الجريمة وسؤال النجاعة الأمنية بالعرائش

العرائش نيوز:

الأستاذ عبد الحميد العباس

إن المجهودات والتدابير والخطط التي تقوم بها الإدارة الأمنية بمنطقة إقليم العرائش (DGSN)، والمحتفى ببعضها بمكيجة استعراضية هاوية، تبقى بدون تأثير واضح على شبكة الإجرام المنظم، الذي يعرف الراسخون في الأمن مدى تمكن زعمائه من مراوغة خطط وتدابير أصبحت مكشوفة ومفتقدة للنجاعة والفعالية.

إن ما تشهده المدينة من سطوة رؤوس تجارة الممنوعات واستغلال حاجات الشباب وتوظيفهم في أنشطتهم، عبر تأسيس شبكة ممتدة ومعقدة، جعلهم يتحكمون حتى في تقرير متى وكيف ومن سيتم إسقاطه في إحدى العمليات الأمنية، التي تسقط مروجين من الدرجة الثالثة من الشباب، أما “الحيتان” فتظل قريبة أمنياً وبعيدة قضائياً.

إن هذا الواقع، الذي أصبح مكشوفاً ومثار نقاشات الرأي العام، يتطلب من المسؤولين على الشأن الأمني التدخل العاجل لتغيير ما يمكن تغييره، من خطط وإجراءات وأساليب عمل، ومن عناصر تحوم حولها شبهات العمالة لزعماء الإجرام. كما يتطلب تحرير طاقات بعض الأطر من مفتشي الشرطة وضباطها ذوي الكفاءة والنزاهة، ممن هم في منطقة التهميش بفعل دسائس الفاسدين، جامعي الإتاوات الذين يشكلون أحد عوامل الحد من نجاعة الأداء الأمني، إلى درجة بات حقراء الإجرام ورؤوسه يتهكمون في جلساتهم على ما يسمونه “غباء الفعل الأمني”.

إن المهام والأدوار التي تقوم بها فرق الأبحاث ومكافحة العصابات، ينبغي تعزيزها والرفع من نجاعتها بدعم وتفعيل فرقة الاستعلام الجنائي.

إن هذا الواقع المقلق يستدعي تدشين حملة تطهير أمنية، ذكية، غير تقليدية ولا مألوفة، مع تغيير كلي لشبكة المخبرين الذين أصبح بعضهم مندسين ومضللين أكثر منهم متعاونين، وهو ما يمنح عصابات الإجرام السبق ومعرفة تحركات رجال الأمن.

لقد بات فساد بعض المؤتمنين على إحدى وظائف الدولة السيادية استراتيجياً من كؤوس مهترئة بتراكم ثروات الفساد؛ فاسدون متغولون يتدخلون شططاً في كل شاردة وواردة، يحتم على مسؤولي القاعة ردع المتمرد، رشوةً وعطايا، على مستوى حجم التورط، الذي توهّم جهلاً سهولة التجرؤ على أسياده، عاملاً من عوامل خدش هيبة الدولة والمؤسسات. لن نسمح البتة بالعبث جهلاً وجشعاً بما تمثله وترمز إليه الدولة من قيمة إبستمولوجية سياسياً، في العمق الضامن للاستمرارية، المجسد للتعاقد الاجتماعي في بعده الديني والدنيوي.

إن هذا الاجتهاد، الذي نتمنى أن يكون صائباً، نبغي من ورائه الإشارة إلى المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق رجال ونساء نفاذ القانون، الساهرين على أمن وممتلكات المواطنين، وكذا الحفاظ على الأمن والنظام العام، في مرفق يشكل أسس نجاح كل التدابير التنموية. كما يشكل عنوان نجاح المملكة في التمكن من ضمان استقرار المجتمع في محيط مضطرب، بشكل جعل بلادنا محط ثقة مؤسسات استثمارية عالمية، واعترافاً بقوة ونجاعة نظام سياسي، أثبت تاريخياً وما زال انتصاره الدائم لتطلعات شعبه وطموحاته التاريخية.


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.