العرائش نيوز:
بقلم: أبو التوأم
أصبح الحديث عن كلمة “أحداث 20 فبراير 2011″ هي السائدة، خراب، أطلال، سببه تسخير مجموعة من البلطجية لأجل تشويه هذه الدينامية وإمتصاص غضب الشعب عبر الإيقاع به في متاهات المتابعات الصورية وإيهام أبرز مناضلي الحركة أنهم ضحايا مفترضين في لوائح سوداء تنتظرهم السجون والأقبية لامحالة.
أسفا، تم استخدام عملية زرع الرعب والذعر في صفوف مناضلي الحركة، رفاق الأمس قالوا أنهم مارسوا السياسة أيام السرية، ونخبة قياديين من أحزاب كنا نعتقد أنها مناضلة، آلة إعلامية خبيثة، وأقلام لا يهمها أكثر من رضا المخزن وعطاياه…، نجح المخزن في تشويه سمعة قياديّي الحراك، توالت الا،ستفزازات وأوهم المواطنون أنهم المسؤولون عن التخريب الذي لحق المدينة، توالت الدعوات من أجل رفع العزلة والحصار الذي طوق به المخزن المناضلين وعوائلهم بمدينة العرائش، تُوج بعقد إجتماع لتأسيس مجلس دعم “شباب حركة 20 فبراير” التي لم تكن بعد تحمل هذا الإسم بتاريخ 2 مارس 2011 بمقر الاتحاد المغربي للشغل تمكن من خلاله المجتمعون بفتح نقاش جديد حول الحركة والانخراط في الدينامية الوطنية حيث تم الاتفاق على تنظيم ندوة محلية بمشاركة شباب وأطر وطنية للحركة قصد إزالة اللُّبس الحاصل لدى الشباب فيما يخص طبيعة المطالب التي تنادي بها الحركة وأهدافها المرحلية واستراتيجية نضالها، تمكنا من خلالها رفع شيئ من الذعر الذي خلفته الممارسات المخزنية في نفوس المناضلين، ورسم خطوط النضال المشترك لشباب الحركة تُوج بتأسيس حركة شباب 20 فبراير بالعرائش بقاعة الربيع بتاريخ 11 مارس 2011 بحضور خيرة مناضلي المدينة.
ما نود قوله في سرد هذه الوقائع هو الوقوف على ما بعد ندوة قاعة الربيع، إذ عقدت الحركة اجتماعها العادي بمقر الاتحاد المغربي للشغل بحضور جميع أطرها ومناضليها، وتمكن شباب الحركة من بلورة مواقف مشرفة تستحقها نضالات شعبنا وتم انتزاعها بقوة النقاش الديمقراطي الجاد والعميق وتسطيرها في بيان خط في آنه، بجرأة المناضلين وشجاعتهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية في أحلك الظروف، حيث سجل التاريخ أن بيان شباب حركة 20 فبراير بالعرائش كان متقدما على المستوى الوطني بتوافق شبابه وتفوقهم النضالي بلا مزايدة، إلا أن القوة الخفية التي كانت ترصد أنفاس المناضلين وتجثم على صدورهم تمكنت بإقناع الجمع بتحملها المسؤولية في رقن البيان وطبعه والتي اختفت عن الوجود لمدة أسبوعين والأهم منها أنها ستتمكن من لجم حركية الشباب وإفشال محطة 20 مارس2011، التي برزت فيها بعض الوجوه التي آدانت السياق في بيان رسمي موقع من طرف 3 أحزاب.
