العرائش نيوز:
لأول مرة منذ انطلاق موسم أصيلة الثقافي قبل سبع وأربعين سنة، غابت شخصية مؤسسه الراحل محمد بن عيسى عن منصته، بعدما وافته المنية في فبراير 2024. غياب جسدي عوضه حضور قوي لذكراه وإرثه الفكري والدبلوماسي، حيث افتتحت مؤسسة منتدى أصيلة دورتها السادسة والأربعين بندوة تكريمية تحت عنوان: “محمد بن عيسى: رجل الدولة وأيقونة الثقافة”.
الفقيد الذي ارتبط اسمه بالمدينة الأطلسية وفتح لها أبواب العالمية، شغل مناصب رفيعة وطنياً ودولياً، بينها وزارة الثقافة، وزارة الخارجية، وسفارة المغرب بواشنطن. وقد استحضر الملك محمد السادس في رسالة وجهها إلى أسرته “مسيرة طويلة من العطاء الوطني المثمر، كرجل دولة مقتدر ودبلوماسي محنك، ومثقف شغوف حمل على عاتقه إشعاع مدينة أصيلة وطنياً ودولياً، وجسد مثال المواطنة المسؤولة”.
تكريم دولي واسع
الندوة التكريمية جمعت شخصيات بارزة من ثلاث قارات، بينها رؤساء دول ووزراء ومسؤولون أمميون. الرئيس السنغالي السابق ماكي سال وصف محمد بن عيسى بـ“رجل الدولة والمدافع الذي لا يكل عن الثقافة”، مستحضراً حضور أسلافه من قادة السنغال بموسم أصيلة ودور المنتدى في “مد الجسور بين الشعوب والحضارات”.
الأمير بندر بن سلطان، الذي تحمل مكتبة أصيلة اسمه، أشاد في كلمة تلاها عبد الإله التهاني بذكريات العمل المشترك مع الراحل في واشنطن، معتبراً أنه “كان نعم الرفيق في الدفاع عن قضايا الأمة”. أما مستشار ملك البحرين نبيل الحمر فتوقف عند “قدرة بن عيسى على جمع المثقفين والسياسيين والفنانين العرب، وإسهامه في بناء جسور الفهم والتعاون بين الحضارات”.
شهادات عربية ودولية
عدد من المسؤولين والدبلوماسيين قدموا بدورهم شهادات مؤثرة:
-
جمال سند السويدي، من مركز الإمارات للدراسات، وصف الراحل بـ“رائد للعمل الثقافي والدبلوماسي”.
-
عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، استعاد نقاشاً مطولاً جمعه بالفقيد أسبوعاً قبل وفاته، ونعاه باعتباره “سياسياً حكيماً يدير النقاش بعمق وصبر”.
-
محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة، قال إن المغرب فقد “شخصية لا تعوض جمعت بين السياسة والثقافة والدبلوماسية، وربط اسم أصيلة بإشعاع عالمي فريد”.
-
عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، اعتبره “تجسيداً للمواطن المغربي المرتبط بأمته وثقافته”.
-
وزراء خارجية سابقون من إسبانيا والبرتغال وكاب فيردي وغيرهم، أبرزوا مساهماته في جعل أصيلة منارة للحوار الثقافي والتعايش.
استمرار الإرث الثقافي
حاتم بطيوي، الأمين العام الجديد لمؤسسة منتدى أصيلة، أكد أن غياب المؤسس ترك “جرحاً كبيراً”، لكن إرثه الفكري والثقافي “يستمر بقوة عبر جهود الأعضاء والمثقفين ودعم المؤسسات الوطنية”. وأعلن أن الدورة الحالية تعرف مشاركة 350 شخصية من مجالات الفكر والفن والدبلوماسية، وهو ما يترجم – بحسبه – “ثمار مدرسة محمد بن عيسى التي جعلت من أصيلة منصة للإبداع والحوار والتعايش”.
بهذا الافتتاح، يتأكد أن موسم أصيلة، الذي فقد قائده التاريخي، يستمر كموعد ثقافي عالمي يحافظ على روح مؤسسه، ويجدد التزامه بجعل الثقافة جسراً بين الشعوب والحضارات.