العرائش نيوز:
حسام الكلاعي
عائلة غومينديو هي عائلة إسبانية بارزة استقرت في مدينة العرائش شمال المغرب خلال فترة الحماية الإسبانية في أوائل القرن العشرين. لعبت هذه العائلة دورًا محوريًا في الحياة الاقتصادية للمدينة من خلال تأسيس وإدارة شركة اللوكوس الزراعية الصناعية Compañía Agrícola e Industrial del Lukus، التي أصبحت من أكبر المؤسسات في المنطقة. إلى جانب الدور الاقتصادي، كان لأفراد العائلة حضور اجتماعي مؤثر وعلاقات وطيدة بالسلطات الاستعمارية آنذاك، مما خوّلهم استضافة أحداث سياسية مفصلية عشية استقلال المغرب. وتُعتبر شخصية خوسيه أوجينيو غومينديو أوتشوا José Eugenio Gomendio Ochoa الأبرز في هذه العائلة، إذ كان المهندس ورجل الأعمال الذي قاد أنشطة العائلة في العرائش لعقود. سنستعرض فيما يلي تاريخ استقرار هذه العائلة بالعرائش، وأهم أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مع التركيز على أبرز أفرادها وفي مقدمتهم خوسيه أوجينيو غومينديو، وذلك بالاستناد إلى مصادر تاريخية متعددة باللغات الإسبانية والعربية وغيرها لدقة المعلومات.
تاريخ استقرار عائلة غومينديو في العرائش
استقرّت عائلة غومينديو في مدينة العرائش خلال بدايات القرن العشرين، تزامنًا مع فرض الحماية الإسبانية على شمال المغرب عام 1911 تقريبًا. تشير المصادر إلى أن العائلة تنحدر أصلًا من منطقة أستورياس في إسبانيا، وقد جاء دون خوسيه أوجينيو غومينديو أوتشوا إلى المغرب بصفته مهندسًا ضمن الجيش الإسباني .سرعان ما بدأت العائلة في الاستثمار بالعرائش، إذ قام والدا خوسيه بشراء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة في المنطقة من أسرة روتشيلد Rothschild حوالي العقد الثالث من القرن العشرين .وكانت تلك الأراضي الواقعة في حوض نهر اللوكوس من أخصب أراضي المغرب، وقد عُرفت بإنتاج الحمضيات ولا سيما البرتقال والجريب فروت الذي اشتهرت به المنطقة لعقود. يُذكر أن شركة اللوكوس الزراعية الصناعية تأسست رسميًا عام 1927 بتمويل من مستثمرين أوروبيين من بينهم عائلة روتشيلد، ثم انتقلت ملكيتها وإدارتها إلى عائلة غومينديو في مطلع الثلاثينيات بعد أزمة مالية ألمّت بالممولين السابقين. فقد كان خوسيه غومينديو أوتشوا مشاركًا منذ البداية كمستشار تقني في مجلس إدارة الشركة، وبعد انهيار أعمال عائلة باوَر وانسحاب رأس المال التابع لروتشيلد، أصبح آل غومينديو أصحاب الشركة الجدد الذين قادوا مرحلتها الجديدة بدءًا من عام 1931 وهكذا ترسّخ وجود عائلة غومينديو في العرائش مع تولّيهم دفة أحد أهم المشاريع التنموية آنذاك، ما مثّل نقطة تحول في تاريخ المدينة الاقتصادي.
الدور الاقتصادي للعائلة في المدينة
لعبت عائلة غومينديو عبر شركة اللوكوس الزراعية الصناعية دورًا اقتصاديًا رياديًا في العرائش خلال فترة الحماية الإسبانية وما بعدها. تمثلت أنشطتهم الأساسية في استصلاح وزراعة مساحات واسعة من الأراضي بضواحي العرائش، خاصة في سهول نهر اللوكوس الخصبة، مع التركيز على زراعة الحمضيات كبرتقال أبو صرة والجريب فروت، إلى جانب محاصيل زراعية أخرى. لم يقتصر نشاط الشركة على الإنتاج الزراعي الخام، بل امتد ليشمل التصنيع الغذائي والخدمات اللوجستية المكملة. فقد أنشأت الشركة معامل لتعليب المنتجات الزراعية مثل مصنع لتعليب الطماطم والفلفل والفواكه وكذلك مطحنة حديثة للدقيق في المدينة، مما أضاف بُعدًا صناعيًا مهمًا لاقتصاد العرائش. ويُظهر تقرير الشركة لعام 1930 هذا التكامل في الأنشطة، حيث كان المهندس آنخل أروويه مدير الشركة آنذاك يتولى الشؤون الزراعية وتربية المواشي، بينما أوكلت المهام الصناعية إلى نائبه خوسيه بارّاشينا، بما في ذلك إدارة مصنع المعلبات ومطحنة الدقيق. هكذا ساهمت عائلة غومينديو في تحويل العرائش إلى مركز إنتاجي متكامل يجمع بين الزراعة والصناعة الحديثة.
