الترويع لا يخدم العقل المتأمل التعقيب حول حادث الشغب بمبارة المنتخب المغربي ضد المنتخب الشيلي

العرائش نيوز:

-رضوان الأحمدي

اعطي لحدث الشغب اكثر من حجمه و كأن الملعب له حرمة ، مرتكب جنحة خرق الضوابط سيحرم من جنة العدن ،كم من ملعب بأوربا اقفل في وجه الجمهور لعقوبات يجب ان يلتزم بها وراء شعب اخل بقواعد الإنتظام.
الملعب هو مرتع لعدة سلوكيات، منها تمويهية تحاول ان تتماهى و الفنتازيا حاضرة تبحث عن الاكتمال التام تعويضا لواقع شد الخنق على انتظارات البسطاء تكبيلا لحيزهم الحيوي ومنها عنف مباشر يتحكم في ايقاع الأشياء.
انا لي شغف تحليل الظاهرة و لا ابرر ما حصل . اعتبره انفلات خارج نطاق الأخلاق و الحس المشترك
من بين سلوكات التي تتمظهر في الملاعب ، السلوكي الإيحائي يعني الفكر القطيعي و هو ليس بفكر، ينتقل بشراسة من حقل نفسي الى اخر، عدوى التنميط و الإستنساخ،. في الملعب طبيعي ان يحصل ذلك الإنفلات ، المشاعر تعدي مثيلاتها اذا المثير استطاع ان يحيي المشاعر الدفينة لتطفو على السطح فوضى المعاني و سمك الإشارات اللامتموضعة سياقيا. فتبعثر نظام الأحوال.
ما حدث هل يعتبر شغب، عنف او تصرفات جماعة مشاغبة؟ ، لا هذا و لا ذالك، الشغب ليكون شغبا يجب ان يتوفر فيه عنصر التحريض و ليس عنفا حيث الحاق الأذى لم يكن القصد الأولي و لا خاتم النزال ، اقل من ذلك ان نعتبر من توافدوا على وسط الملعب بأنهم جماعة مشاغبة، ليكون ذلك لا بد من وحدة الهدف يشترك افرادها في الصفة، و هم ليسو ا بذلك هو فقط فيض حماسي ، جمهرة تتميز بقوة الإنفعلات و التمظهرات الرمزية مفادها نرجسية الأفعال.
من خاصية الجمهور الرياضي و فيه مستويات ؛انه يشحن بسهولة، لا يتقبل الإحباط ، يعتبر هزيمة فريقه فشل مشروع حياة. الجمهور يعرف عنه في سياق محصور بإنخفاض ذكاء افراده ، في حالة ايحاء والهلوسة، افراده قابلين للإنجراف العاطفي وللإستهواء اللاشعوري، تتخللهم الرغبة للعودة الى مرحلة النكوص ( la etapa de la regresión ) بما تسمى بالمرحلة البهيمية للشعور التكيفي، فتنتفي فيهم لاشعوريا المسؤولية الفردية فتحل محلها بما يصطلحون عليه بالعجز المكتسب (la indefensión aprendida ) يعني تبرير التصرف اللاسوي بتبريرات واهية . من حيث الفرد غالبا الذي يثير الشغب يكون له الشعور بالإ غتراب النفسي، ينعدم عنده الشعور بالإنتماء، يشعر انه لا يساوي شيئا في حياته اليومية فتراه يبحث عن تعويض قوي الإثارة، يكون غير قادر على فهم مجريات واقعه، ترصده، يتيه في ثنائية المحاولة و الخطأ، يلجأ الى الوسائل الدفاعية النفسية متملصا من مسؤوليته الفردية . يتماهى بالسلطة متمردا عنها و مستنسخا لها بطريقته الخاصة كإنتصارا لإنكساراته المتتالية .
كل ملاعب العالم تعرف مظهرا من مظاهر الشغب، الجمهور ياتي ليخلق موازة فرجة ، هو بدوره يصنع الحدث و يرسي عرس فيه تتناغم فيه كل المشاعر المتناقضة و اي عر س لا يخلو منه سكير، يعربد و هو غير مبال بتوسلات المنظمين و رغم ذلك تراهم لا يحملون هما ما عدا تاصيل ذكرى اللقاء في مجمله للفرحة مشاركة.
الصحف التي تطرقت الى الحدث و كانه تصرف لصيق بعرق معين، اراه تحيزا و حمولة ايديولوجية متطرفة و نحن نعرف لمن تكتب تلك الصحف، فتبينوا من من يكتب و لمن يكتب و ما دوافعه؟ اتلك الصحف إنتهجت قراءة انتقالية ذات طابع انتقائي، يعني ينتقون الأحداث التي تناسب خلفيات التي يدافعون عنها و يعززون بها تلك الصورة النمطية التي يريدونها تأصيلها و قت الحاجة الإعلامية . يكتبون و كأن اسبانيا ينتفي فيها العنف ، مع العلم ان دستور اسبانيا عمل و عنف مسح ذاكرة ضحايا النظام الديكتاتوري كان قائما بإمعان و سفاهة.
