الغلاء‭ “‬يقتل‭” ‬السياحة‭ ‬بالشمال

العرائش نيوز:

على‭ ‬غير‭ ‬العادة،‭ ‬سجل‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬بالمدن‭ ‬الساحلية‭ ‬الشمالية،‭ ‬منذ‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬موسم‭ ‬الاصطياف‭ ‬للسنة‭ ‬الجارية‭ (‬2024‭)‬،‭ ‬ركودا‭ “‬غير‭ ‬مسبوق‭” ‬مقارنة‭ ‬بالفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬خاصة‭ ‬بطنجة،‭ ‬نتيجة‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬مترابطة‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬يتعلق‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الفنادق‭ ‬والإقامات‭ ‬والشقق‭ ‬المفروشة‭ ‬والمقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬بمختلف‭ ‬أصنافها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الغلاء‭ ‬المتفاقم‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬جل‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬التي‭ ‬أضرت‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للطبقة‭ ‬المتوسطة،‭ ‬ووقفت‭ ‬بالتالي‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية‭. ‬

طنجة،‭ ‬عروس‭ ‬الشمال،‭ ‬التي‭ ‬تعودت‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬على‭ ‬استقبال‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬الأجناب‭ ‬والمغاربة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الوجهات‭ ‬السياحية‭ ‬بالمملكة،‭ ‬تعيش‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬صيفا‭ ‬استثنائيا‭ ‬غير‭ ‬مألوف،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تسجل‭ ‬المدينة‭ ‬والمناطق‭ ‬المجاورة‭ ‬لها،‭ ‬لحدود‭ ‬الساعة،‭ ‬ذروتها‭ ‬السياحية‭ ‬المعتادة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬السنة،‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬عادة‭ ‬حركة‭ ‬دؤوبة‭ ‬وطلبا‭ ‬متزايدا‭ ‬على‭ ‬الفنادق‭ ‬والشقق‭ ‬المفروشة،‭ ‬وتدفقا‭ ‬هائلا‭ ‬على‭ ‬شواطئها‭ ‬الممتدة‭ ‬على‭ ‬الواجهتين‭ ‬البحريتين،‭ ‬الأطلسية‭ ‬والمتوسطية‭.‬

فالركود‭ ‬هو‭ ‬السائد‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬بأهم‭ ‬القطاعات‭ ‬السياحية‭ ‬بالمدينة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬ذروة‭ ‬الإقبال‭ ‬عليها‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأول‭ ‬ليوليوز‭ ‬إلى‭ ‬متم‭ ‬غشت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬إذ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬الملفت،‭ ‬أصبح‭ ‬الوضع‭ ‬يدعو‭ ‬للقلق،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الموسم‭ ‬الحالي‭ ‬لن‭ ‬يسجل‭ ‬أرقاما‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬ضغطا‭ ‬ملحوظا‭ ‬على‭ ‬الفنادق‭ ‬بمختلف‭ ‬تصنيفاتها‭ ‬والمنتجعات‭ ‬السياحية‭ ‬والشقق‭ ‬المفروشة،‭ ‬وعرفت‭ ‬إقبالا‭ ‬متزايدا‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬المطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬الموجودة‭ ‬وسط‭ ‬المدينة‭ ‬وضواحيها‭.‬

وحسب‭ ‬مهنيين‭ ‬بقطاع‭ ‬السياحة،‭ ‬فإن‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الساحلية‭ ‬الشمالية‭ ‬تراجع‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الموسم‭ ‬السياحي‭ ‬الحالي‭ ‬بنسبة‭ ‬تفوق‭ ‬75‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬خاصة‭ ‬بعاصمة‭ ‬البوغاز،‭ ‬التي‭ ‬تخلى‭ ‬عنها‭ ‬زوارها‭ ‬المألوفون‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬والأجانب،‭ ‬خاصة‭ ‬أفراد‭ ‬الجالية‭ ‬المغربية‭ ‬بالخارج،‭ ‬الذين‭ ‬حولوا‭ ‬وجهتهم‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬كإسبانيا‭ ‬والبرتغال‭ ‬وتركيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظلوا‭ ‬لسنوات‭ ‬يفضلون‭ ‬قضاء‭ ‬عطلتهم‭ ‬الصيفية‭ ‬بالشواطئ‭ ‬الشمالية‭.‬

