العرائش نيوز:
في الوقت الذي نرفع فيه القبعة للمنتخب المغربي بعد تأهله المستحق إلى نصف النهاية بالشيلي، ونصفق بحرارة لمنظومة كروية أصبحت اليوم عنوانًا للنجاعة والجدية، يفرض علينا هذا النجاح أن نتساءل: لماذا نجحنا في الرياضة وفشلنا في التعليم والصحة؟
الجواب باختصار مؤلم: لأن النية كانت حاضرة هناك، وغائبة هنا. في كرة القدم، وُجد الانسجام بين الإدارة واللاعبين، بين التخطيط والتطبيق، بين الرؤية والنتائج. استُحضرت النية الصادقة والمسؤولية المشتركة، فكانت الثمرة واضحة للعالم أجمع. أما في التعليم والصحة، فالخلل لم يكن يوما في الموارد أو القوانين أو الشعارات، بل في غياب تلك النية الجادة في الإصلاح.
فرغم الميزانيات الضخمة التي ترصد للتعليم و الصحة، لكنهما ما زالا يراوحان مكانهما، إن لم نقل في انحدار.
فالتعليم الذي يُفترض أن يكون عقل الأمة، غارق في الارتباك والتجريب الدائم. والصحة التي تمثل قلب الوطن النابض، تعاني نزيفا مستمرا من سوء التدبير واحتكار المصالح.
في الرياضة، نجحت الوصفة لأن “مناعة الفساد” كانت ضعيفة، ولأن شبكة العلاقات التي تعيق الإصلاح كانت محدودة.
أما في التعليم والصحة، فالمعادلة أعقد؛ إذ يتحكم في مفاصلهما لوبي تربوي وصحي متغلغل، أقوى من كل الخطابات والإصلاحات الورقية. لوبيات تتقن لعبة العرقلة وتعيد إنتاج الفشل كلما اقترب الإصلاح من فضحها.
إن مواجهة هذه الكيانات لا تتطلب فقط إرادة سياسية، بل تفعيلًا صارمًا لمؤسسات الرقابة والمحاسبة، وإعادة الاعتبار للكفاءة والنزاهة بدل الولاء والانتماء.
فحين نستحضر النية الحقيقية في التدبير، ونضع المصلحة العامة فوق الحسابات الفئوية، سيُكتب لمدارسنا ومستشفياتنا ما كُتب لملاعبنا من نجاح.
فالنية ليست شعارًا أخلاقيًا؛ بل هي أول شرط في أي نهضة وطنية منشودة.
-مصطفى البوزيدي
رئيس الهيئة الحركية لأطر التربية والتعليم