“همم” تعبر عن قلقها بشأن حملة الاعتقالات التي تستهدف المئات من شباب جيل Z

العرائش نيوز:

بيان بشأن حملة الاعتقالات التي تستهدف المئات من شباب جيل زد، بما فيهم مائة قاصر بالمغرب
تتابع الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “هِمَمْ” بانشغال بالغ وقلق متزايد ما تشهده مختلف المدن المغربية من حملة اعتقالات واسعة تطال المئات من الشباب من جيل “زد”، من بينهم عشرات القاصرين، في سياق عام يتسم بتصاعد المقاربة الأمنية على حساب المقاربة الحقوقية، وبانكماش مقلق في مساحات التعبير السلمي، بما يهدد ما تبقى من مكتسبات محدودة في مجال الحقوق والحريات.
لقد رصدت الهيئة، استنادا إلى معطيات ميدانية موثوقة، أن عدد الموقوفين الذين تمت إحالتهم على القضاء تجاوز 600 شخص، من ضمنهم حوالي مائة طفل حدث، دون احتساب من تم إطلاق سراحهم من مخافر الشرطة.
وتعتبر الهيئة أن هذا الرقم يعكس حجم الانتهاكات التي تمس الحق في الحرية والسلامة الجسدية والنفسية، وتشكل سابقة خطيرة في تعاطي الدولة مع تعبيرات شبابية سلمية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، سجلت الهيئة خروقات جسيمة، من أبرزها:
المتابعة بمقتضيات القانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر، في مخالفة صريحة للقاعدة القانونية المنصوص عليها في الفصل 6 من القانون الجنائي بوجوب تطبيق “القانون الأصلح للمتهم”، علما أن القضايا المرتبطة بالتعبير لا تستوجب عقوبات سالبة للحرية.
تكييف النيابات العامة لعدد من الملفات على أنها جنايات رغم أن الأفعال موضوع المتابعة لا تتجاوز وصف المخالفات أو الجنح، في محاولة واضحة لتغليظ العقوبة وتكريس منطق الردع.
خرق مبدأ الاختصاص المكاني من خلال محاكمة شباب خارج دوائر سكناهم أو أماكن وقوع الأفعال، كما في حالة شاب قاطن بكلميم جرت محاكمته بمدينة الدار البيضاء.
تجاوز مدة الحراسة النظرية وعدم إشعار العائلات، في انتهاك واضح للمادة 67 من قانون المسطرة الجنائية، وللمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن الحق في الحرية والأمان على الشخص.
ضم دفوعات البطلان إلى الجوهر دون مبرر قانوني، في خرق صريح لمقتضيات المسطرة الجنائية، مما يفقد المحاكمات الحد الأدنى من شروط العدالة ويؤكد طابعها السياسي.
إصدار أحكام قاسية وغير متناسبة وصلت في بعض قضايا الجنح إلى خمس سنوات سجنا، وفي بعض الجنايات إلى خمسة عشرة سنة، فيما يعكس توجها ممنهجا نحو تجريم التعبير السلمي ومعاقبة الآراء المخالفة.
كما تسجل الهيئة بأسف أن هذه الاعتقالات لم تقتصر على المشاركين في احتجاجات “جيل زد”، بل شملت أيضا شبابا عبروا عن مواقفهم بطرق رمزية أو رقمية سلمية، كمن ارتدوا قمصانا تحمل شعارات تضامنية مع فلسـ.ــطين أو شعار “جيل زد”، بل وامتدت لتطال صاحب المطبعة الذي طبع تلك القمصان.
وتزداد خطورة الوضع حين يتعلق الأمر باعتقال أطفال قاصرين، كما في حالة سفيان شعوب بمدينة وجدة، في خرق واضح للمادة 460 من قانون المسطرة الجنائية التي توجب إيداع الأحداث في مؤسسات خاصة تراعي سنهم وحالتهم النفسية.
كما يشكل ذلك انتهاكا صريحا للمادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل التي تحظر حرمان أي طفل من حريته بشكل تعسفي، وتُلزم الدول باتخاذ جميع التدابير الكفيلة بصون كرامته وإنسانيته.
إن الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “هِمَمْ” تعتبر أن هذه الحملة الواسعة تعبّر عن تراجع خطير في المسار الحقوقي، وعن غياب إرادة جادة في طي صفحة الاعتقال السياسي، مما ينذر بمزيد من الاحتقان وفقدان الثقة بين الدولة والمجتمع.
وإذ تسجل الهيئة بقلق بالغ هذا الانحدار في احترام الضمانات القانونية والدستورية، فإنها تؤكد على ما يلي:
رفضها لتحويل القضاء إلى أداة للترهيب بدل أن يكون ضمانة للحقوق والحريات.
إدانتها الشديدة لقساوة الأحكام الصادرة مؤخرا في حق شباب عبروا عن آرائهم بطرق سلمية، وتعتبرها مؤشرا خطيرا على تراجع استقلال السلطة القضائية.
مطالبتها بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، بمن فيهم الأحداث الذين لا يمكن قانونًا مساءلتهم بنفس معايير البالغين.
دعوتها المنظمات الوطنية والدولية ووسائل الإعلام الحرة إلى مراقبة هذه الانتهاكات الممنهجة والضغط من أجل وضع حدّ لها. كما تدعو الهيئة كافة القوى الحية والمدافعين عن حقوق الإنسان إلى التكتل في جبهة موحدة للدفاع عن حرية الرأي وكرامة المواطنين، ووقف هذا النزيف الحقوقي الخطير.
تشديدها على دستورية الحق في التعبير والتظاهر السلمي، وفقًا للفصول 25 و28 و29 من الدستور المغربي، وعملاً بالمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
تأكيدها أن صون كرامة المواطن، صغيرا كان أم كبيرا، هو حجر الزاوية في أي إصلاح سياسي أو قضائي حقيقي، ومدخل لا غنى عنه لبناء الثقة في دولة عادلة تصون الحقوق وتحكم بالقانون.
 الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “هِمَمْ”

شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.