مصعب التجاني: الرهان الحقيقي للإصلاحات معقود على تجاوز الأحزاب لمنطق التزكيات العائلية

العرائش نيوز:

صادق المجلس الوزاري الأحد برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية ترسم ملامح مرحلة جديدة من الإصلاح المؤسساتي، وذلك بعد المصادقة على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، في خطوة تهدف إلى تخليق الحياة السياسية، وتعزيز حضور النساء والشباب، ورفع فعالية أداء المؤسسات الدستورية.

وتستهدف هذه الإصلاحات بشكل مباشر المؤسسة التشريعية، حيث يهدف مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب إلى تحصين الولوج إليه في وجه كل من صدرت في حقهم أحكام قضائية يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية. كما يقر المشروع اعتماد الحزم اللازم لاستبعاد كل من يتم ضبطه متلبساً بارتكاب جرائم تمس بسلامة العمليات الانتخابية، مع تشديد العقوبات لردع أي محاولات تستهدف نزاهة الاستحقاقات الانتخابية في جميع مراحلها، وذلك بهدف إفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة.

وفي سياق متصل، يرى مصعب التجاني، أستاذ القانون العام بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش، أن هذه الإجراءات تأتي في إطار دينامية الإصلاح المؤسساتي التي يعرفها المغرب، والتي توجهها الخطابات الملكية السامية. وأكد التيجاني في تصريح لموقع القناة الثانية أن الإعلان عن هذه الإصلاحات من داخل المجلس الوزاري هو “تأكيد من أعلى سلطة في البلاد على أن أي إصلاح لا يمكن أن يأتي إلا في إطار التعاقدات الديمقراطية الواضحة”، مشيرا إلى أن هذا يشكل احتراماً للمؤسسات وترسيخاً لصلاحياتها.

وحول الإجراءات المتعلقة بتخليق الحياة النيابية، عبر التيجاني عن تفاؤله الكبير، قائلا: “نتفاءل بشكل كبير في التشدد اتجاه ترشح كل من ثبت في حقه ممارسة الفساد وأدين بذلك، وهذا الأمر يدخل في إطار إجراءات تحصين سمعة المؤسسة البرلمانية والمؤسسات التمثيلية”.

وفي خطوة غير مسبوقة لتحفيز الشباب، يقترح مشروع القانون التنظيمي مراجعة وتبسيط شروط ترشح من لا تفوق أعمارهم 35 سنة، سواء بترشيح حزبي أو بدونه، مع إقرار تحفيزات مالية مهمة عبر منحهم دعماً يغطي 75% من مصاريف حملاتهم الانتخابية. ولدعم الحضور النسائي، يقترح المشروع تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصرياً لفائدة النساء.

إلا أن التيجاني أبدى تفاؤلاً أقل حيال هذه النقطة، معتبراً أن نجاحها مرهون بمدى تجاوب الأحزاب السياسية. وأوضح أن التجارب السابقة، مثل نظام “الكوطا” واللائحة الوطنية للشباب، كان لها “أثر على مستوى الظهور الشكلي للفئات المعنية بالدعم، لكن على مستوى الأثر الحقيقي فإن غياب هذه الآليات سيؤدي حتماً إلى غياب ظهور الفئات المعنية بها”. وأرجع السبب إلى أن الأحزاب السياسية “لم تستطع أن تواكب هذه الآليات الانتقالية، وتضغط بممارساتها لجعلها آليات دائمة”، مما يدفعه للقول بأن هذه الأحزاب “لا تؤمن بضرورة انتقال وتجديد النخب”.

ويحذر التيجاني من أن الرهان الحقيقي معقود على وعي الأحزاب السياسية، وإلا “فإننا سنكون أمام تركيبة برلمانية يحظى فيها الحضور النسائي والشبابي بمركز مهم لكن في جلباب الآباء والأقرباء والولاءات التي لن تستفيد منها المؤسسة النيابية وستغيب عنها الكفاءات”.

وإلى جانب ذلك، شملت حزمة الإصلاحات مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالأحزاب السياسية، يهدف إلى تطوير إطارها القانوني، وتعزيز مشاركة النساء والشباب في تأسيسها، وتحسين حكامتها وضبط ماليتها، بهدف تأهيل العمل الحزبي لمواكبة تطورات المجتمع المغربي.

كما صادق المجلس على مشروعين آخرين يتعلقان بالمحكمة الدستورية؛ الأول يحدد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، تنزيلاً للفصل 133 من الدستور الذي يخول لأطراف النزاع الطعن في دستورية القوانين التي تمس بالحقوق والحريات. أما المشروع الثاني، فيهدف إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية لرفع فعاليتها، عبر تحديد جهة الطعن في انتخابات أعضائها، وإعفائها من تبليغ قرارات الطعون الانتخابية، مع وضع قيد يمنع إعادة تعيين أو انتخاب العضو الذي يكمل مدة تفوق ثلاث سنوات نيابة عن عضو آخر.

وخلص التيجاني إلى أن هذه الحزمة من الإصلاحات، رغم كبرها والظرفية الاقتصادية والمناخية الصعبة، تشكل “خارطة طريق للحكومة الحالية وللحكومة القادمة على مستوى التصور والرؤية”، وتأتي في إطار “تصور متكامل يهدف إلى إعطاء انطلاقة متجددة للإصلاحات”.

2M


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.