أما آن الأوان لرفع القداسة عن محاضر الضابطة القضائية..

العرائش نيوز:

بقلم الأستاذ إبراهيم الحداد، محام بهيئة طنجة

بتاريخ 05/10/2022 تم إيقاف المرحوم ياسين الشبلي من فضاء عام واقتياده الى غرفة تسمى بغرفة الأمن، ليخرج منها جثة هامدة في ظروف كانت غامضة آنذاك.
تحركت أسرة المرحوم وأصدقائه ومعارفه، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بروايات يصب جلها في كون المرحوم قد تعرض للتعذيب داخل الغرفة المسماة بغرفة الأمن، خصوصا بعد تسرب صورة للهالك.
ولتنوير الرأي العام، ورفعا لكل لبس حول القضية خرج السيد الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش ببلاغ مؤرخ في 1 دجنبر 2022، ضمن فيه أنه تم فتح بحث بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء تحت اشراف النيابة العامة مصدرة البلاغ، وتم الاستماع الى جميع عناصر الشرطة الذين عملوا على إيقافه وكذا وضعه بالغرفة الأمنية المخصصة للحراسة النظرية، بالإضافة الى المشرفين على مراقبتها، كما تم الاستماع لأشخاص تزامن وجودهم مع تواجد الهالك رهن تدبير الحراسة النظرية، وأضاف البلاغ أنه بغاية التأكد من المعطيات تمت مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة سواء الثابتة أو المتحركة، والتي غطت كافة المسار الذي سلكه المرحوم من لحظة إيقافه مرورا بمدخل الديمومة والممر المؤدي للغرف الأمنية، بالإضافة الى تسجيلات الكاميرا داخل الغرفة الأمنية التي كان يتواجد بها فتبين بأنه كان في حالة هستيرية وأبدى مقاومة عنيفة أثناء إيقافه، كما عرض بمقر الديمومة الضابط المداوم للعنف، وأثناء تواجده بالغرفة الأمنية كان يقوم بالصراخ ويتجول يمينا ويسارا موجها عبارات السب والشتم في حق عناصر الشرطة، وأحيانا يقوم بضرب الحائط والباب الحديدي برجله وصدره، ومع مرور الوقت لم يعد يسيطر على توازنه حيث كان يترنح ويسقط على الأرضية الصلبة للغرفة مرارا على وجهه وعلى الجزء الخلفي من رأسه، تبع ذلك دخوله في حالة تقيئ شديدة استدعت نقله الى المستعجلات غير أنه رفض تلقي الحقنة للحد من القيئ التي وصفتها له الطبيبة المداومة بعد كشفها عن حالته رغم كل المحاولات في إقناعه، ليخلص السيد الوكيل العام الى أن وفاة الهالك لم تكن ناتجة عن ظروف إيقافه واقتياده لمركز الشرطة ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة وغنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها اثر إيذائه لنفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها.
وبتاريخ 17/4/2025، وبعد إلحاح من هيئة الدفاع عن دوي حقوق الهالك، استجابت المحكمة لملتمس عرض تسجيلات الكاميرات الصدرية لرجال الأمن الذين أوقفوه وكذا كاميرات المراقبة المثبتة بالمكان المخصص للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، التي سبق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن ضمنتها في أقراص مدمجة وأرفقتها بالمسطرة، لتتكشف الحقيقة المرة والمؤلمة وهي أن المرحوم تعرض لاعتداء وحشي بغرفة تسمى غرفة الأمن التي ظل بها مصفد اليدين الى الخلف لأزيد من ثمانية ساعات، كما ثم صلبه لأزيد من 40 دقيقة.
وهنا يطرح سؤالان أساسيان، أولهما ما هي الأسس التي اعتمدها السيد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش للخروج بذلك البلاغ المناقض لما تضمنته الأشرطة؟ وهل قام السيد الوكيل العام شخصيا بمراجعة تسجيلات الكاميرات، أم اقتصر على محاضر تفريغها؟ وثانيهما هل حالة المرحوم ياسين حالة معزولة أم أنها الشجرة التي تخفي الغابة؟
هذه الأسئلة وغيرها لا يمكن الإجابة عنها إلا من خلال بلاغ جديد للسيد الوكيل العام، لكشف خلفيات التناقض بين ما جاء في وصفه لمضمون التسجيلات وبين ما عاينته الهيئة وأعضاء الدفاع في نفس الأشرطة.
وفي انتظار ذلك أكاد أجزم أن السيد الوكيل العام اكتفى بالاطلاع على المحاضر المحررة من طرف ضباط الشرطة القضائية سواء تلك المتعلقة بالاستماع لعناصر الشرطة وكذا الأشخاص اللذين تزامن تواجدهم مع المرحوم رهن الحراسة النظرية، بالإضافة الى محاضر تفريغ الأشرطة المسجلة التي لم تتضمن الحقيقة كما عاينتها المحكمة والدفاع عند عرض الأشرطة لكون محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمونها، أو بصيغة أخرى لكون محاضر الضابطة القضائية مقدسة في نظر النيابة العامة والمحكمة، فمتى ترفع هذه القداسة.


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.