعة أوطوبريس، طنجة ،ص:44

[11][11] إبراهيم حركات ، نفسه،ص:129

[12][12] شهادة الرواية الشفوية لأحد فقراء الزاوية القادرية من الذين عاصرو فترة الحماية على المدينة في ثلاثينيات القرن العشرين

[13][13] مجلة زمان، مقال حول فرانكو في المغرب، عدد 132، 2006

[14][14] مجلة عوارف، التصوف، عدد 03، منشورات مطبعة ألطوبريس،طنجة،، ص: 36

[15][15] محمد حجي، تاريخ المغرب، مطبعة النجاح، الدار البيضاء،  1989 ،ص:33

[16][16]  القادري البوشيشي،نفسه،ص:24

[17][17] محمد التهامي الحراق، موسيقى المواجيد، منشورات الزمن، الدار البيضاء،2008،ص:12

[18][18] نفسه، ص:33

[19][19] مفضل التدلاوي، اضواء على ذاكرة العرائش، مطبعة الطوبريس، طنجة،2001،ص:38

[20][20] نفسه، ص:”32′

[21][21] – الرواية الشفوية محلية المعاصرة لفترة الحماية الإسبانية

[22][22] نعيمة بوجيار ، مذكرات من التراث المغربي ،الجزء6،ص:20

[23][23] الرواية الشفوية لمقدم الزاوية الحمدوشية بالعرائش سيدي محمد الحمدوشي البالغ من العمر 98 سنة

[24][24] – نفسه

[25][25] الرواية الشفوية لمقدم الزاوية التيجانية لحي القصبة

[26][26] – إبراهيم حركات، تاريخ المغرب،الجزء الثاني مطبعة النجاح،الدار البيضاء،1996،ص:80

[27][27] – نفسه،ص:84

[28][28] – الرواية الشفوية المعاصرة لفترة الحماية

[29][29] – تروي لنا الرواية الشفوية المعاصرة لفترة الحماية الإسبانية تدخل مقدم الزاوية الحراقية سيدي عبد الحق الحراق لدى باشا مدينة العرائش الخليل الريسوني للوساطة لإطلاق سراح أحد ساكنة المدينة بعد ان أعتقل ظلما

[30][30] – عبد الله العروي ، مجمل تاريخ المغرب ، الجزء2، مطبعة النجاح ، الطبعة الثانية،1997،ص:18

[31][31] – لم نجد في الزوايا الصوفي الإحدى عشر مقدما واحدا مسقرا بزاويته كما كان معهودا بدلك سلفا.

[32][32]– تصميم التهيئة للمدينة العتيقة،2008.مطوية المسار السياحي الروحي للمدينة العتيقة(الملحق)


شاهد أيضا
تعليقات
تعليق 1
  1. د.بدرالدين يقول

    موضوع متميز … ويستحق التمحيص . وإن كانت هناك حقائق لم يتم ذكرها …وتناسها المقال … فتاريخ الزوايا أعمق من مرحلة المرينيين .فالكتابات أغلبها إرتكزت على مقترب جغرافي / تاريخي ، ولم تحاول استخلاص وبلورة مفهوم عام لمؤسسة الزوايا ،حيث غالبا ماكانت تقف عند حدود الوصف دون المرور إلى مرحلة التحليل و التعليل نموذج بول باسكون. بل أكثر من ذلك ، إن المواقف النظرية من مؤسسة الزوايا ، خاصة من المنظور السياسي ،غيبت جدلية الاستسلام والسيرة في تاريخ السياسي المغربي ، لذلك نجد موقفين متناقضين : اولا: الأطروحة الاستعمارية ومفادها أن الزوايا مؤسسة مناهضة للمخزن ،وأن تاريخ المغرب هو تاريخ الصراع بين الزوايا و السلطة المركزية نمودج G.Drague , فالاطروحة الاستعمارية تتحكم فيها خلفية إيديولوجية هي غياب الدولة .تانيا : الأطروحة الوطنية ومؤادها أن الزوايا عبارة عن مؤسسة خاضعة للمخزن ، وأن وجودها رهين بوجود السلطة المركزية التي تمنحها شروط وجودها وإستمراريتها نموذج عبد لله العروي
    وعليه فالتنقيب في مؤسسة الزوايا كيفما كان وضعها تتطلب التنقيب عن اركيولوجيتها ، وذلك فأركيولوجية الزوايا تختلف إختلافا كبيرا عن التاريخ التقليدي الزوايا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.