“تاريخ العرائش من بداية القرن السادس عشر إلى الاحتلال الإسباني للعرائش سنة 1610” (الحلقة الثانية والعشرون)

العرائش تحت الاحتلال الإسباني خلال القرن السابع عشر (I)

لم يكن احتلال العرائش كافيا لجل المشاكل الإسبانية بالساحل الأطلسي للمغرب فقد تحوّلت العمليات العسكرية صوب الجنوب خصوصا ميناء سلا، ويوضح لنا الأستاذ الحسين بوزينب في كتابه الموريسكيون وقصبة الرباط: وثائق تكشف جوانب تاريخية مجهولةص56، إلى ما أصبح يتخبط فيه الاحتلال الإسباني من مشاكل.

فهذا خوان لودوفيكو رودريغو وهو يهودي تطواني اعتنق المسيحية، ويسكن في لودي في دولة ميلانو يرفع مذكرة للحكومة الإسبانية تمتد عبر سبع صفحات، يعرض الأسباب والأهداف والوسائل التي يرتكز عليها اقتراحه باحتلال سلا فيقول: “لم يبق لملوك فاس ومراكش في نواحي إفريقية مدينة تتوفر على مرسى بحري غير سلا، كما لا يخص جلالتكم مرسى آخر غير هذا ليصبح سيد ذلك الشاطئ بأكمله. فإلى هذا المرسى تلتجأ سفن القراصنة التي تحدث أضرارا بالغة لرعايا جلالتكم. إنه يقترح وضعه في يد جلالتكم بكل سهولة وبأقل خسارة، وذلك بالاعتماد على الخطط المقدمة. فبعد الاستيلاء على العرائش بدأت تأتي إلى مرسى سلا المذكور سفن القراصنة التي كانت في السابق تذهب إلى مرسى العرائش بالغنائم والمسروقات التي تستولي عليها“.

تبين لنا هذه المذكرة عدة أمور، أولا فشل الاستراتيجية العسكرية الإسبانية التي كانت تعتقد أن احتلال العرائش كفيل بوضع حد لعمليات القرصنة التي كانت تتربص بسفنها، كما تبين لنا النشاط التجاري والقرصني الكبير الذي كانت تعرفه مدينة العرائش قبل الاحتلال الإسباني حيث يقول: “فبعد الاستيلاء على العرائش بدأت تأتي إلى مرسى سلا المذكور سفن القراصنة التي كانت في السابق تذهب إلى مرسى العرائش بالغنائم و المسروقات التي تستولي عليها“. مما يبين أن العرائش كانت سوقا دوليا مفتوحا للعمليات القرصنية وغنائمها. ونحن لن نتحدث عن الاقتراح الذي قدمه خوان لودوفيكو رودريغو لاحتلال سلا، وإنما سنحاول أن نتلمس الوضعية التي أصبح عليها ميناء العرائش بعد الاحتلال. فإذا كنا قد رأينا أن العرائش لم تعد تلعب دورا مهما بعد انتقال مركز التأثير إلى سلا، فإنها أصبحت، وهذا هو المهم، عبئا إضافيا للدولة الإسبانية بسبب الحصار الذي فرض عليها من قبل المقاومة المغربية، وكذا أضف إلى هذا كل الاعتمادات المالية والنفقات التي كانت تستلزمها المراسي المحتلة حديثا العرائش والمعمورة التي كانت من الحجم الذي لم يكن بالاستطاعة تلبيتها، ونقرأ في هامش 58 محضر مجلس الدولة الإسباني المؤرخ في 24 مارس 1614، أرشيف سيميناكس الرزمة 264E: ويقول الدوق مادينا سيدونيا كذلك أنه من الضروري مساعدة العرائش لأنها تحتاج إلى جميع الأشياء اللازمةص 119،.


شاهد أيضا
تعليقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.