نتيجة لهذه المشاريع، أصبحت شركة اللوكوس خلال منتصف القرن العشرين أكبر مشغّل ومصدر للثروة في العرائش. فقد وفّرت فرص عمل لعدد كبير من أبناء المدينة والمنطقة، وجذبت أيضًا عمالة من خارجها للمساهمة في تشغيل المزارع والمعامل. ويصف أحد أبناء العرائش الدور الحيوي لهذه الشركة بقوله إن العرائش بدون شركة اللوكوس “لم تكن لتكون ذاتها، في إشارة إلى مدى اعتماد اقتصاد المدينة على نشاط عائلة غومينديو. كما ساهمت الشركة في إدخال تقنيات وأساليب زراعية حديثة إلى المنطقة، مستفيدة من خبرات خوسيه غومينديو الهندسية. ومع ازدهار إنتاج الحمضيات، ارتبطت العرائش بأسواق التصدير الأوروبية، مما دفع غومينديو إلى الاستثمار حتى في مجال النقل البحري لتصدير المحصول. فبحلول الخمسينيات، وبالتعاون مع شركاء في إسبانيا، موّل خوسيه غومينديو بناء سفن شحن لنقل البرتقال من ميناء الدار البيضاء إلى موانئ شمال أوروبا .هذا التوسع الطموح يبرهن على رؤية العائلة بتحويل مشروعها في العرائش إلى منظومة متكاملة تربط الإنتاج المحلي بالتجارة الدولية. واستمرت شركة اللوكوس تحت إدارة عائلة غومينديو تؤدي هذا الدور الاقتصادي المحوري خلال عقدي الأربعينيات والخمسينيات، بل وحتى بعد استقلال المغرب 1956، حيث بقيت لفترة من الزمن رافدًا أساسيًا لاقتصاد العرائش قبل أن ينحسر نشاطها تدريجيًا مع مغادرة أفراد العائلة للمغرب في العقود اللاحقة.
الدور الاجتماعي والسياسي لعائلة غومينديو
إلى جانب الدور الاقتصادي، كان لعائلة غومينديو حضور اجتماعي بارز ونفوذ سياسي غير مباشر في مجتمع العرائش خلال حقبة الحماية الإسبانية. تميّزت العائلة بأسلوب حياة راقٍ في المدينة، حيث أقامت في شاليه فيلاسندا Villasinda الشهير المطل على المحيط الأطلسي في حي مورينو بالعرائش. وهذا القصر الشاليه كان قد بناه سابقًا الماركيز دي فيلاسندا ممثل إسبانيا في طنجة، ثم انتقلت ملكيته وأقام فيه آل غومينديو لعشرات السنين ، ليصبح أحد المعالم المعروفة في المدينة.
صورة لشاليه “فيلاسندا” بالعرائش الذي سكنت فيه عائلة غومينديو لعقود طويلة التقطت الصورة سنة 1984. كان الموقع فخمًا ويتمتع بإطلالة بانورامية على المحيط، مما يعكس المكانة الاجتماعية المرموقة للعائلة في المدينة.
امتزجت عائلة غومينديو بالمجتمع المحلي وشكلت جسرًا بين السلطات الاستعمارية الإسبانية والأهالي. فقد عرف عن خوسيه غومينديو أوتشوا انخراطه في عدة فعاليات ونشاطات مدنية وترفيهية في العرائش. على سبيل المثال، تولّى رئاسة نادي كرة القدم المحلي نادي العرائش لكرة القدم Larache CF عام 1946 حيث دعم الرياضة والشباب في المدينة، وإن استقال من المنصب بعد عام واحد فقط. كذلك ساهمت العائلة في الحياة الثقافية والاجتماعية؛ إذ استضاف خوسيه غومينديو في منزله الريفي المسمى “إل بالافيتو” El Palafito في ضواحي العرائش العديد من المناسبات. ومن أبرزها حفل استقبال فرقة موسيقية أندلسية عام 1965 على شرف شخصية أجنبية رفيعة، نظمه غومينديو في قصر “بالافيتو” بحضور نخبة من الموسيقيين المغاربة والإسبان مثل هذه الفعاليات عززت التقارب الثقافي والاجتماعي بين الجالية الإسبانية وسكان العرائش، وعكست روح التعايش التي ميزت المدينة في تلك الفترة.
