بين اعفاء بنكيران وبراءة حسني مبارك؟

العرائش نيوز:  

بين اعفاء بنكيران وبراءة حسني مبارك؟

 للوهلة الأولى تبدو المقارنة بين الحدثين بعيدة ومستهجنة. اعفاء الملك محمد السادس لعبد الاله بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة وحكم القضاء المصري ببراءة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك؟

 لكن كلا الحدثين يطرحان نفس السؤال: هل انتهى الربيع؟ هذا السؤال الذي طرح بقوة في مصر بعد الحكم النهائي ببراءة حسني مبارك وإطلاق سراحه، كان المنشيت والعنوان الأساسي في كل مصر “براءة مبارك تعني نهاية الربيع المصري وطي صفحت الثورة”. فهل يمكن ان نقول في المغرب ان اعفاء بنكيران هو نهاية الربيع المغربي وطي صفحة الاستثناء المغربي او التغيير في ظل الاستقرار؟

 سيقول البعض ان المقارنة بعيدة وغير متزنة. لأن بنكيران بالذات لا يمثل الحراك المغربي بل كان اول الرافضين لحراك العشرين من فبراير، وهو من وصف شبابه بالدراري وهو من كان يلهج ليل نهار الاستقرار الاستقرار، وهو من كان يضرب بقبضته على الطاولة كلما سمع بالملكية البرلمانية ويصيح عاليا نريد ملكا يسود ويحكم.

 فعن اي مقارنة نتكلم هنا؟ بنكيران لم يرمز ابدا للحراك المغربي بل كان العصى الأساسية التي عرقلة عجلة التغيير المغربي.

 لكن ومن جهة اخرى لا ينكر أحد انه لولا حراك عشرين فبراير لما وصل بنكيران لرئاسة الحكومة، وهو الأمر الذي يعترف به بنكيران نفسه. كما ان اكراه الربيع العربي ورياح عشرين فبراير هي التي حملت حزبا كان الكلام يدور حول حله الى تصدر الساحة السياسية، وهو الحزب الذي جاء في تسريبات ويكليكس ان المؤسسة الملكية لا تثق في أعضائه.

 لولا العشرين من فبراير لما تراجع الهمة للخلف وهو من كان يقول انه جاء بالتراكتور ليقتلع المصباح من الأرض السياسية المغربية. وبالتالي شاء بنكيران ام ابى فرئاسة شخص بنكيران للحكومة تذكر رؤوس التحكم المخزني بأيام الشقيقة حين كانت الرؤوس تتهاوى والعروش تهتز. السيد بنكيران هو نتيجة مباشرة للحراك المغربي ومن هنا يمكن القول ان التخلص من النتائج يعني طي صفحة الأسباب. الظرفية الاستثنائية دفعت المخزن مجبرا الى التطبيع مع أناس لا يحبهم ولا يستسيغهم. وبعدما رفع الاستثناء ستعود الأمور إلى نصابها، والرسالة واضحة بنكيران لا نريدك بيننا. انتهى الربيع وسنعود لخريف السياسة المغربية، بعودة شخوص مخزنية مصنوعة من فوق لتدير دفة البلاد أخنوش نموذجا.

ربما بنكيران نفسه لا يعلم ان نعمة عشرين من فبراير التي أجلسته بجوار الملك هي اللعنة التي تجعله غير مرغوب فيه. وإلا لماذا لا يريد المخزن بنكيران رغم ان الخدمات التي قدمها للدولة لا تعد ولا تحصى. فقد خلصها من عبئ صندوق المقاصة، كما تراجع عن الزيادات التي فرضتها رياح التغيير، واوقف التوظيف الذي اشترت به الدولة السلم الاجتماعي، اقر اصلاح صندوق التقاعد من لحم الموظفين، ولم يقدم بالمقابل اي مسؤول للمحاكمة. بعد كل هذا علينا أن نسأل: لماذا لا يحب المخزن بنكيران؟ بكل بساطة جاء في لحظة ضعف المخزن والمخزن لا يريد ان يرى من يذكره بضعفه يسير على سجادة البلاط.

 إعفاء بنكيران وبهذا الشكل المهين يوصل رسالة مفادها، وان فزت بالانتخابات وان حملت في جعبتك أصوات أكثر من مليوني مغربي، لن تصل الى الحكم الى برضى المخزن وبنكيران لن ينال رضى المخزن لأن به ريح الربيع العربي وهذه الريح يجب ان تمحى آثارها وتطوى صفحتها. بنكيران ذهب بكل حمولته الرمزية السلبية او الإيجابية فهل سنشهد بالمقابل عودة فؤاد عالي الهمة للأضواء مرة أخرى؟.


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.