العرائش نيوز:
أصدرت مجموعة كوليبري مؤلفا جماعيا جديدا ضمن إصداراتها الفكرية النقدية تحت عنوان “المدرسة و الفصل الطبقي؛ سرديات مستنفذة و بدائل ممكنة”. الكتاب عبارة عن مساهمات نقدية بنفس ماركسي بورديوي لواقع المدرسة تحمل أسماء كُـتّابها؛ منير الحجوجي، جميلة سعدون، عبد الحكيم الزاوي، ياسين گني و بلال الهنا.
يرفع الكتاب صفارة الإنذار بقوة حول واقع و مستقبل المدرسة في المغرب إذ يعتبرها حلبة لصناعة الأبرتهايد الطبقي المغربي بين البيض و السود. بين قلة تُدرس أبناءها في مدارس فائقة الخصوصية تقدم علوم الملعقة الذهبية أو علوم الصيد -كما عبر عنها منير الحجوجي- لأجل الاستحواذ الاستراتيجي على مراكز الإدارة الاقتصادية و السياسية للبلاد من جهة، و كثرة ساحقة لا تجد إلا الخضوع لتعليم بمضامين تافهة و خارج التاريخ هدفها تكريس التبعية لأبناء نفس القِلّة الأولى المتنفذة اقتصاديا و سياسيا.
و يعرج الكتاب أيضا على ما يمكن نعته بزيف الإشكال اللغوي القائم حول اللغة الفرنسية، إذ أن المتعلم المخرّب لغويا في المغرب هو خريج مهزوم طبقيا و لكن يكون بإمكانه مزاحمة أطفال الأعيان المنذورين لقيادة المواقع الاستراتيجية الكبرى للبلاد مستقبلا. فالتميز اللغوي بات شرطا أساسيا للصعود إلى حلبة التوازنات و اللعبة الماكروسياسية.
و ينبه الكتاب أيضا إلى أن أزمة المدرسة أكبر من أن يتم اختزالها في البيداغوجيا و الديداكتيك، و بالتالي الاقتصار على توجيه الطاقات و الجهد الإصلاحي في هذا الاتجاه دون غيره. و هذا ما يعتبره بلال الهنا تمويها يتخفى وراءه صانع و محتكر القرار التربوي إذ يقول: “إن المدرسة في المغرب بدءا بإرهاصاتها البدائية الأولى إلى اليوم ظلت حبيسة التصور الأبيسي لدار المخزن بما يمثله المفهوم من رمزية سيادية مقدسة عابرة للأزمان و المجالات. و تزعم هذه السلطة العمياء أنه من المجازفة ترك المدرسة لأهواء مجتمع قاصر لم و لن يرقى إلى مستوى النضج الدمقراطي و الحداثي لتسلم القيادة في التعليم”. كما أنه لا يمكن أن نعزو الأزمة التاريخية للمدرسة لإشكال زائف آخر متمثل في مسؤولية كل من التكنوقراط أو المتحزب السياسي. إذ أن الأخير من الطبيعي أن ينعكس فشله التنظيمي داخل الحزب على المنظومة التعليمية ككل. أما التكنوفراط يعده الكتاب منفذا تقنيا ناجحا يصرف مصوغات سياسية داخل المنظومة تحمل أهدافا نيولبربالية بحتة تتغذى كلها على إفشال و إجهاض أي محاولة مجتمعية تتغيا استرجاع القرار التربوي المقرصن حسب تعبير الكاتب.
كل المساهمات من فريق الكوليبري في هذا الكتاب تؤكد أنه لا يوجد حل بالمطلق لزحف سرطان الطبقية بالمغرب إلا بمدرسة مغربية موحدة فعليا و منهجسة بأفق أنثروبوسياسي آخر.