على الصعيد السياسي، لم يكن أفراد عائلة غومينديو سياسيين رسميًا، لكن نفوذهم الاقتصادي والاجتماعي جعلهم ضمن دائرة النخبة الاستعمارية الحاكمة في العرائش. فقد كان خوسيه غومينديو يُعد أحد أبرز الشخصيات الإسبانية في المدينة، حتى أنه وُصف بأنه واحد من “خمسة دون خوسيه” الذين شكلوا أعمدة مجتمع العرائش الأوروبي خلال الخمسينيات. هؤلاء الخمسة جميعهم حملوا اسم “خوسيه” وكان كل منهم رائدًا في مجال اقتصادي معين، وجاؤوا على النحو التالي:
• خوسيه غومينديو أوتشوا: مالك شركة اللوكوس وقطب الزراعة والصناعة بالعرائش.
• خوسيه غالييغو: صاحب أعمال في مجال المصارف ومطاحن الحبوب ودور السينما
• خوسيه غارغالو فيّا: احتكر قطاع النقل البري حافلات النقل العمومي.
• خوسيه كاثورلا: تاجر كبير في قطاع المواد الغذائية والبقالة.
• خوسيه توريس أسبي: متخصص في تجارة مواد البناء والتشييد
وقد لعبت هذه الشخصيات الخمس دورًا جوهريًا في اقتصاد المدينة ومجتمعها إبّان الحماية. وكون خوسيه غومينديو من ضمنهم يدل على مكانته المرموقة بين نخبة المستوطنين الإسبان واعتباره مساهمًا أساسيًا في ازدهار العرائش آنذاك.
انعكس هذا النفوذ أيضًا في الثقة التي أولتها السلطات الإسبانية لعائلة غومينديو. ففي يناير 1956، حين كانت مفاوضات إنهاء الحماية على أشدّها، استضاف خوسيه غومينديو في مقر إقامته الريفي “إل بالافيتو” لقاءً تاريخيًا رفيع المستوى جمع بين المندوب السامي الإسباني في تطوان الجنرال غارسيا فالينيو ونظيره المقيم العام الفرنسي في الرباط أندريه دوبوا. وقد عُقد الاجتماع في 10 يناير 1956 على أراضي مزرعة غومينديو بضواحي العرائش، في منطقة بقيت تحت السيطرة الإسبانية الخاصة بالمندوب السامي اختيار منزل غومينديو لعقد هذه القمة الثنائية لم يكن صدفة، بل جاء لدواعي أمنية ولما تمتعت به العائلة من نفوذ ومحورية. وقد وُصفت إقامة غومينديو تلك بـ”بالافيتو” نظرًا لبنائها المرتفع على أعمدة كالمساكن التقليدية المبنية على خوازيق. انتهى الاجتماع بتفاهمات سهّلت انتقال المغرب نحو الاستقلال، وقد ذُكر أن خوسيه غومينديو كان حاضرًا بصفته مضيفًا وشاهدًا على حدث تاريخي فاصل هذا المثال يُبرز المكانة السياسية والاجتماعية التي بلغتها عائلة غومينديو، إذ كانت موضع ثقة كل من السلطات الإسبانية والفرنسية في لحظة حرجة من تاريخ المغرب الحديث.
أبرز أفراد عائلة غومينديو
خوسيه أوجينيو غومينديو أوتشوا الأب
يُعد دون خوسيه أوجينيو غومينديو أوتشوا 1904–1979 الشخصية الأهم في تاريخ عائلة غومينديو بالعرائش. وُلد خوسيه في إقليم الباسك بإسبانيا عام 1904 ونشأ في كنف أسرة أستورية الأصل ودرس الهندسة الصناعية ليحصل على لقب دكتور مهندس صناعي. قدِم إلى المغرب شابًا ضمن فرق الهندسة بالجيش الإسباني خلال بدايات فرض الحماية على منطقة الشمال. سرعان ما برزت خبراته الهندسية والزراعية، فانخرط منذ عام 1927 في تأسيس شركة اللوكوس وكان عضوًا تقنيًا في مجلس إدارتها. وبعد بضع سنوات فقط، وجد نفسه على رأس الشركة إثر الأزمة الاقتصادية عام 1931، ليستلم دفة القيادة ويصبح مالكًا ومديرًا عامًا للمشروع الزراعي الأكبر في المنطقة. على مدار العقود التالية، كرّس خوسيه غومينديو جهوده لتطوير المزارع والبنية التحتية الزراعية في العرائش، فأنشأ مصانع التحويل الغذائي وضخ استثمارات كبيرة في تحسين الإنتاجية والتسويق. وقد أكسبته إنجازاته لقب «المهندس» و*«رجل الأعمال»* في آن واحد.
