العرائش نيوز:
-عبد السلام العبادي
من كوخً صغيرً إلى صانع خزائن ومالك سفن رحلة عائلة إسباني استقر في العرائش إلى يومنا هذا.
وُلِد كونرادو سوزا غونزاليس في هويلفا عام 1926. وهو، كوالده، صانع خزائن ومالك سفن. عمل في طفولته في حوض بناء سفن بمدينته، وكان أول قارب بناه قاربًا صغيرًا ساعده عامل برتغالي في الورشة على تحويله من نموذج إلى تصميم.
أكمل خدمته العسكرية الإلزامية في إشبيلية لمدة عامين، عمل خلالها في صناعة الأثاث وكسب بعض المال، بالإضافة إلى إصلاح القوارب في ساحة إسبانيا. أثناء وجوده في إشبيلية، انتقل والداه إلى العرائش، وعندما أنهى خدمته العسكرية، ذهب إلى هناك. بنى كوخًا صغيرًا وبنى أول قارب له هناك. سرعان ما بدأ والده وشقيقه العمل معه. اشتهر بسرعته، حيث كان بإمكانه إكمال بناء قارب كامل مُغطى بالزجاج ومُطلي في أسبوع واحد. شيئًا فشيئًا، بنى المزيد من القوارب وبدأ في بناء أسطول صيد خاص به، ليُنشئ في سنة 1950، حوضه الخاص لصناعة السفن سمي أنداك لدى العرائشيين ” بالكارو” ، لسحب السفن إلى اليابسة للإصلاح ليصبح نقطة انطلاق لعصر جديد في صناعة السفن المغربية. تخرج على يديه جيل كامل من الحرفيين الذين انتشروا في جميع أنحاء المغرب، حاملين معهم خبراته ومعرفته الواسعة في صناعة السفن. لم يكن عمله مقتصرًا على الإنتاج فقط، بل شمل التدريب والتعليم، مما جعل من حوضه مكانًا للتعلم والإبداع. قبل تحويله إلى حوض بالألات الرافعة للمراكب في إطار تهيئة الميناء الجديد للصيد بالعرائش وتأسيس لشركة” بيتشنور” ، ولا يزال أبناؤه الثلاثة يُديرونه لليوم. توفي كونرادو سوزا غونزاليس بتاريخ 7 مارس 2021 عن سن تناهز 95 سنة. عرف كونرادو ببساطته ولباسه المتواضع وحبه للعمل، وبفضل هذه الصفات أحبّه العرائشيون جميع من عملوا معه. كانت العلاقة بينه وبين حرفيي الورشة علاقة احترام متبادل، تميزت بالتفاني والانضباط، ولكن أيضًا بالود والإنسانية..
ورغم رحيله، تبقى ذكراه حية في كل ركن من أركان ميناء العرائش، وفي كل حرفي تعلم على يديه، وفي كل قارب يخرج من حوضه. لقد جمع بين البساطة والإبداع، بين الحرفة والإنسانية، ليصبح مثالًا حيًا على كيف يمكن للفرد أن يترك أثرًا خالدًا في مجتمعه..
رحم الله كونرادو، الذي أحب العرائش وعاش فيها وترك بصمة لا تُنسى في صناعة السفن وفي قلوب أهل المدينة.