في الذكرى السابعة لفقدان الرفيق عبد المومن الشباري

العرائش نيوز:

بقلم: أبو التّوأم

لن أكتب عن التاريخ النّضالي و الكفاحي للرفيق عبد المومن الشباري، لأني مهما كتبت فلن أتقن الكتابة كما يكتبها عنه رفاقه الذين ذاقوا معه مرارة و قساوة السجن و الكفاح من وراء القضبان و سنوات الرّصاص إباّن السبعينات و الثمانينات. هذا التّاريخ الحافل بالنّضال و التّضحيّات، كان الرّفيق عبد المومن حاضرا و فاعلا في جلّ محطّاته.

تعرّفت على الرّفيق الشباري خلال زيارة مجموعة من المعتقلين السياسيين خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب بالدار البيضاء. حضرت هذا المؤتمر أمام انتقادات أحد المؤتمرين لبعض أعضاء المكتب التنفيذي الذين لا نراهم سوى في المؤتمرات والمحطات الهامة، وكنت من بين الأشخاص الذين قطعوا حضورهم في أنشطة المكتب التنفيذي بسبب إلحاقي بمركز التكوين التابع لوكالة الماء والكهرباء بتطوان، بعدها تم تشغيل 40 معطلا من الإقليم عبر الجمعية و .ح. ش. م.م.  قبل انصرافي من قاعة المؤتمر، أخذ الكلمة السيد الرئيس الوطني للجمعية، مصطفى الشافعي، والذي أشاد بحضوري وبالتزاماتي مع الجمعية حيث وضح للحاضرين أن حضوري هو حضور نضالي وهناك عدة أعضاء من المكتب التنفيذي تغيبوا بدون عذر. غادرت القاعة كزعيم من الشمال أمام تصفيقات وشعارات المعطلين والمعطلات لأجد في انتظاري بباب المقر أحد أفراد مجموعة 26، إنه المناضل عبد المومن الشباري.

 وقد لاقاني به المناضل عضو جمعية المعطلين بالدار البيضاء، عبد الواحد نجم. ركبت مع الرفيق الشباري دراجته النارية (فكاكة المحاين بالدار البيضاء)، وتوجهنا إلى أحد المقاهي في انتظار الحافلة المتجهة إلى مدينة العرائش.

 خلال هذا  اللقاء، عبر لي الرفيق عبد المومن عن اندهاشه للتحول الكبير الذي عرفته مدينة الدار البيضاء، كما عبر عن سعادته وارتياحه للعدد الهائل من الشباب الذي أصبح يتعاطف مع مناضلي وطروحات حركة “إلى الأمام”.

توطدت علاقتي بالرفيق خلال الاجتماعات الدورية للنهج الديمقراطي وما قبله خلال الاجتماعات التنظيمية بمدينة الدار البيضاء، والتي كانت بالنسبة لي تكوينا سياسياً وتنظيميا ميدانيا. حضرت على التقارير القيادات الوطنية من أجل تجميع مناضلي اليسار الجذري، كما حضرت على اليوم الذي هدد فيه الرفيق الشباري باستقالته من مسؤولية جريدة النهج الديمقراطي بعدما انتقد عبد العزيز المنبهي مسؤولي الجريدة بعدم نشره لمقالته بحذافيرها.

حضر الشباري عدة لقاءات تنظيمية بمدينة العرائش وعاش صراعاتنا الداخلية التافهة في بعض الأحيان، وكان يعرف شخصية جل المناضلين كما كانت له قدرة خارقة في حفظ الأسماء واللقاءات التي جمعتهم به، وكان معجبا بتجربة لقاءات الضفتين التي تجمع بين إطارات شمال المغرب والجنوب الإسباني. وفي إحدى هذه اللقاءات، كنا جد محرجين بحضوره معنا بسبب أصوات الموسيقى الشبابية العصرية الغير ملتزمة، وكنا ننتظر انزعاجه من ذلك إلا أنه اعتبر المسألة جد عادية بحكم نوعية الشباب الحاضر.

من بداية الثمانينات إلى غاية التسعينات اقترنت لدي مدينة الدار البيضاء بشارع الجيش الملكي وعمارة الاتحاد المغربي للشغل، ومنذ أن تعرفت على الرفيق مومن ارتبط اسمه بمدينة الدار البيضاء، فكيفما كانت نوعية زيارتي الى هذه المدينة، إلا وهاتفته عند مدخل الطريق السيار قرب مصنع ” كسكس التريا”، وهو ما قمنا به الليلة التي سبقت وفاته 2013/05/23 عندما كلّمته صباحا وأنا في إحدى سفرياتي في مهام نقابية في درب عمر.

كثيرا ما كنا نلتقي في المساء، لكن في هذه المرة وخلافا لما اعتدنا عليه، ذهبنا في جولة عبر شوارع الدار البيضاء التي كان الرفيق يعرفها دربا دربا، وشارعا شارعا ، ولأول مرة نتجول صباحا في عين الذياب، ويحكي لي عن تاريخ بعض الأماكن تارة، وتارة نناقش بعض مواضيع تنظيمنا. أخذنا وجبة الغداء مع أحد أصدقائنا من مدينة العرائش، ألا وهو الصديق سليمان الريسوني، وظل الرفيق الشباري في ساعة متأخرة من مساء هذا اليوم يلحّ علي المبيت عنده تلك الليلة ، ولكن ونتيجة انشغالي صباحا اعتذرت له رغم إلحاحه. وعند وصولي إلى مدينة العرائش، كان لي آخر اتصال هاتفي به على الساعة العاشرة ليلا، و ظللنا نتحدّث لمدّة طويلة و كأننا نودّع بعضنا.

صباح يوم 2013/05/24،  وأنا في طريقي إلى العمل اتصل بي سليمان الريسوني ليتأكد من الخبر، أي خبر وفاة رفيقنا وصديقنا وأخينا الشباري عبد المومن الذي رحل عنا في غفلة دون إشعار.

مهما قلت ومهما وصفت لن أصف مدى صدمتي لهذا الخبر، ولا أخفي عليكم، لقد مرت7 سنوات على هذا الحدث، وما زال جسدي يقشعر كلما تذكرت ذلك اليوم، كما لا أخفي عليكم أن مدخل الدار البيضاء ظل بالنسبة لي لعدة سنوات كابوسا أسودا كلما وصلت إلى مدخل الطريق السيار (مصنع كسكس الثريا).

 

فقدت رفيقا، أخا وصديقا عرف بذكائه وحنانه وشجاعته وإنسانيته وانضباطه و، و، و…، مواصفات جعلته يلعب أدورا أساسية في توازن التنظيم، كما أن سفرياته داخل المغرب وخارجه جعلت منه إنسانا منفتحا على أفكار أخرى لم يفهمها البعض إلا بعد مرور السنين.


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.