20 مارس هو ثان يوم وطني دعا له مجلس الدعم الوطني بعد 20 فبراير، كان مناضلو شباب حركة 20 فبراير بالعرائش في مستوى الحدث، وبالفعل فقد تم الإعداد لهذا اليوم النضالي بعدما تمكن المناضلون من استرجاع ندائهم وبيانهم وتعرض مناضلاته للشتم والسب والتهديد من طرف أحد رجال الأمن المعروف بتدني مستوى أخلاقه لدى العامة بالمدينة وشباب الحركة بصفة خاصة، وكذا محاولة اعتقالهن بساحة الشهداء يوم 19 مارس2011 (ف.م) و(س.م) أثناء توزيع البيان ونداء 20 مارس، تم الإعداد لهذا اليوم بشكل جماعي وعرف مشاركة مكثفة من جميع أطياف المجتمع بمن فيهم من أدانوا السياق سابقا، حجوا إلى ساحة التحرير لأخذ صور تذكارية حتى يسجل لهم التاريخ أنهم ممن منُّوا (من المنة) على الشعب المغربي بنضالهم من أجل “خطاب ثوري ظاهريا” لم تكن تحلم به زمرة الفساد بالإقليم فكان واجبا من تذكار يحفظ الذاكرة للأجيال القادمة.
هذا إلا أنه كالعادة وتطبيقا للمثل الشعبي القائل “بأن أبناء عبد الواحد ليسوا واحد” والحركة الإحتجاجية مختلطة ومتنوعة، أبت جماعة العدل والإحسان إلا أن تطبع هذا اليوم بطابعها الخاص، حيث عملت على إقامة الصلاة الجماعية بمكان الوقفة قبل موعدها، رغم الاتفاق المسبق على إنهاء الوقفة على الساعة 13.00 زوالا قبل حلول موعد آذان صلاة الظهر الذي هو 13.15 حسب توقيت العرائش ونواحيها، ليتمكن الجميع من الالتحاق بالمساجد لأداء فرائضهم، هذا السلوك فهمه العديد من المناضلين الذين ينتمون إلى أحزاب اليسار أن الجماعة تعمدت هذا، وأرادت أن تتميز بهذا العمل.
وبعد التصدي لهذا السلوك من طرف مجموعة من المناضلين والتعليق عليه بالسلب، ستعرف الحركة مسارا آخر في المحطات المقبلة بتعمد مناضلين غير محسوبين على جماعة العدل والإحسان بإغراق الحركة بمطالب وشعارات دينية لاعلاقة لها بالمطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خطّها شباب الحركة واتفقوا على سقفها في بيانهم التأسيسي.
وفي محطة 7 أبريل 2011، تأكدت جماعة العدل والإحسان بأن هيمنتها السياسية على الحركة لا يمكن أن تتأتى إلا بمحاربة مناضلي النهج الديمقراطي ومن على يسار النهج الديمقراطي، لتقاسم هذه المصلحة مع الأحزاب الأخرى التي حددت سقفها السياسي سلفا في شعار “ملكية برلمانية هنا والآن”، وكان يزعجها مطلب الدستور الديمقراطي شكلا ومضمونا ومصطلحات من قبيل الحرية الكرامة والعدالة الإجتماعية، حيث ستتوالى فيما بعد محاولة الاعتداء على مناضلي الحركة من طرف أحد المسخرين، ليعلن رسميا يوم 07 أبريل 2011 انقسام الحركة بعدما تجاوز المناضلون الجذريون أوامر المنع التي كانت تصلهم إلى منازل عوائلهم وأحبطوا الاتفاقات التي كانت تسري مع القمع الذي حج لساحة التحرير لعقد صفقة مع قيادات الأحزاب التي تأكدت بعد فرض المسيرة وانطلاقها كالسهم نحو شارع الحسن الثاني ونجاحها بوجود مناضلين من طينة خاصة فرضوا إيقاعهم، فهمت هاته القيادات المعزولة أنه لن تستتب لها الأمور في فرض أجدنتها والوفاء مع المخزن بالتزاماتها إلا بعزل الشباب المناضل الجذري الذي لا حسابات سياسوية لديه تجمعه مع المخزن عدا مصلحة الجماهير الشعبية.