تميز خوسيه بشخصية قيادية وكاريزما يشهد لها من عايشه. ففي ذكرى لاحقة، وصفه أحد أبناء العرائش بأنه كان شخصية آسرة ويترك انطباعًا قويًا. وعلى الرغم من كونه إسبانيًا، أبدى احترامًا وتعاونًا مع السكان المحليين، فوفّر عبر مشروعه فرص عمل وتعليم تقنيات حديثة للفلاحين والعمال المغاربة. وبعد استقلال المغرب 1956، فضّل البقاء لبعض الوقت للحفاظ على استمرارية أعمال الشركة وانتقالها السلس. لكن مع مرور السنوات وتغير المناخ السياسي، عاد خوسيه إلى إسبانيا في السبعينيات حيث وافته المنية في مدريد في ديسمبر 1979 عن عمر 75 عامًا. مثّل رحيله نهاية حقبة مهمة من تاريخ العرائش الاقتصادي. ويجدر بالذكر أن إرثه في المغرب استمر عبر أفراد عائلته ومشاريعه التي ظلت قائمة لبعض الوقت بعد مغادرته.
خوسيه غومينديو “خوسيلي” الابن
ورث أبناء خوسيه أوجينيو غومينديو شغفه وواصلوا حضور العائلة في العرائش حتى ما بعد الاستقلال. أبرز هؤلاء الابن خوسيه غومينديو الملقب بـ”خوسيلي” Josele، الذي وُلد على الأرجح أواخر عشرينيات القرن العشرين وترعرع في العرائش. انضم خوسيلي إلى إدارة شركة اللوكوس في مرحلة مبكرة، ويبدو أنه تولى مسؤوليات تشغيلية خلال الستينيات مع تقدّم والده في السن. تصفه الروايات المحلية بأنه كان شخصية محبوبة وذات حضور، وقد شوهد أحيانًا يقود سيارته في شوارع العرائش بصحبة سائقه الخاص مرتديًا بزته الرسمية ما يدل على استمراره في نمط الحياة المرموقة التي عُرفت عن العائلة. تحت إدارته، استمرت شركة اللوكوس أو ما تبقى منها في توفير فرص العمل والمساهمة اجتماعياً في المدينة وكان خوسيلي دائم التواصل مع مجتمع العرائش، يحضر الفعاليات المحلية ويحرص على إبقاء إرث والده حيًا. بقي في العرائش لفترة حتى بعد رحيل المستعمرين الإسبان الآخرين، قبل أن يغادر إلى إسبانيا لاحقًا. في عام 2016، تناقلت الجالية نبأ وفاة خوسي عن عمر يناهز 87 أو 88 عامًا. وقد أثار خبر رحيله موجة من الحنين والتقدير في العرائش، حيث تذكّر الناس إسهاماته وحنينه لمدينته. حتى أن بعض أبناء العرائش دعوا إلى تكريمه بإطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة اعترافًا بإسهام عائلته الكبير في تاريخها. وبوفاة خوسيلي، أسدل الستار فعليًا على الفصل الأخير من حضور عائلة غومينديو بشكل مباشر في العرائش، بعد قرابة قرن من الزمن على بدء استقرارها هناك.
إرث العائلة وتأثيرها
خلفت عائلة غومينديو إرثًا واضحًا في تاريخ العرائش الحديث. فعلى الصعيد الاقتصادي، أسهمت مشروعاتها الزراعية والصناعية في تطوير منطقة اللوكوس ورفع مستوى معيشة العديد من الأسر عبر فرص العمل التي وفرتها. ولا يزال اسم شركة اللوكوس حاضرًا في الذاكرة الجماعية للمدينة كرمز لفترة الازدهار الزراعي والصناعي في منتصف القرن العشرين. أما اجتماعيًا، فقد جسّدت العائلة نموذجًا للتعايش بين الثقافات، إذ اندمج أفرادها في النسيج الاجتماعي المحلي وشاركوا في مناسباته واحتضنوا فرقًا موسيقية ورياضية مغربية وإسبانية معًا . وسياسيًا، ارتبط اسم غومينديو بمحطات مفصلية كالاجتماع التحضيري لاستقلال المغرب 1956 الذي استضافه في مزرعته، ما يعني أن حضور العائلة تجاوز نطاق الأعمال ليشمل المساهمة في صنع التاريخ. اليوم، ورغم عدم بقاء أفراد من الأسرة في العرائش، فإن آثارهم المادية والمعنوية ماثلة للعيان؛ سواء في بعض المباني القديمة المرتبطة بهم أو في وجدان أبناء العرائش الذين عايشوا حقبتهم. وقد عبّر العديد من أبناء المدينة عن امتنانهم وتقديرهم لهذا الإرث، حيث يُنظر إلى عائلة غومينديو كجزء لا يتجزأ من ذاكرة العرائش وتراثها، ومنهم من اقترح تخليد اسم العائلة بإطلاقه على شارع أو معلم بارز. وهكذا تبقى حكاية عائلة غومينديو مثالًا حيًا على التأثير العميق الذي قد يتركه الأفراد والمؤسسات في تاريخ المدن وأجيالها المتعاقبة..