العرائش نيوز:
حين أعلنت منظمة الصحة العالمية في نهاية عام 2023 أن الوحدة أصبحت “تهديدًا عالميًا للصحة العامة”(1)، بدا الأمر يومها أقرب إلى تحذير رمزيّ منه إلى إعلان حالة طوارئ صحية فعلية.
لكن بعد عامين فقط، وتحديدًا في يونيو/ حزيران 2025، نشرت اللجنة المعنية بالتواصل الاجتماعي التابعة للمنظمة – والتي تأسست عقب ذلك الإعلان – تقريرًا (2) يؤكد أن العالم يواجه بالفعل وباءً صامتًا يهدد البنية النفسية والاجتماعية للمجتمعات في مختلف أنحاء العالم.
التقرير الذي أعدّته اللجنة برئاسة الجرّاح العام السابق في الولايات المتحدة الدكتور فيفيك مورثي، ومبعوثة الاتحاد الإفريقي للشباب تشيدو مبيمبا، يجمع بين التحليل العلمي والرؤية السياسية، ويقدّم قراءة شاملة لكيفية تحوّل الوحدة والعزلة إلى قضية صحة عامة، وللأسباب التي دفعت إلى إعلانها وباءً عالميًا.
وقد جاء التقرير بعنوان “من الشعور بالوحدة إلى تحقيق التواصل الاجتماعي: رسم طريق نحو مجتمعات أوفر صحة”، محذرًا من أن الوحدة لم تعد مجرّد حالة نفسية عابرة، بل باتت أزمة صحية عالمية تتقاطع مع الجوانب الجسدية والعقلية للإنسان.
ووفقًا للتقرير، يُقدَّر أن نحو 871 ألف حالة وفاة سنويًا تُعزى إلى العزلة الاجتماعية، ما يجعلها عامل خطر يعادل في تأثيره التدخين والسمنة والتلوث البيئي.
عزلة الإنسان تحمل أضرارًا جسدية ونفسية تضاهي تأثير الأمراض المزمنة – غيتي
الوحدة: من بحث علمي إلى أزمة صحية عالمية
لم يأتِ إعلان منظمة الصحة العالمية من فراغ، بل كان تتويجًا لعقود من الأبحاث التي تناولت ظاهرة الوحدة والعزلة الاجتماعية بشكل منهجي، ولا سيما منذ سبعينيات القرن العشرين في الدول الغربية.
ففي عام 1973، نُشر كتاب بعنوان Loneliness: The Experience of Emotional and Social Isolation للباحث روبرت إس. فايس، خلص إلى أن الوحدة ليست مجرد شعور عابر، بل تجربة نفسية واجتماعية قد تفضي إلى عزلة فعلية واستبعاد إنساني.
ولفت فايس إلى أن “الوحدة يُعلّق عليها مؤلفو الأغاني أكثر مما يفعل علماء الاجتماع”(3)، في إشارة إلى أن هذه الظاهرة، على الرغم من أهميتها وتأثيرها العميق، غالبًا ما جرى التعامل معها كحالة شعورية فقط، من دون التوقف مليًا عند تبعاتها الصحية والاجتماعية.
ومع مطلع القرن الحادي والعشرين، عمّق عدد من العلماء، منهم جون ت. كاتشوبو عام 2008، البحث في هذا المجال، من خلال تحليل الآثار العصبية والبيولوجية للوحدة، مؤكدين أن عزلة الإنسان تحمل أضرارًا جسدية ونفسية تضاهي تأثير الأمراض المزمنة. (4)
ومع تراكم الأدلة العلمية، بدأت المقاربة تتجاوز البعد النفسي لتتعامل مع الوحدة والعزلة بوصفهما قضية صحة عامة. وساهمت التحوّلات الاجتماعية الحديثة في تسريع هذا التحوّل: تفكك الروابط الأسرية، وازدياد أعداد من يعيشون بمفردهم، وتغيّر أنماط العمل والسكن، وانتشار التكنولوجيا التي أعادت تشكيل طبيعة التواصل الإنساني. ثم جاءت جائحة كوفيد-19 لتكشف هشاشة الترابط البشري في زمن الرقمنة والتباعد الاجتماعي، وتدفع بالمشكلة إلى واجهة النقاش الصحي والسياسي العالمي.