ما بين فترة 07 أبريل و 24 أبريل 2011 كان المخزن قد فهم كل التناقضات التي يمكن أن تفجر الحركة وتجهز عليها فعمل على إعطاء اوامره لجميع النخب، الأحزاب السياسية والإدارية / اليمينية الإسلامية واليسارية الاشتراكية… من أجل الالتحاق بحركة 20 فبراير، والعمل على تدجينها وتمييعها لتتوج بمسيرتين خلال يوم 24 أبريل 2011، مسيرة يقودها مناضلو النهج الديمقراطي ومناضلون ينتمون إلى الصف الجذري وحقوقيون ونقابيون ينتمون إلى الصف الديمقراطي، وعائلات المعتقلين على خلفية أحداث 20 فبراير في مقابل مسيرة ثانية يقودها أحزاب تحالف اليسار سابقا وجماعة العدل والإحسان ويتزعمها أحد الأشخاص المحسوبين على حزب ااإتحاد الإشتراكي، بالإضافة إلى باقي الأحزاب الأخرى، وفي مقدمتهم حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة و…
هذا وقد رافق هذا التقسيم الذي نجح المخزن في ترسيخه عبر تسخير أعضاء محسوبين على اليسار الإشتراكي الموحد وجماعة العدل والإحسان بشن حملة مغرضة ضد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والتعرض لعائلات المعتقلين وتحريضهم بعدم الالتحاق بمقرها لتبني ملفاتهم وهي سلوكات غريبة على المشهد السياسي والحقوقي والنضالي لم تفهم لحدود الساعة. كما تحفظ الذاكرة أن في هذه الفترة سيتم إغراق الحركة بمجموعة من الشباب المحسوبين على المخزن الذين كان لهم تنسيق مباشر مع القائد المشهور “مفيد” الذي جنّد مجموعة من الشباب الذين كانوا يتصدرون واجهة النضال ويعانقون مكرفونات الشعارات حتى يتحكم في ذلك بناءا على التعليمات التي أخذها.
واستمر شباب ومناضلو مدينة العرائش ينفذون برنامج المجلس الوطني لحركة 20 فبراير بكل صدق ومسؤولية. واجتهد المخزن وآلياته قمعه من وقياد ومقدمين في تسخير بعض سكان الاحياء مستغلين بؤسهم واحتياجاتهم من أجل الخروج في تظاهرات مضادة لحركة 20 فبراير. هؤلاء السكان الذين كانوا يحملون الرايات الوطنية والطبول، يتوسطهم دائما أحد رجال السلطة الذي يقودهم بطريقة سرية ومحكمة، وفي بعض الأحيان كان يوصيهم بخلق مشاجرة مع مناضل الحركة، إلّا أن هؤلاء المتظاهرين المسخرين لا ينضبطون إلى هذه الأوامر، لا لشيء سوى أنهم يحترمون مناضلي الحركة ويعرفون تاريخهم النضالي جيدا، ويعتبرون العمل الذي يقومون به يدخل في خانة القوت اليومي، وهذا ما كانوا يصرحون لنا به كلما التقينا بهم خارج هذا السياق.
خلال هذه المسيرة النضالية لحركه 20 فبراير، اسْتُدعِي عدة مناضلين قصد الحضور لأقسام الشرطة، وكنت من بين المستدعين حيث حُرِّر لي محضر في الموضوع، إذ سألوني هل كنت متواجدا مع من كانوا يوزِّعون دعوة للمشاركة في إحدى الوقفات ولماذا نقوم بهذا العمل، زد على ذلك أن هناك بعض الأشخاص المتزعمين لحركة لحركه 20 فبراير، أربعة أو خمسة مناضلين كان المخزن يقوم باستفزاز عائلاتهم باستمرار، وذلك بإحضار قرار منع لأي وقفة أو مسيرة إلى منازل عائلاتهم. وهذا المنع الذي كان مكتوبا بلهجة شديده مع تحميل المكلّفين بالتظاهرة المسؤولية عن أي شغب يمكن أن يحدث.