اما من الناحية الأمنية فكان هناك تقصير او انعدام رؤية امنية حازمة و إفتقاد تنبؤ المسؤولين بحكامة استباقية.
إعتياديا في المباريات التي تعرف بتواجد جماهير متباينة، يخص لها صفة مبارة اقصى الخطورة ( Partido de alto riesgo ) و لهذا يخصون لها جهاز امني كثيف من حيث عدد رجال الأمن ، في المبارة الودي بين المنتخب المغربي و المنتخب الشيلي، كان هناك نقص في رجال الامن و رأيت ان بعضهم كانوا في ادنى مستوى اللياقة البدنية . اضافة الى ذلك و هذا فقط افتراض ،اظن انه كان هناك عدم اخد المسؤوليين بجدية عارفة مستوى الحدث كأن لسان حالهم يقول ما هي الا مبارة مغاربة ضد شيلي يعني جنوب – جنوب، للهامش ادنى شروط الإحتواء . والله اعلم..
الشيء الذي ا غفل عنه جل المعقبين عبر التواصل الإجتماعي هو تدوير اغاني من طبيعة تنشيطية و لكن في هذا السياق المنشطون اختاروا اغنية ، “عيون عيني ” و “صوت الحسن ينادي ” و هما اغنيتين حماسية المرمى تولد انفعالات آنية و هذا لا يخدم انسجام الجماهير و هدوئه . و هذا اعتبره محفزا و (desencadenante) و ينافي المعايير الرياضية الدولية التي تقول لا لتسييس التظاهرات الرياضية
ما أثار انتباهي و بشكل ملفت ،ظاهرة جديدة ألا و هي هيمنة ثقافة الصورة حضورها، مركزيتها و رمزية تجلياتها . كل من نزل الى الملعب كان يحمل سلاحا ألا و هو الهاتف النقال و هم في تنافسية تصاعدية من سيصنع محتوى و منتوج اعلامي مرئي قابل للتسويق عبر سرد موثق بصورة قوية المفعول و التأثير لا يفهم شفراته الا متتبعين عبر المنصات المرئية ، يتداولون مكافأة و جدانية عبر التحدي، ( challenge ) من يقوم بتحدي يكسر قواعد النظم يفوز بالشهرة والمكانة الإجتماعية كأن ذلك من وحي الحركة و الإنتقال الإجتماعي و هذا ما هو الا امتداد ما كنا نلزم بعض اصدقائنا عندما كنا صغار، عندما نقول لصديق مجاور أن ليست لك الجرأة مثلا ان ينزع قبعة رجل من اختيار استهدافنا. فيتحمس هرولة صوب الضحية ، نفس الشيء يقع الآن فقط تختلف الوسائل،و ان الظاهرة اصبح لها انتشار واسع .
الملعب لم يعد كما كان من قبل فسحة للفرجة الخالصة و التماهي بإخلاق الفريق المشجع له بل اصبح مرتعا للايفات ( Live ) تمتد فيه الأنا الى اقصى الحدود فتتلاشى رغبة الإنتماء , الموضوع يحتاج الى مزيد من شرح و تحليل.
توصياتي لحد من الشعب و ليس بجديدة ، اهمها :
-تعزيز عمليات التوعية ينخرط فيها كل الفاعلين الإجتماعين
-دورات تكوينة في مجال الإنضباط في التظاهرات الرياضية.
-برامج تحسسية لتحسين السلوكات الرياضية.
ضرورة عرض ووضعها بشكل مرئي عند باب الدخول و شبابيك بيع التذاكر لائحة العقوبات و قواعد التصرف في الملعب.
-إلتزام االمسؤوليين و بدون هوادة بالمعايير الدولية لمكافحة ظواهر الشعب.
لتستفيد بعد البلديات التي تعرف بعض التظاهرات الكبرى من التجربة السويدية، الجهاز الأمني السويدي يخصص لكل فريق كبير رجل امن مختص الشعب و مكوناته يقدم لهم استشارة و اقتراحات امنية……….
لنتفادى للحكم على الشباب بتلك القسوة، حتى هم لهم تصور وأمل لنكون جادين في الوصف و التحليل و لتنجب انفعال اللحظة، لكل امري ما كسب نحن نتحسس العطب و لا نحاكم احدا . …


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.