القطيعة الاجتماعية: ما الفرق بين الوحدة والعزلة؟
في جوهرها، تشير “القطيعة الاجتماعية” إلى غياب الروابط الإنسانية الكافية أو فقدان الإحساس بالدعم المتبادل داخل العلاقات. إنها ليست مجرد ابتعاد جسدي عن الآخرين، بل حالة يعيشها الإنسان من دون شعور حقيقي بالتواصل أو الانتماء.
ويشرح تقرير منظمة الصحة العالمية أن القطيعة الاجتماعية تتخذ أشكالًا متعددة، أبرزها الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، وهما حالتان متداخلتان لكنهما غير متطابقتين.
فالوحدة، بحسب التقرير، هي إحساس داخلي ينشأ عندما لا تتطابق علاقات الفرد مع ما يحتاج إليه أو يتوقعه من قرب وتفهّم. قد يشعر المرء بالوحدة وهو في قلب تجمعات الأصدقاء أو العائلة، حين تغيب عنه المشاركة أو الإصغاء الحقيقي. وهي تجربة إنسانية شائعة: يعيشها من يمرّ بانفصال عاطفي، أو ينتقل إلى مكان جديد، أو يفقد شريك حياته. وغالبًا ما تكون مؤقتة، لكنها حين تطول تتحول إلى خطر فعلي يهدد الصحة النفسية والجسدية معًا.
أما العزلة الاجتماعية فهي أكثر قابلية للقياس بالأرقام: أن يعيش الشخص بمفرده، أو يتواصل نادرًا مع الآخرين، أو يملك دائرة ضيقة جدًا من العلاقات. ورغم أن بعض الأفراد يختارون هذا النمط طوعًا ويجدون فيه راحة أو استقلالية، فإن استمرار العزلة لفترة طويلة يترك آثارًا ضارة على الجسد والعقل، من تراجع المناعة إلى ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب.
بكلمات أخرى، ليست الوحدة والعزلة مجرد حالتين من “قلة الاختلاط”، بل هما تعبيران عن فقدان جوهر التجربة الإنسانية: أن يكون الفرد مرئيًا ومسموعًا ومتصلاً بالآخرين. في المقابل، يعني التواصل الاجتماعي قدرة الإنسان على بناء علاقات تمنحه الإحساس بالانتماء والدعم العاطفي والعملي.
المجتمعات المحلية هي القلب النابض للتواصل الإنساني – غيتي
ويؤكد تقرير منظمة الصحة العالمية أن بناء ما يسمى “بنية اجتماعية للصحة” بات ضرورة ملحّة، إذ إن الرفاه الإنساني لا يُقاس فقط بالمؤشرات الطبية، بل أيضًا بمدى اندماج الفرد في مجتمعه. فاستمرار أي من الوحدة أو العزلة لفترات طويلة يترك أثرًا مباشرًا في الجسد والعقل.
فئتان تتصدران مشهد الوحدة والعزلة في العالم
يبيّن التقرير أن الوحدة ظاهرة عالمية تطال الأفراد من مختلف الأعمار والثقافات، إلا أن مجموعتين تبدوان أكثر عرضة لها من غيرهما.
أولًا، فئة الشباب بين 13 و29 عامًا؛ إذ يقول ما بين 17 و21% منهم إنهم يشعرون بالوحدة، وتبلغ النسبة ذروتها لدى المراهقين الذين يمرون بمرحلة البحث عن الهوية والعلاقات وبناء الذات.
