المد الجماهيري بمدينة العرائش (70): انتفاضة ساكنة دوار بكارة

العرائش نيوز:

بقلم: أبو التوأم

يوم 15 غشت 2005 مساءا، هاتفني السيد حسن مبخوت ليخبرني بأن هناك تجمهر كبير أمام إقامة السيد عامل الإقليم لنساء وأطفال تحاصرهم القوات الأمنية، وعند وصولي إلى مقر السيد العامل، وجدت أن الأمر يتعلق بمسيرة قام بها نساء وأطفال “دوار بكارة”، في اتجاه مقر إقامة العامل وذلك احتجاجا على أرض الجماعة التي أراد أن يستولي عليها أحد المنعشين العقاريين، والذي حضر صباح يوم الاثنين 15غشت  2005 إلى دوار بكارة مرفوقا بلجنة مختلطة من أجل تحديد مساحة الأرض المقدرة في أربعة هكتارات. وبعد منع هذه اللجنة من عملها من طرف السكان، تدخل رجال الأمن وعملوا على تفريق سكان الدوار واعتقال 20 امرأة ونائب الجماعة السلالية.

وردّا على هذا الاعتقال، نظّم سكان دوار بكارة هذه المسيرة والتي شارك فيها ما يناهز 700 امرأة وطفل والتي ووهت أيضا بالقمع والاعتقال.

وعند حضوري للازقة المجاورة لمقر إقامة عامل الإقليم، وجدت نساء وأطفال معنفين مختبئين بهذه الأزقة، وبعد الاستماع إلى مشاكلهم، اتفقت معهم على زيارتهم بالدوار، كجمعية مغربية لحقوق الانسان فرع العرائش.

يوم16 غشت 2005، اجتمعنا كنهج ديمقراطي بمنزل العياشي الرياحي الكائن بحي الوفاء، أولا للاطمئنان على حالته الصحية بعدما تعرض لحادثة سير، وثانيا اعتبارها مناسبة من أجل إعداد خطة قصد مؤازرة ساكنة دوار بكارة، وكذلك للرد على الهجوم الذي يطال مناضلي النهج بمدينة العرائش، والذي يتزعمه مدير ديوان السيد عامل الإقليم. ومن بين الخطوات الآنية التي قمنا بها، هو الاتفاق مع الرفيق عبد الإله البغدادي من أجل تبني  قضية سكان بكارة كحزبي النهج الديمقراطي والطليعة الديمقراطي بالإضافة إلى الجمعية المغرية لحقوق الانسان.

يوم17غشت 2005 قام الرفاق “عبد الإله البغدادي-العياشي الرياحي-فتحية اليعقوبي-الفرتوتي نورالدين” بزيارة لدوار بكارة المحاصر، وسيصدر حزبي النهج والطليعة بيانا في الموضوع يطالب من خلاله بوقف الاستفزازات والتهديدات التي تطال سكان بكارة، مندّدا القمع الوحشي التي تعرضت له الأشكال الاحتجاجية السلمية التي قام بها سكان بكارة، داعيا إلى فتح تحقيق قصد الكشف عن الشبهات التي تطال الملف العقاري بالمدينة.

وفي نفس السياق أصدر كاتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بيانا أيضا يعبر فيه عن مواقفه المبدئية اتجاه القمع، مطالبا بالإطلاق الفوري للمعتقلين والمعتقلات والمطالبة بمتابعة من أعطى الأوامر لتنفيذ هذا التدخل العنيف.

وقد عرف هذا الحدث تغطية إعلامية واسعة لم يعرف مثيلها في المدينة، حيت تصدر بيان النهج والطليعة صفحات الجرائد الداخلية وخاصة جريدة الاتحاد الاشتراكي، حيث تصدر صفحتها الأولى الشيء الذي أكسب هذه المعركة تعاطفا وطنيا ودوليا كبيرا ، ممّا انعكس على محاكمة معتقلي ومعتقلات دوار بكارة والمتابعين بتهم:

  • إهانة موظفين عموميين أثناء القيام بمهامهم بالضرب والجرح.
  • التجمهر المسلح وغير المرخص
  • العصيان وتخريب مرفق عمومي ذو مصلحة عامة
  • إلحاق خسائر مادية بملك الدولة.

وفي المحاكمة الشهيرة التي آزارها العشرات من المحامين من مختلف ربوع المغرب، وعلى رأسهم الأستاد بنعمر عبد الرحمان، والذي قال له القاضي في إحدى هذه الجلسات “عفوا أستاذ أنتم من درستمونا القانون”، والأستاذ خالد السفياني، ومقولته الشهيرة آنذاك “من بغداد للدفاع عن صدام حسين إلى العرائش للدفاع عن نساء بكارة”.

 وهي المحاكمة التاريخية التي أرغم من خلالها السادة المحامون المحكمة على إحضار جميع الأطراف المتورطة في هذا الملف (رجال الأمن – موظفي العمالة – موظفي البلدية …)

وكانت هذه المحاكمة بمثابة دورات تكوينية في القانون، إذ كانت تبتدأ جلساتها مساءا وتنتهي عند طلوع الفجر، ليصبح دوار بكارة محجا لجميع القنوات التلفزيونية والجرائد الوطنية، والتي كنا نرافقهم إلى مسجد الدوار الذي كان بمثابة مقر لمناقشة مشاكل الساكنة. وكلما وصلنا إلى المسجد، إلا وصعد الإمام إلى الصومعة ونادى السكان قائلا: “وجماعة ورا الناس ديال حقوق الإنسان جاو ن دوار وا تعالاو “.

 


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.