العرائش نيوز:
مع انطلاق الموسم الجامعي 2025-2026، تستعد مدينة القصر الكبير لاحتضان أولى دفعات الطلبة في المقر الجديد للكلية، في حدث طال انتظاره من طرف الساكنة المحلية التي رأت فيه إنصافا مستحقا لهذه المدينة العريقة، ذات التاريخ الثقافي والحضاري الممتد عبر قرون.
هذا المشروع، الذي تحقق بفضل مجهودات جماعية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ورئاسة جامعة عبد المالك السعدي، وعمالة إقليم العرائش، وبدعم من المجلس الجماعي للقصر الكبير، يعد مكسبا حقيقيا للمدينة ولطلبتها، لما سيقدمه من تخفيف للأعباء المادية والتنقل على عدد من الأسر، خصوصا المنحدرين من المناطق القروية المجاورة.
غير أن هذا الحدث، رغم أهميته، فتح نقاشا واسعا داخل الأوساط الجامعية والإقليمية، خاصة بعد تداول معطيات تفيد بإمكانية ترحيل بعض تخصصات شعبة الاقتصاد من كلية العرائش إلى كلية القصر الكبير، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول منطق توزيع التخصصات والطلبة داخل الإقليم.
ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه أن توسّع كلية القصر الكبير عرضها الجامعي بإحداث تخصصات جديدة تُثري الحقل الأكاديمي وتخلق تنوعا في التكوين، جرى الحديث عن تقسيم التخصصات بين الكليتين، مما سيؤدي عمليا إلى تقليص عدد الطلبة في كل مؤسسة، ويحدّ من حرية اختيارهم لمسارهم الدراسي، خاصة بالنسبة لطلبة العرائش والقصر الكبير الذين سيجبر بعضهم على الالتحاق بتخصصات بعيدة عن ميولاتهم أو الانتقال إلى مدينة أخرى لمتابعة دراستهم.
مصادر طلابية وأطر تعليمية أكدت أن هذا التوجه تمت مناقشته خلال الزيارة الأخيرة لرئيس جامعة عبد المالك السعدي إلى مدينة العرائش الأسبوع الماضي، دون توضيح رسمي للرؤية الأكاديمية أو التربوية التي تستند إليها هذه الخطوة، ما يثير تخوفا من أن يكون التوسع في العرض الجامعي شكليا فقط، عبر توزيع الشعب بدل إحداثها وتطويرها.
ويؤكد عدد من المتتبعين أن الرهان الحقيقي اليوم يجب أن يكون في تعزيز كلية العرائش بالحفاظ على تخصصاتها القائمة وتطويرها، مع العمل على إحداث تخصصات جديدة في كلية القصر الكبير، حتى يكون التوسع الجامعي تكامليا لا تنافسيا، ويخدم المصلحة العامة للطلبة والإقليم على حد سواء.
إن مدينة القصر الكبير تستحق فعلا هذا المشروع الأكاديمي الذي يعيد الاعتبار لها كمركز علمي، غير أن نجاح التجربة رهين بتخطيط متوازن يُبقي على مكتسبات كلية العرائش ويُطوّر كلية القصر الكبير في آن واحد، لأن الهدف في النهاية ليس تقسيم ما هو قائم، بل بناء ما هو جديد، وتوسيع قاعدة المعرفة والبحث العلمي بالإقليم بما يليق بتاريخه وإمكاناته البشرية.