وعلل‭ ‬مهنيون‭ ‬التقت‭ ‬بهم‭ “‬الصباح‭” ‬بطنجة،‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الركود‭ “‬غير‭ ‬المسبوق‭” ‬بعدة‭ ‬عوامل‭ ‬نتجت‭ ‬أساسا‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬وموجة‭ ‬الغلاء‭ ‬المتفاقم‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬كل‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تقف‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تضررت‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬وتخلت‭ ‬جل‭ ‬الأسر،‭ ‬مرغمة،‭ ‬عن‭ ‬عادة‭ ‬السفر‭ ‬والسياحة‭ ‬الصيفية،‭ ‬فيما‭ ‬أصبحت‭ ‬أسر‭ ‬أخرى‭ ‬تفضل‭ ‬السفر‭ ‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬خاصة‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬إسبانيا،‭ ‬حيث‭ ‬تتناسب‭ ‬ميزانياتها‭ ‬المحدودة‭ ‬مع‭ ‬العروض‭ ‬السياحية‭ ‬هناك،‭ ‬من‭ ‬سكن‭ ‬بالفنادق‭ ‬ومنازل‭ ‬مفروشة‭ ‬ومحلات‭ ‬تغذية‭ ‬ومطاعم‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭.‬

‭ ‬والخطير‭ ‬في‭ ‬الأمر،‭ ‬حسب‭ ‬المصادر‭ ‬ذاتها،‭ ‬هو‭ ‬عزوف‭ ‬أفراد‭ ‬الجالية‭ ‬المغربية‭ ‬بالخارج‭ ‬ومقاطعتهم‭ ‬للمنتوج‭ ‬السياحي‭ ‬ببلدهم‭ ‬الأم،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بصفة‭ ‬عامة،‭ ‬خاصة‭ ‬تذاكر‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬والبحرية،‭ ‬التي‭ ‬تضاعفت‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مشاكل‭ ‬ومظاهر‭ ‬أخرى‭ ‬مزعجة‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬والنظافة‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الشواطئ،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬محتلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أصحاب‭ ‬الكراسي‭ ‬والمظلات‭ ‬الشمسية،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬معظم‭ ‬مغاربة‭ ‬العالم‭ ‬يختارون‭ ‬وجهات‭ ‬سياحية‭ ‬أخرى‭ ‬تقدم‭ ‬لهم‭ ‬خدمات‭ ‬راقية‭ ‬بأسعار‭ ‬تنافسية‭.‬‭ ‬

ممارسات‭ ‬تضرب‭ ‬القطاع‭ ‬

أكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالسياحة‭ ‬بطنجة،‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القطاع‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الممارسات‭ ‬المنافية‭ ‬لقواعد‭ ‬المنافسة،‭ ‬التي‭ ‬تشوه‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الإيواء‭ ‬والمطعمة‭ ‬والمقاهي،‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬لترفع‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬خدماتها‭ ‬بشكل‭ ‬يثير‭ ‬قلق‭ ‬السياح،‭ ‬سواء‭ ‬المغاربة‭ ‬أو‭ ‬الأجانب،‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬عن‭ ‬استنكارهم‭ ‬للزيادات‭ ‬الصاروخية‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسياحة‭ ‬وتجاوزها‭ ‬200‭ % ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬الفترات‭ ‬العادية،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجودة‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النوع،‭ ‬وتفوق‭ ‬الأسعار‭ ‬المطبقة‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬إسبانية‭ ‬مجاورة،‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬مقتنعين‭ ‬بأن‭ ‬قضاء‭ ‬العطلة‭ ‬فيها‭ ‬يكلف‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المغرب‭.‬

‮ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬قال‭ ‬الزبير‭ ‬بناني،‭ ‬وهو‭ ‬خبير‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬إن‭ “‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬تشمل‭ ‬معظم‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يقصدها‭ ‬السياح‭ ‬وزوار‭ ‬المدينة،‭ ‬وهي‭ ‬سلوكات‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬إشكالا‭ ‬حقيقيا‭ ‬يهدد‭ ‬صورة‭ ‬السياحة‭ ‬بطنجة‭ ‬والمدن‭ ‬الشمالية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخارج،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احتدام‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬منتوج‭ ‬سياحي‭ ‬جذاب‭”.‬

