العرائش نيوز:
في ليلة 15 من شتنبر 2024، شهد السياج الفاصل بين المغرب ومدينة سبتة المحتلة محاولة جماعية لاختراق الحدود من قبل مهاجرين مغاربة ومهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، في محاولة للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. ما يميز هذه المحاولة عن سابقاتها هو التحريض الواضح الذي قامت به بعض المجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم استخدام منصات مثل فيسبوك وواتساب لتنظيم هذه المحاولة، والتشجيع على اجتياز الحدود بشكل غير قانوني.
خلال الأسابيع التي سبقت محاولة الاختراق، رصدت السلطات الأمنية المغربية والإسبانية نشاطًا مكثفًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي يهدف إلى التحريض على الهجرة غير الشرعية. استُخدمت مجموعات مغلقة ومنصات مفتوحة لنشر دعوات لتنسيق عملية اقتحام جماعية للسياج الحدودي، مع وعود بنجاح المحاولة بسبب الأعداد الكبيرة والمشاركة المنظمة. تم تداول رسائل تشجيعية ومقاطع فيديو تُظهر نجاح بعض المحاولات السابقة، مما زاد من حماس المهاجرين للانضمام إلى المحاولة الجديدة.
- كيفية التحريض والتنظيم:
من خلال هذه المنصات الرقمية، تم توزيع معلومات تفصيلية حول مواعيد التجمع وأماكن الانطلاق، وحتى توجيهات حول كيفية تجاوز الإجراءات الأمنية. لعبت وسائل التواصل دورًا حاسمًا في تجميع المهاجرين من مناطق مختلفة، خاصة أولئك الذين يعيشون في تجمعات قريبة من الحدود، من خلال نشر معلومات مُفصلة حول نقاط الضعف المحتملة في السياج الحدودي، والتوقيت الأنسب للمحاولة، وغالبًا ما تم تقديم هذه المعلومات في إطار من التفاؤل والوعود بالوصول الآمن إلى الجانب الإسباني.
* الأساليب المستخدمة للتحريض:
- مجموعات على واتساب وتلغرام: تُعد هذه التطبيقات من أكثر الوسائل استخدامًا في تنظيم الهجرة غير الشرعية، حيث تم تبادل الرسائل النصية والصوتية التي تحث على الانضمام للمحاولة.
- مقاطع فيديو على فيسبوك: تم بث مقاطع تُظهر مهاجرين وهم يتسلقون السياج أو يصلون إلى الأراضي الإسبانية بنجاح، مع إبراز مشاعر الفرح والنجاح، في محاولة لجذب المزيد من المهاجرين للقيام بالمثل.
- شائعات مضللة: تم تداول معلومات مضللة حول تراجع الإجراءات الأمنية على الحدود أو حول تواطؤ بعض الجهات للسماح للمهاجرين بالعبور، مما زاد من جرأة المهاجرين وشجعهم على الانضمام.
ساهم هذا التحريض المنظم عبر الإنترنت في زيادة أعداد المهاجرين الذين شاركوا في محاولة الاختراق الجماعي للسياج الحدودي، ما جعل المحاولة أكثر تعقيدًا بالنسبة للسلطات المغربية والإسبانية. كما أدى هذا التحريض إلى رفع سقف توقعات المهاجرين بإمكانية النجاح في العبور، على الرغم من المخاطر الكبيرة المتعلقة بالتصدي الأمني والتضاريس الصعبة.
بعد هذه المحاولة، أعلنت السلطات المغربية عن تكثيف مراقبة الأنشطة الرقمية المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، حيث تم تتبع مصادر التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في الوقت ذاته، تعمل السلطات الإسبانية على تعزيز التعاون مع المنصات الرقمية لتقييد المحتويات التي تحرض على الهجرة غير الشرعية، مع اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يقفون وراء هذه الحملات.
في ظل الدور المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي في تحريض المهاجرين على القيام بمحاولات غير قانونية لعبور الحدود، بات من الضروري التعامل مع هذه المشكلة من منظور أكثر شمولية. يتطلب ذلك تعزيز التعاون بين الدول والمنصات الرقمية لرصد وتقييد الأنشطة التي تروج للهجرة غير الشرعية. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج السلطات إلى تقديم برامج توعية للشباب والمهاجرين المحتملين حول مخاطر هذه المحاولات، والتأكيد على البدائل القانونية للهجرة.
و حاليا، يسود قلق كبير من احتمال تكرار “سيناريو 15 شتنبر” في مدينة الفنيدق، حيث تنتشر دعوات جديدة للهجرة الجماعية في 30 من الشهر الجاري. ومع ذلك، يرى بعض الفاعلين أن هذه الدعوة لن تلقى نفس الاستجابة التي حصلت عليها سابقًا لعدة أسباب، إذ أشارت كريستينا بيريز، مندوبة الحكومة في سبتة المحتلة، في تصريحات للصحافيين إلى التعاون الكامل من جانب المغرب كما حدث في 15 شتنبر، مؤكدة على أهمية “تكرار سيناريو العلاقات الوثيقة نفسه” في حال تجدد تعبئة المواطنين بهدف الانتقال إلى سبتة.