وثانيًا، الفئات السكانية في البلدان الفقيرة، حيث يعاني نحو 24% من الناس من الوحدة، مقارنة بـ11% فقط في الدول الغنية. فالفقر، كما يوضح التقرير، “يسرق الوقت والفرص” التي تتيح بناء علاقات إنسانية متينة.
أما العزلة الاجتماعية فتبدو أكثر شيوعًا بين كبار السن والمراهقين على السواء: واحد من كل ثلاثة مسنّين يعيش في عزلة، وواحد من كل أربعة مراهقين يقرّ بأنه يعاني من انفصال اجتماعي شبه تام.
وتزداد هشاشة بعض الفئات الأخرى، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة واللاجئين والمهاجرين، بفعل التمييز أو الحواجز اللغوية والثقافية والاجتماعية التي تحدّ من قدرتهم على الاندماج وبناء شبكات دعم.
خطر القطيعة الاجتماعية على الصحة الجسدية والنفسية
يربط التقرير بوضوح بين قوة العلاقات الاجتماعية من جهة، وطول العمر وجودة الحياة من جهة أخرى. فالأشخاص الذين يتمتعون بروابط متينة غالبًا ما يظهر لديهم جهاز مناعي أقوى، ومستويات أدنى من الالتهاب، واحتمالات أقل للإصابة بأمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية.
في المقابل، تقدّر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 871 ألف وفاة سنويًا (خلال الفترة بين 2014 و2019) كانت مرتبطة بشكل مباشر بالوحدة أو العزلة الاجتماعية. وبحسب التقرير، تُعدّ هذه الظاهرة “عامل خطر صامتًا” لا يقل خطورة عن التدخين أو ارتفاع ضغط الدم.
أما على المستوى النفسي، فتضاعف الوحدة احتمالات الإصابة بالاكتئاب والقلق، بل وحتى التفكير في الانتحار. وعلى المدى البعيد، تضعف العزلة وظائف الدماغ وتزيد من احتمال الإصابة بالخرف ومرض الزهايمر. في المقابل، يمكن للتواصل الاجتماعي أن يعمل درعًا واقيًا يحافظ على مرونة الدماغ وصحته.
تأثير القطيعة على التعليم والعمل والاقتصاد
لا يتوقف أثر الوحدة عند حدود الأفراد وصحتهم، بل يمتد إلى التعليم وسوق العمل والاقتصاد ككل. ففي المدارس، يحصل المراهقون الذين يشعرون بالوحدة على درجات أدنى بنسبة 22% مقارنة بأقرانهم الذين يتمتعون بتواصل اجتماعي أفضل. وفي سوق العمل، تقل فرص من يعانون من العزلة في العثور على وظيفة أو الاحتفاظ بها، وغالبًا ما تكون أجورهم أقل من غيرهم.
وتقدّر المنظمة أن الشعور بالوحدة يكلّف الاقتصادات مليارات الدولارات سنويًا، نتيجة تراجع الإنتاجية وارتفاع كلفة الرعاية الصحية.
ففي أستراليا مثلًا، يبلغ العبء الاقتصادي الناجم عن الشعور بالوحدة 2.7 مليار دولار أسترالي (نحو 1.76 مليار دولار أميركي) سنويًا لتغطية تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بها، بما في ذلك زيارات طبيب الأسرة والمستشفيات، من دون احتساب التكاليف الإضافية الناتجة عن انخفاض إنتاجية القوى العاملة. (5)
أما المجتمعات التي تتمتع بروابط اجتماعية قوية فهي أكثر أمنًا وأسرع تعافيًا من الكوارث والأزمات، ما يجعل التواصل الاجتماعي استثمارًا في صمود المجتمعات، لا مجرد رفاهية نفسية فردية.
“الوحدة النفسية.. أشكالها وأسبابها وطرق علاجها” – فقرة من برنامج “صباح النور” على شاشة “التلفزيون العربي” تشرح انعكاسات الوحدة على الصحة النفسية وسبل التعامل معها.