وأوضح‭ ‬الخبير،‭ ‬أن‭ ‬إقبال‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الشمالية‭ ‬لقضاء‭ ‬عطلهم‭ ‬ظاهرة‭ ‬إيجابية‭ ‬لتشجيع‭ ‬وتطوير‭ ‬السياحة‭ ‬الداخلية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادات‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأسعار،‭ ‬تسيء‭ ‬لصورة‭ ‬القطاع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬الوصية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تشديد‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المحلات‭ ‬وفرض‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬إشهار‭ ‬الأسعار،‭ ‬لقطع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬تجاوزات‭ ‬المخالفين‭ ‬وتقليص‭ ‬الخسارة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتكبدها‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬جراء‭ ‬نشر‭ ‬أشرطة‭ ‬فيديو‭ ‬توثق‭ ‬لهذه‭ ‬الممارسات‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬استثمرت‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للمدينة‭ ‬لكي‭ ‬تصبح‭ ‬ضمن‭ ‬مصاف‭ ‬المناطق‭ ‬الساحلية‭ ‬الأروبية،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجمالية‭ ‬والمنتوج‭ ‬السياحي‭.‬

سياح‭ ‬مستاؤون‭ 

اصطدامات‭ ‬وملاسنات‭ ‬يومية‭ ‬تشهدها‭ ‬مطاعم‭ ‬ومقاهي‭ ‬طنجة‭ ‬والشواطئ‭ ‬المجاورة‭ ‬لها،‭ ‬وتنشب‭ ‬بين‭ ‬المصطافين‭ ‬والسياح‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وأرباب‭ ‬ومسيري‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬بسبب‭ ‬الأسعار‭ ‬المرتفعة‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الزبناء‭ ‬وتتجاوز‭ ‬السقف‭ ‬المحدد،‭ ‬خاص‭ ‬المأكولات‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬ارتفاعا‭ ‬صاروخيا‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له،‭ ‬بعدما‭ ‬تحولت‭ ‬تسعيرة‭ ‬ربع‭ ‬من‭ ‬الدجاج‭ ‬المشوي‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬درهما‭ ‬إلى‭ ‬45،‭ ‬ووصل‭ ‬ثمن‭ ‬طبق‭ ‬السمك‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬فيما‭ ‬رفعت‭ ‬المقاهي‭ ‬من‭ ‬تسعيرة‭ ‬المشروبات،‭ ‬ووصل‭ ‬ثمن‭ ‬كأس‭ ‬قهوة‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬درهما،‭ ‬وكأس‭ ‬عصير‭ ‬إلى‭ ‬45‭ ‬درهما،‭ ‬بل‭ ‬ذهب‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقضيها‭ ‬الزبون‭ ‬داخل‭ ‬المقهى‭. ‬

وفي‭ ‬جولة‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬مطاعم‭ ‬طنجة،‭ ‬رصدت‭ “‬الصباح‭”‬‮ ‬غضبا‭ ‬عارما‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المصطافين،‭ ‬الذين‭ ‬استنكروا‭ ‬الأسعار‭ ‬الصاروخية‭ ‬للوجبات‭ ‬والمشروبات‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم،‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬سياحية‭ ‬مميزة،‭ ‬وذكر‭ ‬أحدهم‭ ‬بأنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬مرغما‭ ‬لتأدية‭ ‬100‭ ‬درهم‭ ‬لوجبة‭ ‬عشاء‭ ‬بسيطة‭ ‬اعتاد‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬اقتناءها‭ ‬بثمن‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬60‭ ‬درهما،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬استغلال‭ ‬للإقبال‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬والسعي‭ ‬وراء‭ ‬جني‭ ‬أرباح‭ ‬غير‭ ‬مستحقة‭ ‬بطريقة‭ “‬جشعة‭” ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬المطاعم‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بشكل‭ ‬مزاجي‭ ‬وتطلب‭ ‬من‭ ‬الزبناء‭ ‬تأدية‭ ‬مبالغ‭ ‬مضاعفة‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭. ‬

