العرائش نيوز:
لماذا حمزة الفضيل وليس شخصا آخر؟
لعل الجواب أبسط مما يُتصوّر، وأعمق مما يُقال. لأن المرحلة التي نحياها لم تعد تحتمل الخطاب المكرور، ولا اللغة الملساء التي اعتادت أن تُمجِّد “العام الزين” وتغض الطرف عن شروخ الواقع. لقد أصبحنا في أمسّ الحاجة إلى صوت من جيل جديد، جيل وُلد في زمن التحولات السريعة، جيل Z، الذي خبرَ الاضطراب واللايقين، فأصبح أكثر جرأة على السؤال، وأشد تمردا على السائد.
حمزة لم يأت من استوديوهات القنوات الرسمية، بل جاء من فضاء حر، من منصّة على اليوتيوب تحولت إلى نبض شارع لا يُسمَع في نشرات الأخبار. منح للكلمة حقها في أن تكون صادمة، وللرأي حقه في أن يزعج، وللحقيقة حقّها في أن تعرّي ما يُراد له أن يُستَر. لقد أبان أن الإعلام ليس نشرة إشهارية للنظام، بل أداة مساءلة، ومجهر يكشف، ومنبر يُحاسب.
إننا نحتاج إلى مثل حمزة، لا لكونه شابا فقط، بل لأنه جسّد صورة الإعلام الممكن: إعلام بلا وصاية، بلا خطوط حمراء مرسومة سلفا، بلا رقابة تملي ما يقال وما يُحجَب. إعلام يُعطي الكلمة للذين لم يعتادوا أن يكونوا جزءا من الصورة.
والرسالة الأعمق أن زمن التلميح ولّى، وزمن الالتفاف على الحقائق لم يعد مقبولا. المرحلة تُحتّم خطابا جديدا، بلغة صافية صريحة، وإعلاما يولد من رحم المجتمع لا من مكاتب التعليمات. فلترفع اليد الثقيلة عن الكلمة، ولتُفتح أبواب الإعلام أمام جيل يرى أبعد، ويسمع أدقّ، ويجرؤ على أن يقول ما لا يريد الآخرون سماعه.

