الأستاذ المصطفى رياني ينتقل من محكمة العرائش بعد مسار من العطاء والتميز الإداري

العرائش نيوز:

بعد عقدين من الزمن قضاها في تحمل أمانة المسؤولية الإدارية برئاسة المحكمة الابتدائية بالعرائش، يغادر الأستاذ المصطفى رياني هذا الصرح القضائي العريق، لينتقل إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بتطوان، مواصلا رسالته في خدمة العدالة مسؤولا إداريا فيها.
لقد كان حضوره في مرفق العدالة بالعرائش أكثر من مجرد إشراف إداري؛ كان عنوانا للجدية والانضباط، ومرجعا للكفاءة والاقتدار. فقد بصم الأستاذ رياني بتفانٍ نادر صفحات مشرقة في تاريخ كتابة الضبط، حيث استطاع أن يواكب التحولات القانونية والتنظيمية بحنكة، وأن يترجم النصوص إلى واقع عملي يسهل المساطر وييسر ولوج المرتفقين إلى العدالة.
عرفه زملاؤه وموظفو المحكمة قائدا صارما في الحق، متبصرا في اتخاذ القرار، متوازنا في توزيع المهام، قريبا من هموم الموظفين، وحريصا على حسن اختيار مواقعهم بما يخدم المرفق القضائي ويعزز نجاعته. وكان المرتفقون يرونه وجها بشوشا، مستمعا جيدا، ومخاطبا لبقا لا يكل ولا يمل من شرح المساطر وتبسيط الإجراءات.
لقد استطاع الأستاذ رياني أن يمنح لكتابة الضبط بالعرائش هيبة وفاعلية، وأن يترك فيها بصمات لا تمحى، بفضل ما امتاز به من حضور قوي وشخصية متوازنة تجمع بين الصرامة الإنسانية وحسن التدبير الإداري. لذلك فإن انتقاله إلى تطوان يشكل خسارة حقيقية لساكنة العرائش التي ألفت كفاءته وتواصله الرفيع، وإن كان في الوقت نفسه مكسبا كبيرا لمحكمة الاستئناف بتطوان التي تستقبل إطارا إداريا من الطراز الرفيع.
ومما يميز مسيرة الأستاذ المصطفى رياني أيضا نزاهته المشهود بها وأخلاقه الرفيعة التي شكلت قدوة لمرؤوسيه وزملائه على حد سواء. فقد جمع بين صرامة المسؤول الإداري وسمو القيم الإنسانية، فكان مثالا للاستقامة في القول والفعل، ومرجعا في التحلي بروح المسؤولية والالتزام بخدمة المرفق العمومي بما يرضي الضمير ويصون هيبة العدالة. ولعل ما تركه في نفوس من اشتغلوا معه من احترام وتقدير صادق، هو أبلغ دليل على أن الرجل مارس مهامه بروح نزيهة، متجردة من كل مصلحة شخصية، واضعا الصالح العام فوق كل اعتبار.
يبقى مسار الأستاذ المصطفى رياني شاهدا على أن العطاء الإداري ليس مجرد ممارسة وظيفية، بل هو التزام أخلاقي ورسالة إنسانية تسهم في ترسيخ ثقة المواطن في العدالة وتعزز صورة القضاء كمرفق عمومي حيوي.