سائح‭ ‬آخر‭ ‬اعتاد‭ ‬قضاء‭ ‬عطلته‭ ‬الصيفية‭ ‬بعاصمة‭ ‬البوغاز‭ ‬رفقة‭ ‬أسرته،‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأماكن‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬استغلال‭ ‬السياح‭ ‬بطرق‭ ‬بشعة،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬أرباب‭ ‬هاته‭ ‬المطاعم‭ ‬برفع‭ ‬الأثمان‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية،‭ ‬مبرزا‭ ‬أنه‭ ‬دفع‭ ‬100‭ ‬درهم‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬أسرته‭ ‬المتكونة‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬أشخاص‭ (‬أي‭ ‬500‭ ‬درهم‭)‬،‭ ‬مقابل‭ ‬وجبة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬عادية‭ ‬وقضبان‭ ‬الدجاج‭ ‬الرومي‭ ‬ومشروب‭ ‬غازي،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬يعكس‭ ‬صورة‭ ‬سيئة‭ ‬عن‭ ‬طنجة‭ ‬وجهة‭ ‬سياحية‭ ‬تمتاز‭ ‬بالتنافسية‭.‬

مهنيون‭ ‬يتبرؤون‭ ‬

تبرأ‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬من‭ ‬الاتهامات‭ ‬الموجهة‭ ‬لهم،‭ ‬وأكدوا‭ ‬أن‭ ‬الأسعار‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬الوضعية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬المغرب‭ ‬حاليا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أثمنة‭ ‬المحروقات‭ ‬والزيادات‭ ‬المتتالية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ (‬اللحم‭ ‬والسمك‭ ‬والخضر‭ ‬والشاي‭ ‬والقهوة‭ ‬والمشروبات‭ ‬الغازية‭…)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الضرائب‭ ‬المجحفة‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬والرسوم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمشروبات‭ ‬والاستغلال‭ ‬المؤقت‭ ‬للملك‭ ‬العام‭ ‬واللوحات‭ ‬الاشهارية‭ ‬وغيرها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حتم‭ ‬على‭ ‬المهنيين‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬الأسعار‭ ‬لتعويض‭ ‬الخسائر‭ ‬وكسب‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الأرباح‭.‬

وعن‭ ‬الركود‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬السياحة‭ ‬بالمدن‭ ‬الشمالية،‭ ‬أكد‭ ‬مسير‭ ‬بأحد‭ ‬الفنادق‭ ‬المصنفة،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الركود‭ ‬كان‭ ‬متوقعا‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬تصاعدا‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬وصل‭ ‬أخيرا‭ ‬إلى‭ ‬نسبة‭ ‬تقارب‭ ‬3‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وإنجلترا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وهي‭ ‬دول‭ ‬يفضل‭ ‬مواطنوها‭ ‬الوجهة‭ ‬المغربية‭ ‬لقضاء‭ ‬عطلتهم‭ ‬الصيفية،‭ ‬حيث‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬لمواطنيها‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬نفقات‭ ‬السفر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬تذاكر‭ ‬الطيران،‭ ‬التي‭  ‬تضاعفت‭ ‬3‭ ‬مرات‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنوات‭ ‬الماضية‭.‬

أما‭ ‬بخصوص‭ ‬ضعف‭ ‬إقبال‭ ‬السياح‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬الاصطياف‭ ‬بالمدن‭ ‬الشمالية‭ ‬الساحلية‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬أكد‭ ‬المصدر،‭ ‬الذي‭ ‬فضل‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬هويته،‭ ‬أن‭ ‬الأسباب‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬موجة‭ ‬الغلاء‭ ‬المتفاقم‭ ‬وتضرر‭ ‬مداخيل‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬منح‭ ‬الحكومة‭ ‬لموظفي‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أجرة‭ ‬يونيو‭ ‬ويوليوز‭ ‬لتدبير‭ ‬مصاريف‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬ما‭ ‬أربك‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭ ‬لأغلب‭ ‬الأسر،‭ ‬التي‭ ‬فضلت‭ ‬قضاء‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية‭ ‬في‭ ‬مدنها‭ ‬الأصلية‭.‬

الصباح‭: ‬المختار‭ ‬الرمشي‭


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.