العرائش نيوز:
العلامات الأولى لتنزيل مقترحات التدخل في الشرفة الأطلسية بالعرائش لا تبشر بالخير، هذا التصميم الجديد الذي جاء باقتراح من لجنة متابعة المشروع، حول هذه المنطقة المقابلة للقنصلية من فضاء مفتوح على البحر إلى غابة من الأعمدة الإسمنتية، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل: هل حماسة التدخل جرفتنا نحو تشويه ما يُسميه البعض تشويهاً؟
هل أصبحت الشرفة الأطلسية لعبة يُخَرْبِش فيها كل على هواه؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى وقفة تأمل بعيداً عن الاندفاع والركوب على العواطف الجياشة.
الشرفة كانت بين رؤيتين: رؤية تراها مكاناً مقدسا لا يجب المساس به، ويجب أن يبقى كما كان، ورؤية تدفع نحو التجديد وجعله فضاء مفتوحا على البحر دون حواجز.

لكن الصراع بين الرؤيتين فتح المجال لرؤية تلفيقية، ألا وهي تطعيم الجديد بالقديم، الأمر الذي جعلنا أمام هرطقة هندسية قبيحة، لا هي أتت بجديد ولا هي حافظت على القديم.
المشكل أن هذه الأعمدة القبيحة ستمتد إلى وسط الشّرفة قرب العريشة الدائرية، لتنشر قبحَها بغابة من الأعمدة الإسمنتية، لن تقدم أي إضافة سوى دغدغة أحلام البعض من منطلق انتزعنا زغبة من القط، وهو في هذه الحالة المهندس الذي رفعت في وجهه الخناجر وصور كما لو كان جاسوس يريد العبث بتاريخ المدينة.
من تابع تدخلات اللجنة الممثلة للمجتمع المدني – التي انسحبت منها، كما انسحب منها كلُّ العقلاء وذوي الخبرة بعد جلسة أو اثنتين – ليفتح المجال لمقترحات تشطح في الخيال وتدخل في عالم السريالية: من يريد مسبحاً في الجزء السفلي، ومن يريد ملعب كرة طائرة، ومن يريد الحفاظ على “بيت العنكبوت” التاريخي، ومن يريد 12 عموداً على عدد أرقام الساعة، ومن يريد 365 عموداً على عدد أيام السنة… في إطار “ومال المهندس غَادي يَخْلَعنا” !
أظن أنه وبعد الانتهاء من هذا الشطر – المقابل للقنصلية – يجب أن نقيم “التدخل في التدخل”، لأننا نسينا أن الشَّرفة الأطلسية السابقة لم تعد موجودة، ومن كان يعبد الشرفة الأطلسية السابقة، عليه أن يراجع نفسه اليوم؛ لأننا أمام شرفة جديدة بمقاييس جديدة وبمساحات جديدة، وأي استرجاع للماضي من أجل توطينه في واقع حاضر اليوم لن ينتج إلا تشويهاً وقبحاً، فيتحوَّل ما اعتقدنا أنه دواء إلى سم قاتل.
نهيب بعقلاء المدينة من أجل وقْف مسلسل العبث هذا، والكفِّ عن استجداء الماضي والبكاء على الأطلال. هناك واقع جديد، ومن لم يفهم هذا فهو يخرب من حيث يظن أنه يُصلح.
أقول قولي هذا و….
-عماد الموسوي

