منصة رقمية تُعطّل تجديد الإقامات: آلاف المهاجرين النظاميين مهددون بفقدان الوثائق والطرد من العمل

العرائش نيوز:

في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، رفعت عشر جمعيات فرنسية رائدة في مجال الدفاع عن حقوق الأجانب، من بينها  “الإغاثة الكاثوليكية Secours Catholique،” فرنسا أرض اللجوء France Terre d’Asile و”لا سيماد La Cimade، دعوى أمام مجلس الدولة الفرنسي في نهاية شهر مارس 2025، احتجاجاً على “الأعطال الجسيمة والمتكررة” التي تعاني منها المنصة الرقمية للإدارة العامة للأجانب في فرنسا(Administration Numérique pour les Étrangers en France ANEF)، والتي أصبحت منذ سنة 2021 الوسيلة الوحيدة لتجديد تصاريح الإقامة.

وأكدت الجمعيات أن هذه الأعطال لا تمثل فقط خللاً تقنياً، بل تهدد بشكل مباشر استقرار حياة آلاف المهاجرين النظاميين، إذ تحرمهم من تجديد وثائقهم القانونية في الوقت المناسب، وتعرضهم بالتالي لفقدان وظائفهم وحقوقهم الاجتماعية، وحتى السكن في بعض الحالات.

وتفرض منصة  ANEF، بصيغتها الرقمية الحصرية، عزلة إدارية خانقة على الأجانب، حيث تمنع الوصول إلى الإدارات بشكل مباشر، وتُلزم المستخدمين بحجز مواعيد إلكترونية غالباً ما تكون مستحيلة المنال. كما اشتكى العديد من المستخدمين من فقدان الوصول إلى حساباتهم على المنصة، إما بسبب أعطال تقنية، أو ضياع بيانات ضرورية كرقم الإقامة، ما يجعل استعادة الوثائق أو الإبلاغ عن فقدانها أمراً بالغ الصعوبة، وربما مستحيلاً.

وتشير شهادات موثقة، منها ما رصدته جمعية لا سيماد، إلى تزايد حالات فقدان العمل والسكن بين المهاجرين النظاميين بسبب عدم تمكنهم من الحصول على وثائق سارية، أو حتى مستندات مؤقتة مقبولة قانونياً. ففي غياب وثيقة إقامة سارية، يصبح العامل عرضة للطرد، وتُحرَم العائلات من المساعدات الاجتماعية.

من جهتها، حذّرت كلير هيدون، المدافعة عن الحقوق، من أن “الرقمنة لا يمكن أن تكون بديلاً عن الوجود المادي”، داعية إلى إتاحة عدة قنوات للتواصل مع الإدارة، تضمن الحد الأدنى من العدالة الإدارية. وبدوره، صرّح باسكال برايس، رئيس اتحاد الفاعلين التضامنيين، بأن الأزمة الحالية تعكس “رغبة سياسية في تعقيد حياة المهاجرين، لا سيما من خلال تعقيد مسارات تجديد الوثائق”.

رغم تعهدات وزارة الداخلية بمعالجة الخلل، تؤكد الجمعيات أن الإجراءات المتخذة لا ترقى إلى حجم الأزمة، مشيرة إلى أن الدعم الفني المتوفر محدود وغير فعال. كما سبق لمجلس الدولة أن ألزم الحكومة، في 2022، بتوفير بدائل للأشخاص المتضررين من الرقمنة القسرية، إلا أن هذه البدائل لم تُفعل عملياً بالشكل الكافي.

ومع استمرار الانقطاعات التقنية وتجاهل النداءات المتكررة، تأمل الجمعيات أن يُجبر القضاء الإدارة على تصحيح المسار، وإعادة فتح قنوات التواصل المباشر، بما يحفظ الحقوق الأساسية للأجانب، ويحول دون تعريضهم لفقدان وثائقهم ووضعهم القانوني.

 


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.