العرائش نيوز:
يُحيي المغرب، إلى جانب باقي دول العالم، اليوم العالمي للهيموفيليا، المصادف لـ17 أبريل من كل سنة، في ظل مطالب متجددة بتحسين ظروف التكفل بالمصابين بهذا المرض الوراثي النادر، وتيسير ولوجهم إلى العلاجات الضرورية التي لا تزال، وفق متابعين، بعيدة المنال عن فئة واسعة من المرضى.
مرض نادر… ومعاناة صامتة:
الهيموفيليا، أو الناعور، هو اضطراب نادر في تجلط الدم، ناتج عن نقص أحد عوامل التخثر، ما يؤدي إلى نزيف متكرر قد يكون تلقائيًا أو ناتجًا عن إصابات طفيفة. ويؤثر المرض، الذي يُورّث جينيًا، بشكل خاص على الذكور، بينما تُعد الإناث ناقلات للمرض.
وتقدّر الجمعية المغربية للهيموفيليا عدد المصابين في البلاد بنحو 3000 حالة، إلا أن غياب التشخيص المبكر، خاصة في المناطق الهامشية، يجعل هذا الرقم مرشحًا للارتفاع. ويواجه المرضى تحديات متواصلة في الوصول إلى العلاج، خاصة العوامل المخثرة التي تظل باهظة الثمن ومحدودة التوفر، رغم محاولات وزارة الصحة إدماجها ضمن التغطية الصحية الأساسية.
ورغم إدماج المغرب لهذا المرض ضمن لائحة الأمراض النادرة، لا يزال غياب مراكز متخصصة، والنقص في التكوين الطبي، والتأخر في التشخيص من أبرز العراقيل التي تؤثر على جودة التكفل بالمصابين. ويؤكد مهنيون في القطاع الصحي أن مرضى الهيموفيليا في المغرب غالبًا ما يُواجهون نزيفًا مهددًا للحياة أو تلفًا مزمنًا في المفاصل، نتيجة التأخر في تلقي العلاجات الوقائية.
وبمناسبة اليوم العالمي للهيموفيليا، أطلقت عدة جمعيات وطنية، من بينها الجمعية المغربية للهيموفيليا، برامج توعوية تشمل ندوات علمية، وحملات إعلامية موجهة للرأي العام، وأيامًا مفتوحة لفائدة المرضى وعائلاتهم، بهدف رفع مستوى الوعي، وكسر وصمة المرض، والدفاع عن حق المصابين في العلاج المتكافئ، كما جدّدت الجمعيات مطالبتها للسلطات الصحية بإطلاق إستراتيجية وطنية شاملة تُعنى باضطرابات النزيف الوراثي، وتضمن التوزيع العادل للأدوية، والتكوين المستمر للأطر الطبية، والتتبع النفسي والاجتماعي للمصابين، خاصة الأطفال.
في هذا السياق، يؤكد المختصون أن معالجة الهيموفيليا لا تتوقف عند توفير الأدوية فقط، بل تتطلب مقاربة متعددة الأبعاد، تشمل التوعية المجتمعية، والتحسيس المبكر، والدعم النفسي والاجتماعي للمريض وأسرته، إلى جانب الاستثمار في العلاجات الحديثة التي أظهرت نتائج واعدة على الصعيد الدولي.
يمثل اليوم العالمي للهيموفيليا مناسبة لتسليط الضوء على معاناة فئة من المواطنين ظلّت لعقود في الهامش، ولم تنل حقها الكامل في الرعاية الصحية، ويطرح تساؤلات حقيقية حول مدى استعداد المنظومة الصحية الوطنية لمواجهة هذا النوع من الأمراض النادرة، في ظل محدودية الموارد وتزايد عدد الحالات المحتاجة إلى الرعاية الدائمة.