المجتمعات كمساحات للشفاء
يشدد التقرير على أن المجتمعات المحلية هي القلب النابض للتواصل الإنساني، فهي الفضاء الذي يعيش فيه الناس ويتعلمون ويعملون ويتقدمون في العمر. ومن هنا تأتي أهمية “البنية التحتية الاجتماعية” من حدائق ومكتبات ومقاهٍ ومدارس ووسائل نقل عام، باعتبارها منصات طبيعية لنشوء العلاقات واستمرارها.
ويؤكد التقرير أن تحسين هذه المساحات وجعلها أكثر ترحيبًا وأمانًا وشمولًا هو أحد أنجع السبل لمحاربة العزلة. فمكان بسيط مثل مقعد في حديقة عامة، أو نشاط جماعي في مركز محلّي، يمكن أن يفتح الباب أمام علاقات تمتد لسنوات.
كما يدعو التقرير إلى اعتماد ما يُعرَف بـ”الوصفات الاجتماعية”، أي أن يوصي الأطباء مرضاهم بالمشاركة في أنشطة مجتمعية بدلًا من الاكتفاء بالعلاج الدوائي، لما لذلك من أثر مباشر في تحسين الصحة النفسية وتعزيز الشعور بالانتماء.
عندما تصبح السياسات الرسمية جزءًا من العلاج
خلال السنوات الأخيرة، بدأت عدد من الدول اعتماد سياسات وطنية لمكافحة الوحدة والعزلة. وتشمل هذه السياسات حملات توعية، وتمويل أبحاث، وتشجيع المدارس والمؤسسات الصحية على إدماج مفهوم “التواصل الاجتماعي” ضمن برامجها.
فالمملكة المتحدة كانت السباقة عام 2018 بتعيين أول “وزير للوحدة” في العالم، بعد تقارير أظهرت أن أكثر من تسعة ملايين بريطاني يشعرون بالعزلة المزمنة(6). وتبعتها اليابان بخطوة مماثلة عام 2021، إثر ارتفاع معدلات الانتحار والانكفاء الاجتماعي، خاصة بين كبار السن والنساء خلال جائحة كوفيد-19(7). وفي كلتا الحالتين، شملت الاستجابات خططًا وطنية لتعزيز الروابط المجتمعية، وتشجيع التطوع، وتوفير مساحات عامة تتيح تفاعلات اجتماعية أوسع.
أما الدنمارك فاعتمدت مقاربة وطنية شاملة لمكافحة الوحدة، تقودها شراكة تضم أكثر من مئة منظمة بدعم حكومي، وتهدف إلى خفض معدلات الوحدة إلى النصف بحلول عام 2040.
وترتكز هذه الاستراتيجية على مزيج من السياسات العامة، وحملات التوعية، والمبادرات المجتمعية التي تشجع الناس على اللقاء والتفاعل في الحياة اليومية، وتعزز التواصل الاجتماعي في المدن.(8)
كذلك، اعتمدت ألمانيا عام 2023 استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الوحدة، أطلقتها وزارة الأسرة وكبار السن والنساء والشباب. وتهدف الخطة إلى مواجهة العزلة الاجتماعية في جميع الفئات العمرية من خلال إجراءات تركز على رفع الوعي العام، وتعزيز البحث العلمي، وتطوير التدخلات الميدانية، وتشجيع التعاون بين القطاعات المختلفة، وتقديم دعم مباشر للأشخاص المتأثرين. (9)
وفي هذا السياق، يشدد تقرير منظمة الصحة العالمية على ضرورة اعتماد نهج شامل يشمل المجتمع بأسره، بحيث تعمل الحكومات جنبًا إلى جنب مع القطاعات التعليمية والصحية والاقتصادية والمدنية، مع إشراك الأشخاص الذين خاضوا تجربة الوحدة في تصميم السياسات والاستراتيجيات.
لكن رغم هذه الخطوات، يشير التقرير إلى أن التقييم العلمي لفعالية هذه السياسات لا يزال محدودًا، وأن العالم بحاجة إلى مزيد من التعاون وتبادل الخبرات لبناء نماذج ناجعة وشاملة.
نجاح الجهود لمواجهة وباء الوحدة يتطلب استراتيجيات مبنية على فهم ثقافي عميق – غيتي
ويقدّم المثال البريطاني صورة واضحة عن هذا التحدي؛ فقد أظهرت دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة The American Journal of Geriatric Psychiatry، بعنوان “هل نجحت الحملة البريطانية لإنهاء الوحدة في الحد من الشعور بالوحدة وتحسين الصحة النفسية لدى كبار السن؟”، أن أثر الحملة الوطنية ضد الوحدة كان محدودًا.
فقد حلّل الباحثون بيانات آلاف المسنّين في إنكلترا على مدى أكثر من عقد، ولم يجدوا تغيرًا يُذكَر في مؤشرات الشعور بالوحدة أو العزلة الاجتماعية أو الاكتئاب بعد تنفيذ الاستراتيجية.
وأشارت النتائج إلى أن الاستجابات المحلية التي أطلقتها السلطات لم تُحدث فرقًا ملموسًا، رغم تسجيل تحسن طفيف في معدلات الانخراط الاجتماعي لدى الفئات ذات التعليم والدخل الأعلى. ورجّح الباحثون أن معالجة الوحدة على نطاق واسع تتطلب جهودًا أطول أمدًا واستراتيجيات أكثر تحديدًا واستهدافًا.(10)
وفي هذا السياق، يرى تقرير منظمة الصحة العالمية أن نجاح الجهود لمواجهة وباء الوحدة يتطلب قيادة واضحة واستراتيجيات مبنية على فهم ثقافي عميق، إضافةً إلى قصص إنسانية تعبّر عن التجارب الحقيقية. فعندما تُدار هذه الحملات بذكاء وتعاون مجتمعي، يمكنها تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم إلى الوحدة، وتحويلها من حالة خجل إلى قضية تضامن.
ما يخرج به تقرير اللجنة المعنية بالتواصل الاجتماعي في نهاية المطاف هو رسالة بسيطة وعميقة في آن واحد: إن التواصل ليس ترفًا، بل حاجة بشرية أساسية تشكّل جزءًا من صحتنا العامة. فالوحدة ليست قدرًا محتمًا، بل نتيجة لظروف اجتماعية وسياسية وثقافية يمكن – ويجب – تغييرها.
عن : العربي
المراجع
[1] Sarah Johnson, WHO declares loneliness a ‘global public health concern’, The Guardian, November 16, 2023.
[2] منظمة الصحة العالمية، الشعور بالوحدة إلى تحقيق التواصل الاجتماعي: رسم طريق نحو مجتمعات أوفر صحة، 30 حزيران 2025.
[3] Lynn Berger, Who’s afraid of loneliness?, The Correspondent, April 13, 2020.
[4] Sophie McBain, How loneliness became an epidemic, The New Statesman, December 11, 2019.
[5] Michelle H. Lim & Ben J. Smith, More than 2 in 5 young Australians are lonely, our new report shows. This is what could help, The Conversation, July 30, 2025.
[6] Peter Walker, May appoints minister to tackle loneliness issues raised by Jo Cox, The Guardian, January 16, 2018.
[7] Katie Warren, Japan has appointed a ‘Minister of Loneliness’ after seeing suicide rates in the country increase for the first time in 11 years, Business Insider, February 21, 2021.
[8] AGE Platform, Proposal for National Strategy Against Loneliness in Denmark, July 7, 2023.
[9] Federal Ministry for Education, Family Affairs, Senior Citizens, Women and Youth, German Federal Government’s strategy to counter loneliness, November 5, 2024.
[10] Multiple Authors, Has the UK Campaign to End Loneliness Reduced Loneliness and Improved Mental Health in Older Age? A Difference-in-Differences Design, American Journal of Geriatric Psychiatry 32(12), October 2023.

